أزمة هجرة الأطباء

رفعت فياض
رفعت فياض

نعم اصبحت هجرة الأطباء ظاهرة أصبح لزاما علينا أن ندرسها ونبحث عن أسبابها، ونضع الحلول لها على أمل أن نقلل من آثارها السلبية على المجتمع خاصة بعد أن طلب الرئيس عبد الفتاح السيسى فى حفل افطار الأسر المصرية دراسة هذا الموضوع قبل أن يتفاقم بشكل كبير.

وقد شاركت من جانبى فى الندوة المهمة التى تم عقدها بالنادى الطبى بمستشفى جامعة عين شمس تحت مظلة «صالون الجراح الثقافى» الذى يقوده العالم الجليل والجراح الماهر د.جمال سعيد خاصة بعد أن تقدم أيضا أكثر من 20 عضوا بمجلس النواب يطلبون مناقشة موضوع هجرة الأطباء.


ولكى ندرك مدى خطورة هذه القضية فإن لغة الأرقام تؤكد لنا أن عدد الأطباء العاملين فعلا فى كل مستشفيات مصر يصل حاليا إلى 82 ألف و200 طبيب من أصل 212 ألفاً طبيب مقيدين فى سجلات نقابة الأطباء أى بنسبة 28% فقط من إجمالى الاطباء المسجلين بها.

وقد تناولت هذه الندوة العديد من الأسباب التى ساهمت فى تفاقم هذه الأزمة ووجود عجز أكبر فى بعض التخصصات وكان السبب فى ذلك هو قانون تكليف الأطباء 1974 الذى قصر التخصص على تخصصات بعينها بالإضافة إلى الاتجاه غير المحمود فى تقليل عدد من يلتحقون بكليات الطب كما طلب قبل ذلك د. حمدى السيد نقيب الأطباء السابق، بالإضافة إلى العزوف شبه الكامل عن التخصصات النادرة مثل التخدير والرعايات الحرجة، وتدنى مرتبات الأطباء، والوقوع كثيرا بين أنياب القانون وابتزاز المرضى، كما أن الطبيب ليس له حماية قانونية واضحة، بالإضافة إلى الدور السلبى للإعلام الذى كثيرا مايشوه صورة الأطباء عند حدوث أى مشكلة طبية لأى مريض وكأن الطبيب هو المتسبب فيها، حتى إن وكيل وزارة الصحة أعلن مؤخرا أننا نتلقى كل عام مايقرب من 1200 شكوى من المواطنين ضد الأطباء وهناك من المرضى من يتوجه مباشرة إلى قسم الشرطة لتحرير محضر بواقعة الإهمال وتتم إحالة هذه البلاغات إلى النيابة العامة، كما أسس عدد من المحامين جمعية مناهضة إهمال الأطباء (أحيانا قبل العلاج)، والغريب أن هجرة الأطباء لم تعد فقط إلى دول الخليج ـ كما يتوقع البعض ـ بل أصبحت لدول الغرب التى بدأت ترحب بهم بشكل كبير.

نعم القضية خطيرة، وكما قال د.حسن شاكر أستاذ الجراحة ومدير مستشفى عين شمس التخصصى السابق فإن العمود الفقرى للخدمة الطبية فى مصر قد بدأ يتآكل ولابد أن نتحرك لعلاجه خاصة عندما نعلم أن بريطانيا قد عينت لديها فى السنوات الثلاث الأخيرة 7200 طبيب مصرى بعد أن لمست مستوى التعليم الطبى الجيد عندنا وأصبحت تعينهم بلا معادلة، وللأسف من يهاجر منهم هم بمثابة كريمة الأطباء الشبان عندنا.

وكما قال أيضا أستاذ الجراحة د. علاء خليل فإن هناك كثيرا من المبعوثين المصريين من الاطباء لا يعودون إلى الوطن مرة أخرى بعد أن وجدوا مناخا جيدا بالنسبة لهم ماديا وأكاديميا، كما أن 65% من أطباء وزارة الصحة قد اتجهوا أيضا للهجرة الخارجية لنفس السبب، ومعهم العديد من الأطباء من الهيئة المعاونة أو المدرسين.


نعم.. القضية بالفعل أصبحت خطيرة، ولابد أن نبحث كيفية مواجهتها بمختلف السبل حتى لا تتفاقم أكثر مما هى عليه الآن.