كتب: محمد كمال
جاءت مفاجأة غير متوقعة لتضرب الوسط السينمائي من جديد، من خلال إعلان إدارة مهرجان الجونة السينمائي تأجيل فعاليات دورته السادسة التي كان من المفترض إقامتها في 13 أكتوبر المقبل إلى 21 من نفس الشهر، وجاء البيان الرسمي من المهرجان ليوضح عن سبب التأجيل بأنه جاء لرغبة إدارة المهرجان لتصحيح الأخطاء، ولتكون الدورة المقبلة إنعكاسا قويا لرسالة مهرجان الجونة السينمائي منذ انطلاق دورته الأولى عام 2017، وليكون المنصة السينمائية الأهم إقليمياً، بل وعالميا، وكذلك سيتم وضع قائمة متنوعة من المدعوين لضمان تبادل الخبرات بين كافة الأجيال والجنسيات المهتمة بصناعة السينما التي لاطالما تصدرت مصر ساحتها عربيا وإقليميا، وهو ما قد يتعذر تحقيقه في ظل الظروف العالمية الراهنة.
وأضافوا في البيان أن هذا القرار جاء حرصا وإيمانا من إدارة المهرجان على تعزيز الدور الحيوي الذي يلعبه على المستويين الفني والسياحي محليا وعالميا، أخذا في الاعتبار التحديات العالمية الحالية، والتي قد تعوق إضفاء الصبغة العالمية والإقليمية والتي تسعى إدارة المهرجان لتحقيقها والتأكيد عليها منذ الدورة الأولى للمهرجان، وقد تم الوضع في الاعتبار الظروف العالمية الحالية التي قد تحول دون خروج المهرجان بالصبغة العالمية التي تطمح اللجنة المنظمة للمهرجان في وجودها ليستكمل المهرجان دوره الحقيقي كمنصة سينمائية وفنية وثقافية هامة.
واختتم البيان المفاجئ بأن قرار التأجيل سيتيح مزيدا من الوقت لوضع استراتيجية متكاملة للدورة السادسة ترتقي إلى التوقعات المتزايدة من المهرجان لتسمح بالتركيز على الجانب الفني والسينمائي في الدورات المقبلة مع اتخاذ الخطوات الأنسب للمهرجان ليستمر في القيام بدوره الرائد والمساهمة في تطوير الشبكات الإقليمية والدولية الخاصة بصناعة السينما.
وهنا يتم طرح السؤال الأهم، “هل القرار إرجاء الدورة السادسة أم أنه تمهيد للإلغاء؟”.. لأن البيان الذي أصدرته إدارة المهرجان لم تعلن فيه عن إقامة الدورة السادسة العام المقبل، صحيح أن الدورة الماضية شهدت في أيامها الأخيرة سلسلة من الاضطرابات التي أدت إلى استقالة المدير الفني المخرج أمير رمسيس وعدم إكمال مهمة عمله وعودته للقاهرة، وبعد انتهاء الدورة جاءت استقالة بشرى مدير العمليات وإحدى مؤسسي المهرجان لتؤكد على وجود أزمات من الداخل دون الإعلان عن أسباب محددة سوى أنها تريد التركيز من جديد على مسيرتها كممثلة، لكن جاء بعد ذلك إعلان مدير المهرجان الناقد انتشال التميمي عن كشف تواريخ ومواعيد الدورات الثلاث المقبلة أي السادسة والسابعة والثامنة ليصبح أمام الوسط السينمائي أن المهرجان مستمر، وأن ما حدث مجرد تغييرات في فريق العمل ليس أكثر، لكن المهرجان ككيان متواجد ومستمر.
وبرغم رفض المسئولين عن المهرجان الحديث عن البيان أو عن الأسباب الحقيقية وراء قرار إرجاء الدورة السادسة أو مناقشة فكرة إستمرار المهرجان من عدمها، إلا أن معظم التوقعات تشير إلى أن الظروف الاقتصادية التي يعاني منها العالم، وتأثر أسرة آل ساويرس ممولي المهرجان إقتصاديا، أدى لصعوبة في إستمرار تمويل المهرجان، والبداية ستكون إرجاء الدورة المقبلة قبل الإعلان الرسمي عن ضرب المسمار الأخير في نعش المهرجان الذي نجح في فرض نفسه بقوة على الساحة السينمائية في مصر وعلى مستوى الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط من خلال المعيار الفني وجودة الأفلام التي نجح المهرجان في جلبها على مدار 5 دورات، لدرجة وصلت إلى أن مقارنة مستوى أفلام المسابقة الرسمية للجونة تتفوق على نظيرتها لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
خسر الوسط السينمائي رافد مهم لصناعة السينما ليس على مستوى الأفلام فقط، لكن أيضا على مستوى صناديق الدعم للسينمائيين الشباب الذين وجدوا ضالتهم في هذا المهرجان، ليكون نواة لباكورة أعمالهم، ورغم الحالة الجدلية التي كان يفرضها مهرجان الجونة كل عام من خلال السجادة الحمراء وفساتين النجمات وتصريحات النجوم، إلا أنه فنيا من أقوى المهرجانات السينمائية في المنطقة.