«الأوبئة».. السلاح الجديد لإرهاب البشر

اللقاحات المعتمدة على  mRNA  المنقذ
اللقاحات المعتمدة على mRNA المنقذ

كتبت: دينا توفيق

هدأت نيران فيروس كوفيد-19 وأُخمدت سلالاته، بعد أن ألتهمت الجميع وأتت على الأخضر واليابس؛ خسائر بشرية واقتصادية فادحة.. ومع محاولات العالم التعافى من الأضرار التى ألمت به، بدأ انتشار وباء كان حدوده داخل أفريقيا إلا أنه تسلل إلى أكثر من 30 دولة حتى الآن وعدد إصابات مُؤكدة تعدت 500 حالة.. اكتشافات لمختبرات بيولوجية تدار فى سرية تامة فى بلدان أوروبية وآسيوية.. تحذيرات من مخاطر هجمات وبائية قادمة، وضرورة الاستعداد لها واستثمار مليارات الدولارات فى البحوث واللقاحات، يبدو أن العالم فى مواجهة إرهاب بيولوجى وحرب مع أوبئة عليه أن يتعامل معها كما يعامل الأسلحة الكيميائية..

التحذير كما اعتدنا عليه جاء من مؤسس مايكروسوفت ابيل جيتسب خلال مقابلة مع وزير الدولة للصحة فى بريطانيا اجيريمى هانتب حول تبادل السياسات الوقائية لمواجهة الأوبئة فى نوفمبر الماضى؛ حينها حذر عملاق التكنولوجيا من أن العالم اسيكون على موعد مع أوبئة أخرى تهدد البشريةب، محذراً من هجمات إرهابية بيولوجية يستخدم فيها فيروس الجدرى (smallpox) أو أوبئة أخرى قد تظهر فى المستقبلب وفقًا لصحيفة اإيفينينج ستاندردب البريطانية. وقال إنه سيواصل الحديث عن التأهب لمواجهة الأوبئة، كجزء من عمله كمُحسِّن؛ من خلال استثمار مليارات الدولارات على البحث والتطوير وجعل اللقاحات رخيصة، وامتلاك مصانع كبيرة، والقضاء على الإنفلونزا، والتخلص من نزلات البرد.

 

ليست هذه هى المرة الأولى التى يحذر فيها جيتس الحكومات من مخاطر هجوم إرهابى بيولوجى، حيث تم الإعلان عنه فى مؤتمر ميونيخ للأمن عام 2017؛ قائلًا: ايمكن أن ينشأ الوباء التالى على شاشة كمبيوتر لإرهابى عازم على استخدام الهندسة الوراثية لتخليق نسخة اصطناعية من فيروس الجدرى.. أو سلالة شديدة العدوى ومميتة من الإنفلونزاب. كما تم التخطيط لبرنامج محاكاة جدرى القرود فى وقت مبكر؛ بدأت فى ديسمبر2020 باجتماع كبار مسئولى الأمن القومى والأسلحة البيولوجية وكيانات أمريكية أخرى بما فى ذلك وزارة الأمن الداخلى والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ووزارة الخارجية وجامعة الدفاع الوطنى وجون هوبكنز ومدرسة تشان للصحة العامة، وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، فى الولايات المتحدة تحت رعاية مبادرة التهديد النووى اNTIب، وهى منظمة غير ربحية أسسها السيناتور الأمريكى السابق اسام نانب ورجل الأعمال الأمريكى اتيد تيرنرب؛ جاءت مشاركة هؤلاء الخبراء كأفراد - وليسوا كممثلين لمنظماتهم- وهم لا يؤيدون بالضرورة التوصيات الواردة فى هذا التقرير.

 

وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكيةFDA، فى سبتمبر 2019 على لقاح الجدرى وجدرى القرود، كأول تسويق تجارى مسموح به أو استخدام المنتج فى الولايات المتحدة. وفى مارس 2021، ركز تمرين محاكاة دقيق ومخيف فى مؤتمر ميونيخ للأمن على تفشى مرض جدرى القرود؛ وكان المرض الافتراضىب النادر الذى بدأ بالضبط عندما حدث المرض الحقيقى، وأعقب ذلك بثمانية أشهر تحذير جيتس من انتشار المرض، وفقًا لصحيفة انيويورك بوستب. وفى مايو الماضى، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن جائحة جدرى القرود، والتسويق للقاحاته مع الاستمرار فى الدعاية لدعم معاهدة منظمة الصحة العالمية بشأن الأوبئة، مقرونة برمز الاستجابة السريعة اQR Code.

 

تربط تيرنر علاقة وثيقة بجيتس، وهو عضو فى انادى الخيرب الذى يضم مليارديرات أمريكا وارن بافيت وجورج سوروس ومايكل بلومبرج وإيلون ماسك وجيف بيزوس وأوبرا وينفرى وغيرهم الكثير، يُعرف النادى بتصميمه على امحاولة خفض عدد سكان العالمب وفقًا لصحيفة اوول ستريت جورنال.

 

وبدأت محاكاة سيناريوهات الأوبئة مع اسيناريو خطوة الغلقب من قبل مؤسسة روكفلر عام 2010 كوسيلة لتنفيذ الحوكمة العالميةب. وفى تقرير روكفلر المعنون سيناريوهات لمستقبل التكنولوجيا ومنطقة التنمية الدولية تم التفكير فى سيناريوهات الحوكمة العالمية والإجراءات التى يجب اتخاذها فى حالة حدوث جائحة عالمية. ومن الجدير بالذكر أنه فى حين أن فريق ديسمبر 2020 الذى صاغ مشروع المحاكاة كان حصريًا من الولايات المتحدة الذين يركزون على قضايا الأمن القومى، فإن المشاركين كانوا من Big Pharma و Wellcome Trust  ومنظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة، وكذلك ممثلون من الاتحاد الأوروبى والصين وأفريقيا. يصور السيناريو وباءً عالميًا مميتًا يتضمن سلالة غير عادية من فيروس جدرى القرود التى ظهرت فى دولة ابرينياب الخيالية وانتشرت على مستوى العالم على مدار 18 شهرًا. وكشف السيناريو أن التفشى الأولى كان بسبب هجوم إرهابى باستخدام عامل ممرض تمت هندسته فى المختبر مع عدم كفاية أحكام السلامة البيولوجية والأمن البيولوجى والرقابة الضعيفة. وفى النهاية أدى الوباء الخيالى إلى أكثر من ثلاثة مليارات إصابة و 270 مليون حالة وفاة فى جميع أنحاء العالم.

 

وبعد التقارير الروسية المتعلقة بالمختبرات البيولوجية فى أوكرانيا، اكتسب موضوع أبحاث الأسلحة البيولوجية اهتماما عالميا، ما أدى إلى تدقيق كبير. ولم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى تم اكتشاف أن أوروبا الشرقية ليست المنطقة الوحيدة على هذا الكوكب التى اختارتها الولايات المتحدة لتشغيل هذا النوع من الأنشطة السرية؛ حيث تشير الدلائل إلى وجود مختبرات بيولوجية فى إندونيسيا، ما يزيد من مخاوف المجتمع الدولى بأكمله من هذا التهديد. ومن ناحية أخرى، كشفت دراسة نشرها المعهد الوطنى للصحة فى البرتغال عن أدلة على أن الفيروس المسئول عن تفشى مرض جدرى القردة الذى يجتاح أوروبا وأمريكا وأستراليا، تم التلاعب به فى المختبر. لطالما كان المرض نادرًا للغاية وتم التعرف عليه لأول مرة فى البشر عام 1970 فى جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومع تسجيل أول حالة خارج أفريقيا عام 2003، فى الولايات المتحدة، ولم ينتشر مثل الآن فى العديد من البلدان فى نفس الوقت.

 

فيما بدأت منظمة الصحة العالمية برئاسة اتيدروس أدهانوم جيبريسوسب فى صياغة امعاهدة الوباءب من أجل التأهب للأوبئة والتى من شأنها أن تمنح المنظمة سلطة مطلقة على الأمن البيولوجى العالمى، مثل القدرة على تنفيذ الهويات الرقمية وجوازات السفر الخاصة باللقاحات واللقاحات الإلزامية وقيود السفر وعمليات الإغلاق والرعاية الطبية الموحدة. كما اقتراح جيتس إنشاء وكالة عالمية لمكافحة الأوبئة، فريق الاستجابة والتعبئة العالمية للأوبئة أو كما أطلق عليه اجرثومةب (GERM)، بتمويل سنوى يبلغ مليار دولار، أى أقل من الإنفاق الدفاعى العالمى السنوى. لقد استبدل قادة العالم االحرب على الإرهابب بسرد جديد عام 2014؛ الوباء الدائم، حيث سيتم التحكم فى المجتمعات تحت ستار اعوامل ومسببات الأمراضب. وفى خريف العام ذاته، استضاف الرئيس الأمريكى الأسبق اباراك أوباماب أول اجتماع لجدول أعمال الأمن الصحى العالمى (GHSA)، والذى ارتقى لاحقًا إلى أولوية وطنية؛ حيث كان التركيز على أهمية المواجهة الجماعية لاندلاع الأمراض المعدية.

 

ووفقًا لصحيفة اواشنطن بوستب، أكدت عضو الكونجرس الجمهورى السابق اميشيل باخمانب أن إدارة الرئيس الأمريكى اجو بايدنب أدخلت تعديلات على قانون الصحة العالمى التى ااقترحت أن تتنازل جميع دول الأرض عن سيادتها على قرارات الرعاية الصحية الوطنية الخاصة بها إلى منظمة الصحة العالمية.