حظر الدول لصادراتها يهدد بمأساة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بقلم : آمال المغربى - مروى حسن حسين - سميحة شتا - مرام عماد المصرى

الجوع المزمن كان يمثل  أزمةً عالميّة حتى قبل اندلاع الحرب فى أوكرنيا حيث كان يوجد  800 مليون شخص فى أمس الحاجة للغذاء. وجاء غزو روسيا لأوكرانيا - اللتين تُوفران ما يصل إلى 12 %من إجمالى المبادلات الغذائية عالميًا - ليجعل هذه الأزمة أكثر صعوبة والجوع أكثر حدة.
نتيجة لأزمة الغذاء المستمرة التى تفاقمت بسبب الحرب وتغير المناخ والآثار المستمرة لجائحة فيروس كورونا وارتفاع أسعار الطاقة ظهر مصطلح المجاعة الجماعية. ووفقًا لديفيد بيسلى رئيس  برنامج الغذاء العالمى التابع للأمم المتحدة، فإن هذه المؤشرات تعنى أن حوالى 323 مليون شخص «يسيرون نحو المجاعة» وحوالى 49 مليونًا «حرفيًا على عتبة المجاعة»..  ومع توقعات الصين بسوء محصولها من القمح هذا العام بسبب الأمطار، وتعليق الصادرات الهندية، ، يهدد نقص الأمطار باستنزاف المحاصيل فى سلال الخبز الأخرى، بدءا من حزام القمح الأمريكى وصولا إلى منطقة بو فى فرنسا. كما يعانى القرن الإفريقى من أسوأ موجة جفاف منذ أربعة عقود من المتوقع أن تزيد الأمور سوءا..  كما أدى ارتفاع تكلفة المواد الغذائية الأساسية بالفعل لزيادة عدد الأشخاص الذين لا يستطيعون الحصول على ما يكفى من الطعام، بمقدار 440 مليونا، ليصل إلى 1.6 مليار شخص. وأصبح ما يقرب من 250 مليونا على «شفا المجاعة».
الاكثر خطورة  ان منطقة الساحل فى إفريقيا تتجه نحو أزمة غذاء لم يعد أمام العالم سوى أسابيع لتفاديها ويعنى ضعف موسم الأمطار فى حزام الساحل الذى يمتد من موريتانيا إلى السودان الى  ان الخسائر البشرية هذا العام قد تكون مرتفعة مثل عام 2005 عندما دفعت اللقطات التلفزيونية للاطفال وهم يتضورون جوعا العالم للتحرك... لكن بعد فوات الاوان.

تسبب الحصار البحرى الروسى لموانئ أوكرانيا الواقعة على البحر الأسود، بتوقف شحنات الحبوب من رابع أكبر مصدر للقمح والذرة فى العالم، ما أثار شبح نقص الإمدادات والجوع فى البلدان منخفضة الدخل، ناهيك عن فرض 23 دولة قيودًا صارمة على الصادرات الغذائية التى تغطى 10٪ من الواردات الغذائية المتداولة عالميًا ليفاقم الوضع سوءا.


وضعت الهند، ثانى أكبر منتج للقمح فى العالم منتصف مايو الماضى ، قيودًا على تصدير هذه السلعة، كما وضعت أيضاً سقفاً أقصى لصادرات السكر عند 10 ملايين طن بهدف إبقاء الأسعار المحلية للسكر منخفضة.


اعتبر الخبراء أن قيام الهند بحظر تصدير القمح سيسهم فى تعميق الأزمة الغذائية ومعدلات التضخم العالمية، عبر رفع الأسعار العالمية للقمح لمستويات قياسية جديدة، ما سيؤثر سلبا على المستهلكين الفقراء فى بلدان آسيا وأفريقيا التى تعتمد على القمح بشكل رئيسي.


قامت دول اخرى، مثل صربيا وكازاخستان وكوسوفو بتقييد صادرات القمح هذا العام، وقيدت دول أخرى صادراتها من السكر والزيت النباتى و الذرة. فى الشهر الماضى رفعت اندونيسيا التى تنتج 60% من إجمالى زيت النخيل فى العالم حظرا مؤقتا على صادراتها منه.


وبالرغم من تداعيات الحرب فى أوكرانيا-أحد منتجى القمح الرائدين فى العالم-الا انه يوجد من القمح ما يكفى لإطعام العالم جميعا فالمشكلة ليست فى الانتاج، الا أنه يمكن للمنتجين الرئيسيين خارج أوكرانيا، بما فى ذلك الهند والأرجنتين وأستراليا وكندا، تعويض معظم القمح الذى قيدته الحرب الروسية.

لكن المشكلة تكمن فى أن نقل القمح إلى حيث يجب أن يكون أكثر تكلفة من أى وقت مضى، وهذه المشكلة قد تزداد سوءًا. وقد حذر الخبراء من أنه إذا استمر منتجو القمح فى فرض قيود على صادراته، فستستمر الأسعار فى الارتفاع لمستويات لا يمكن السيطرة عليها وسيعانى المزيد من الأشخاص من الجوع.


فقد وصلت أسعار المواد الغذائية لمستويات قياسية خلال العامين الماضيين وظلت ترتفع بشكل مستمر، ثم جعلت الحرب فى أوكرانيا الوضع أسوأ، حيث تنتج روسيا وأوكرانيا نسبًا كبيرة من القمح وزيت عباد الشمس.

وغيرهما من السلع الغذائية الحيوية فى العالم، ويعد ارتفاع أسعار الوقود أيضًا عاملاً رئيسياً فى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، حيث إن الغذاء الآن يكلف المزيد من التخزين والمعالجة والنقل.


ستحدد صرامة القيود التى تفرضها الهند مدى تأثيرها على أسعار الغذاء العالمية، وكانت الهند قد أعلنت بالفعل أنها ستسمح بالتصدير قبل 13 مايو، وأنها ستستمر فى التجارة مع البلدان التى تعانى من انعدام الأمن الغذائى لا سيما فى المنطقة. إذا انتهى الأمر بالهند عمليًا إلى تصدير ما سيكون لديها فى الأساس على أى حال، فلن يكون لقيود التصدير نفسها الكثير من الآثار السعرية طويلة الأجل للعالم.


رجحت مؤسسة «ستاندرد أند بورز» استمرار أزمات الغذاء حتى عام 2024 أو ربما بعد ذلك، وحذرت من أن ذلك قد يؤثر على الاستقرار الاجتماعى والنمو الاقتصادى والتصنيفات السيادية للدول.

وأيضاً، حذرت لجنة الإنقاذ الدولية العالم من «تداعيات الجوع» الوشيكة إذ يمكن دفع 47 مليون شخص إضافي، معظمهم فى القرن الإفريقى والساحل وأفغانستان واليمن، إلى براثن الجوع الحاد.

اقرأ ايضا | الحرب الروسية الأوكرانية سبب ارتفاع تكاليف المعيشة