ما حكم من نذر أن يذبح دون أن يحدد ذبيحته؟ الافتاء تُجيب 

أرشيفية
أرشيفية

ورد إلى دار الافتاء سؤالا يقول فيه صاحبه، نذرت أن أذبح شيئًا لله إذا تحقق لي شيء معين، وقد تم تحقق هذا الشيء، وكانت أختي تريد الذبح، فهل لي أن أشترك معها في عجل صغير، أم لا بد أن أفرد الذبح؟.

وأجابت الدار بأن بعض الناس يقوم بالنذر المعلق على وقوع شيء، ويحدد المنذور، وأحيانًا لا يحدد المنذور، بل يطلقه كما في هذا السؤال.

والنّذر: مَا يقدمهُ الْمَرْءُ لرَبه أَو يُوجِبهُ على نَفسه من صَدَقَة أَو عبَادَة أَو نَحْوهمَا، والجمع: نذور. ينظر: "المعجم الوسيط" (ص: 912، مادة: ن ذ ر، ط. دار الدعوة).

ومن معانيه في الفقه: الْتِزَامُ قُرْبَةٍ لَمْ تَتَعَيَّنْ. ينظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (6/ 231، ط. دار الكتب العلمية).

وأوضحت الدار أن هناك فرقًا بين النذر المبهم والنذر المطلق، فالنذر المبهم لا يعين فيه الناذر عبادة بعينها؛ قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (10/ 5، ط. مكتبة القاهرة): [النذر المبهم، وهو أن يقول: لله عليَّ نذر. فهذا تجب به الكفارة في قول أكثر أهل العلم.

وروي ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وجابر وعائشة رضي الله عنهم، وبه قال الحسن وعطاء وطاوس والقاسم وسالم والشعبي والنخعي وعكرمة وسعيد بن جبير ومالك والثوري ومحمد بن الحسن. ولا أعلم فيه مخالفًا إلا الشافعي، قال: لا ينعقد نذره، ولا كفارة فيه؛ لأن من النذر ما لا كفارة فيه.

وتابعت الدار، ولنا ما روى عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «كَفَّارَةُ النَّذْرِ إذَا لَمْ يُسَمِّهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ» رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب. ولأنه نص، وهذا قول من سمينا من الصحابة والتابعين، ولا نعرف لهم في عصرهم مخالفًا؛ فيكون إجماعًا] اهـ.

وأمَّا النذر المطلق فهو الذي عين فيه الناذر عبادة لكنه لم يعين مقدارها، وهذا هو المسؤول عنه هنا.

وحكم النذر المطلق أن يكلف الناذر بفعل ما طلب الشارع فعله من جنس ما عينه الناذر، فإن كان عين صيام أو صلاة فعليه فعل المشروع من الصيام والصلاة، لكن هل يفعل الواجب من العبادة أو الجائز منها؟ خلاف بين الفقهاء أحيانًا في داخل المذهب الواحد، وعليه يكون المطلوب من صاحب السؤال أن يذبح من النعم ما يجزئ في الواجب من الذبائح، أو من المسنون منها، على الخلاف المذكور.

ولما كان المسنون- فضلًا عن الواجب- له شروط كالسن، وجب الإتيان بها في المذبوح، فإن اشترك الناذر في ذبيحة كبيرة كبقرة وجب ألا تقل حصة الناذر عن السبع؛ لأنها تجزئ عن سبعة، مع إتمام باقي الشروط، أما ذبح البقرة الصغيرة التي لم تبلغ السن الشرعي في القربة فلا تجزئ في القربة ولو ذبحها شخص واحد.

والدليل على ذلك أن الناذر الْتَزَمَ عِبَادَةً عِنْدَ مُقَابَلَةِ شَرْطٍ، فَتَلْزَمُهُ عِنْدَ وُجُودِهِ؛ ولأن النصوص الكثيرة وردت بالأمر بالوفاء بالنذر، والأصل في الأمر الوجوب.