الوزارة: حملات منظمة للتشويه ونشر الشائعات

وزارة التربية والتعليم| «معوقات» ومحاولات لتفشيل خطط الوزارة في التطوير

وزارة التربية والتعليم
وزارة التربية والتعليم

كتب: أحمد جمال

مع انطلاق امتحانات الثانوية العامة يصل الجدل إلى ذروته حول القضايا التعليمية وما يتعلق بها من قرارات تتخذها وزارة التربية والتعليم بشأن الإعداد للامتحانات وأساليب التقويم التى تتبعها ويثار جدل متكرر حول مدى قدرتها على تحقيق الانضباط داخل اللجان وغيرها من التطورات التى تظل على رأس اهتمامات الرأى العام فى هذه المرحلة.. وهنا يبرز السؤال: هل المشكلة فى قرارات الدكتور طارق شوقى أم أن هناك مبالغات من جانب البعض وحملات منظمة لتشويه خطط التطوير وعرقلتها؟!

 

يأخذ الجدل أبعاداً منذ إقرار ما يمكن وصفه بالثانوية العامة المعدّلة التى شهدت تعديلات على طرق التعلم بإدخال التابلت واستحداث طرق تقويم جديدة ترتب عليها أن الامتحانات أصبحت بنظام الأوبن بوك واختلفت فلسفتها تماما بعد أن كانت قائمة على الحفظ والأسئلة المقالية، قبل أن تتصدر فلسفتها الجديدة مهارات التفكير العليا والأسئلة الموضوعية أى (الاختيار من متعدد).

 

وفى العام الحالى تواجه وزارة التربية والتعليم سيلا من التحديات بعد ما حدث فى امتحانات الصفين الأول والثانى الثانوى وما صاحب إعلان النتيجة التى تأخرت لأول مرة ليتم الإعلان عنها فى غالبية المدارس قبل أيام قليلة من انطلاق امتحانات الثانوية العامة، ما أدى لتخوف أولياء أمور طلاب الثانوية العامة من تكرار الأمر ذاته، خاصة أن هناك تشابها بين نوعية الأسئلة فى كلتا المرحلتين.

 

ومرت الثانوية العامة هذا العام بمنعطفات عديدة وأثارت جدلاً واسعًا حول إجراء الامتحانات إلكترونياً من خلال التابلت أم ورقية عبر البابل شيت أم المزج بينهما، وحسمت الوزارة موقفها قبل شهرين من بدء الامتحانات، كما اتخذت قراراً بمنع دخول الكتاب المدرسى الذى تقوم على أساسه امتحانات الأوبن بوك قبل أن تقرر استبداله بورقة أو مجلدات المفاهيم، وهو ما أثار حالة من الجدل قبل أن تطمئن الوزارة الطلاب بإتاحة المجلدات إلكترونيًا، وعلى مدار العام الدراسى لم يتوقف النقاش حول آليات الامتحان وطرق التعلم وإتاحة المناهج على المنصات الإلكترونية.

 

ما حدث هذا العام فى الثانوية العامة يتكرر باستمرار مع كل خطوة أو قرار جديد يتخذه الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم منذ أن أعلن تطوير المنظومة التعليمية قبل أربع سنوات، ويبقى هناك رأيان كلاهما يحمل قدرا من المنطقية، فهناك من يرى أن المشكلات التى تتسبب فيها القرارات الجديدة تقود لهذا الجدل المتكرر، وآخرون مقتنعون بنظرية المؤامرة التى تشير إلى أن هناك أطرافا لديها مصلحة فى بقاء الأوضاع كما كانت عليه وتفتعل الأزمات.

 

وقال مصدر مطلع بوزارة التربية والتعليم، لـآخرساعة: إن الوزارة تواجه بشكل ممنهج سيلا من الشائعات والأخبار غير الدقيقة بشأن كل ما تتخذه من قرارات، وتحديداً التى ترتبط بالثانوية العامة، ودائما يكون هناك توضيحات لكل الأقاويل التى تنتشر على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعى بشكل مباشر من الوزير لحسم الموقف بشأنها.

 

وأضاف أن الوزارة تواجه حملات منظمة من أصحاب المصالح وجماعات الضغط الاجتماعى التى يقودها معلمو الدروس الخصوصية والقائمون على الكتب الخارجية يحاربون تطوير الثانوية العامة بكافة السبل، لأنهم يدركون أن التحوُّل من الحفظ إلى الفهم والبحث لن يكون فى صالحهم على المدى البعيد، كما أن بنك المعرفة وآليات البحث المتطورة تقضى على بيزنس الدروس الخصوصية، بالتالى تبقى هناك محاولات حثيثة لإفشال خطوات الوزارة.

 

وأشار الدكتور طارق شوقى فى تصريحات له إلى أن مواقع التواصل الاجتماعى لديها القدرة على نشر شائعات لا صحة لها على نطاق واسع، وأن ذلك حدث فى واقعة المدرسة التى شهدت مظاهرات بحجة أنها لم ينجح فيها سوى 15 طالبا فقط فى الصف الثانى الثانوى، فى حين أن الواقع يشير إلى أن نسبة النجاح بلغت 92% وأن هناك 700 طالب نجحوا فى الاختبارات، ورغم أن الوزارة نشرت النتيجة الرسمية فإن أساليب الضغط على الوزارة وتوظيف مواقع التواصل يجعل الشائعة منتشرة بشكل مستمر، لافتًا أن الوزارة أجابت عن كافة التساؤلات المرتبطة بامتحانات الثانوية العامة وفعلت كل ما فى وسعها حتى تمر هذه الامتحانات بهدوء. وتابع: انبهنا كل من يعمل فى اللجنة على أن يكون هادئا، وقمنا بامتحان 24 مليونا وكل الدنيا ماشية بهدوء كما هى مصر تعمل حاجة كويسة هتلاقى ناس تحاول تغلوش عليها مثل واقعة مدرسة لم ينجح أحد دى حكاية كل سنة.

أشار الدكتور تامر عبدالحافظ، مدير الأكاديمية المهنية للمعلمين بمحافظة الشرقية، إلى أن التعليم يعد أهم قضية مجتمعية وتمس الغالبية العظمى من البيوت المصرية ومن الطبيعى أن تكون القرارات الجديدة المتعلقة به محل اهتمام الرأى العام والذى لديه آراء مختلفة بين مؤيد ومعارض، والضغوط العديدة التى يتعرض لها أولياء الأمور تفرز فى النهاية بعض ردود الفعل غير المنضبطة أو المبالغ فيها.

 

وأوضح أن الواقع يشير إلى أن ما تسير فيه وزارة التربية والتعليم يتماشى مع تطورات العملية التعليمية فى العالم كله، بالتالى لا يمكن القول إن هناك مشكلة فى السياسات التعليمية التى تحقق أهداف التعلم فى القرن الحادى والعشرين، كما أن الخطوات التى اتخذتها الوزارة سواء فى مرحلة الثانوية العامة أو عـــــلى مســـــتوى تطــــوير منظومة الصفوف الأولى ليست من صنع الخيال وإنما هى خطوات تستهدف تطوير المجتمع وستنعكس إيجاباً على الطلاب بمرور الوقت.

 

وأكـــــد أن الـــــوزارة تبحــــث عــــن أفــــضل السياسات التعليمية التى تحقق أعلى معدلات للنجاح، وأحيانا تواجه عقبات أثناء التنفيذ على أرض الواقع فيتم إدخال تعديلات على آليات تنفيذها، لكن دون المساس بالفلسفة العامة للتطوير، وهو أمر طبيعى ومقبول خاصة أن الوزارة تطبِّق ما يسمى بـاالخطة المرنةب التى تقبل التبديل والتعديل وفقًا للأحداث والمواقف، لكن الوزارة تواجه باعتراضات واسعة مِمَنْ يمكن تسميتهم بـأصحاب المصالح.

 

فى المقابل، تلقى داليا الحزاوى، مؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر، باللوم على الوزارة، وتتساءل: اكيف يمكن لطالب فى الثانوية العامة أن ينتظر لما قبل إجراء الامتحانات بشهرين أو أقل لكى يعرف أسلوب الامتحان؟ وما إذا كان ورقيا أم إلكترونيا؟ وما إذا كانت الأسئلة مقالية أم موضوعية؟ب، مشيرة إلى أنه لا يوجد مبرر يدفع الوزارة للانتظار لنهاية إبريل لتعلن منع اصطحاب الكتب للامتحانات قبل أن تثير أزمة جديدة بسبب المسوَّدات التى بمقتضاها كانت ستحجر على حق أصيل لهم قبل أن تتراجع تحت ضغط أولياء الأمور.

 

وأضافت أن طلاب الثانوية العامة هذا العام واجهوا مشكلات عديدة لأن الذين اختاروا دراسة مادة الألمانى وهم نسبة كبيرة لم تتوفر أى مصادر اطلاع على أسئلة المادة فى المنصات الإلكترونية التى وفرتها الوزارة، كما أن الوزارة تأخرت فى الإعلان عن محتوى مادة اللغة الإنجليزية والخاصة بمنهج الفصل الدراسى الثانى بحجة تطويره فى حين أنه من المفترض أن يكون ذلك قبل بداية العام الدراسى.

 

وتابعت: الماذا تصر الوزارة على عدم إتاحة نماذج إجابات للطلاب عقب أداء الامتحان ولماذا ترفض خروجهم بكتيبات الأسئلة؟ وما علاقة تعنتها مع ما تسميه بالتطوير؟ ولماذا ترفض توطيد الثقة المتبادلة معها حتى يكون الطالب على قناعة بأنه حصل على حقه، ولماذا تترك منهج اللغة العربية متحرراً فى حين أن ذلك يشكل إرهاقاً على الطالب الذى يدخل امتحان مرحلة منتهية وليس لديه اتجاهات بحثية فى اللغة؟.

وأوضح الدكتور تامر شوقى، أستاذ علم النفس التربوى بجامعة عين شمس، أن تجربة تطوير التعليم كغيرها من التجارب الأخرى قابلة لأن تواجه أخطاء أثناء عملية التطبيق، والوزارة تحاول تداركها أولاً بأول، وأبرز الأسباب التى تقود لإثارة المشكلات تتمثل فى أن االتعليمب تطبق نظام تقويم حديثا على طلاب المرحلة الثانوية بعد أن تعودوا على آخر تقليدى طيلة المراحل التعليمية السابقة، فضلا عن عدم تدريب المعلمين على تلك النظم الجديدة للتقويم.

 

وأشار إلى أن أسباب المشكلات تعود إلى أنه تم تطبيق نظام التابلت منذ 4 سنوات ومع ذلك لم يتم استخدامه فى امتحانات الثانوية العامة للعام الثانى على التوالى، إلى جانب غياب الدور الرسمى للمدرسة والمعلم، وصارت المدارس فى أغلبها أماكن لتجمع الطلاب أيام الامتحانات فقط، وترك مهمة تعليم الطلاب للسناتر والمدرسين الخصوصيين غير المتخصصين وغير المدربين على نظام التقويم الجديد.

 

وأبدى شوقى أمله فى أن تسير امتحانات هذا العام بلا مشكلات أو معوقات، خاصة مع اتخاذ الوزارة تدابير قد تمنع الغش الإلكترونى وتسريب الامتحانات مثل منع الموبايلات، ومنع استخدام التابلت، لكنه شدد على أن كافة الاحتمالات تبقى مفتوحة فى ظل ضخامة أعداد الطلاب (708 آلاف طالب) وكذلك كثافة كافة الأطراف المرتبطة بالعملية الامتحانية من ملاحظين ورؤساء لجان وغيرهم.