أزمة انهيار العقارات.. صراخ بين الأنقاض وأنفاس يلاحقها الموت

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

"أن تكون آمن في بيتك ، ويأتيك الموت فجأة دون سابق انذار" ، هذا ما نسمعه ونراه في العديد من حوادث إنهيار العقارات، والتى أصبحت متكررة ، ولا تخلو منها أخبار الصحف ووسائل الإعلام، وهو ما يؤكد أننا نواجه أزمة ليست بهينة وهي الانهيارات المتكررة للعقارات والتى يروح ضحيتها العديد من الأرواح ونستمع من خلالها إلى تفاصيل مؤلمة وحكايات صادمة.

خلال شهر مضى طالعتنا الأخبار بانهيار عدد من العقارات بأكثر من منطقة داخل القاهرة وخارجها  حاصدة لأرواح البعض، وتاركة آخرين بلا مأوى فقط تحاصرهم ذكريات أليمة من هول ما تعرضوا له .."بوابة أخبار اليوم" تسلط الضوء على الأسباب المختلفة وراء هذه الانهيارات المتكررة للعقارات مع محاولة وضع حلول لها ..


في البداية بقول الدكتور حمدى عرفة أستاذ الإدارة المحلية، إن أزمة إنهيار العقارات في مصر لها اكثر من سبب ، وأضاف في تصريحاته لـ بوابة اخبار اليوم  أن العقارات القديمة ليس لها قرارات إزالة؛ لأن ليس لها ملفات  بالاساس وذلك لأنها موجودة قبل سنوات من تاريخ إنشاء وزارة التنمية المحلية عام 1960 ، وتابع أن قانون البناء الموحد 119 لسنة 2008 ، يسمح للمواطنين بعمل تراخيص لأى عقار أو محلات  و يلزم  القانون المواطنين بوجود اتحاد ملاك وللأسف ثلاث أرباع عقارات مصر ليس لها اتحاد ملاك ، و بالإضافة إلى أنه يلزم اتحاد الملاك بعمل ترميم وصيانة للمبانى والعقارات بشكل دوري من عام ل3 أعوام ،  وهو ما لم يحدث ويعد السبب الأساسي لانهيار العقارات ، قائلا:"لو مافيش إتحاد ملاك مين هيرمم هذه العقارات" .

وأضاف فيما يخص العقارات القديمة  أن هناك جزء منها تابع للمجتمعات العمرانية وجزء يتبع التنمية المحلية وجزء ثالث تابع لوزارت السياحة والثقافة والآثار ، متابعا:"الموضوع به صعوبة في تحديد الجهة التابع لها العقار لذلك الحل هو الالتزام بقانون 119 لسنة 2008 ، والزام اتحاد الملاك بعمل الصيانة والترميمات والتى تبدأ بوجود نشع نتيجة مياة الأمطار أو المياة الجوفية ، أو وجود دور مخالف بيتم ازالته ، أو عمل دعامات خرسانية ، ولو حدثت هذه الترميمات والصيانة باستمرار سنكتشف وجود جزء لايُستهان به من العقارات التى تحتاج إلى إزالة".
وعقب عرفة على القانون 119 لسنة 2008 ،رغم قوة وجودة عدد من مواده إلا أن به جزء معيب ويحتاج إلى تعديل ، حيث اعتبره سببا لظهور العشوائيات ، متابعا:" القانون به 016 مادة ، منها 70 مادة جيدة والباقي يحتاج تعديل ".

وتابع عرفة أن جزء من الأزمة يكمن أيضا فى مشاكل أخرى خاصة بمنظومة المحليات بالاحياء والمحافظات  منها مثلا أن 92% ممن يعملون في الادارت الهندسية التى تصدر تراخيص للمواطنين من حاملى المؤهلات المتوسطة كدبلوم الصناعة وذلك لأن خريجى الهندسة يهربوا من هذه الوطائف لضعف الراتب ، مضيفا أن نسبة استخدام التكنولوجيا الرقمية في الإدارات المحلية لاتتعدى 10بالمئة ، وعدد الموظفين في المحليات ٢.٣٠٠ مليون، ليسوا مدربين بشكل كافي ورواتبهم ضعيفة ، لذلك إصلاح منظومة الادارة المحلية  يبدأ من الداخل .

على صعيد متصل، قال اللواء محمد عقل رئيس حى الوايلي والتى شهدت مؤخرا انهيار عقار بمنطقة الظاهر راح ضحيته 6 اشخاص ، إن تكرار انهيار العقارات يعود لعدم وجود قانون ملزم لصاحب العقار او المقيمين به تجاه الحي بالالتزام بضرورة تنفيذ التنكيس ، بالاضافة الى عدم وجود قانون يلزم شاغلي العقارات باخلاء "العين" متى طلب منه ذلك دون المطالبة بتوفير مسكن بديل ،مطالبا بضرورة وجود صندوق يتم من خلاله عملية التنكيس أو الهدم حتى يتم التحصيل، وذلك لارتفاع تكلفة هذه العملية على الحي أو المحافظة ، وأن يكون هناك قانون ملزم ومحدد لاجراء التنكيس خلال مدة محددة غير مفتوحة.
ايضا طالب عقل بضرورة الزام المستثمرين بتحديد نسبة من الشقق في المدن التى يتم بناؤها من خلالهم للاخلاء الاداري. 

فيما  أكد الدكتور وليد توحيد استاذ مساعد بقسم الهندسة المدنية تخصص انشاءات بكلية الهندسة فرع المطرية جامعة حلوان ، أن اسباب انهيار العقارات عديدة ومتنوعة واحيانا لاتكون ظاهرة، وأوضح انه احيانا الانهيار يكون  بسبب انتهاء عمر المبنى  الافتراضي، مشيرا إلى أنه عند تصميم أى مبنى يتم تحديد عمره الافتراضى في أسوأ الظروف التى من الممكن أن يتعرض لها فمثلا نضع للكثير من المباني السكينة 60 عام مع افتراض انها ستتعرض لعدة عوامل طبيعية أو من صنيعة الانسان ، ولكن لو تم صيانة المبنى والحفاظ عليه سيمتد عمره لاضعاف العمر الافتراضي وهذا الذي ينطبق على العمارات القديمة الموجودة حتى الآن .
وتابع توحيد ان من أسباب الانهيار والتى تكون غير مرئية او محسوسة احيانا هي تسريب الصرف الصحى أو "التنشيع" وذلك يكون بسبب سوء التنفيذ وسوء المواد المستخدمة في البناء ، وللاسف هذا يظهر كثيرا على الحوائط الجانبية للعمارات والتى احيانا تكون جديدة ، حيث تتسرب الماء الى الخرسانة والحديد فيصاب بالصدأ ويتاكل ومع مرور الوقت تضعف قوة تحمله فيؤدى  الى انهيار المبنى، وايضا سبب اخر لانهيار المبانى هو تعديل الساكن لشقته خاصة بالادوار الأولى والثانية أو الثالثة فيتم هدم الجدران بطريقة عشوائية وغير مدورسة وبدون تراخيص ، وهذه النماذج منتشرة في مصر خاصة عند تحويل الادوار الارضية والاولى والثانية في العقارات الى بنوك او عيادات او حضانات او غيرها ، فهنا نحن بصدد ازمتين تؤثر على عمر المبنى اولهما هدم حوائط وجدران تؤثر على المبنى بالكامل وكذلك تحويل نشاط المبنى من سكنى الى تجاري او ادراي  وهو مايعنى ان الشقة المصممة لتحمل احمال 5 اشخاص واثاث اصبحت تستخدم لغير الغرض منها واصبحت معبأة بأحمال مضاعفة وكل هذا يسرع بانهيار المبنى .

واكد توحيد على ضرورة الاهتمام بالتعليم الهندسي الجيد الذي يخرج عنصر بشري مؤهل علميا واخلاقيا ،لأنه للأسف الكثيرون يلجأون الى غير متخصصين في عمل تعديلات بتصميم المنرل واحيانا ايضا يكون مهندس ولكن خبرته ضعيفه او لا يراعي ضميره في عمله ولا يدرك حجم مسؤلية قراره، ولابد من وجود ضوابط لمحاسبة المخطأ حيث ان معظم اسباب هذه الانهيارات يكون سببها فساد الاداري في المحليات و الاحياء لذلك نحتاج الى نظام رقابي لمحاربة هذا الفساد، أيضا من الأسباب الواضحة لانهيار المباني في مصر هي "التعلية" وزيادة ادوار بدون تراخيص  والذى عملت الدولة على مجابهته الفترة الماضية.
اقرأ ايضا : «الضحايا والمفقودين»| القصة الكاملة لعقار الظاهر المُنهار

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي

 
 

 
 
 

ترشيحاتنا