«أخبار اليوم» نشرت قصتي الفائزة بالجائزة الأولى لنادي القصة على صفحة كاملة سنة 1969

الروائي إبراهيم عبد المجيد: أعيش مع كتاباتي وأنادي زوجتي بأسماء الشخصيات

إبراهيم عبد المجيد خلال حواره مع «الأخبار
إبراهيم عبد المجيد خلال حواره مع «الأخبار

 

لم أستكمل «الدكتوراة» بسبب حبى للرواية والصعلكة

رغم عيوب الحملة الفرنسية إلا أنها حمت المصريين من الانقراض

العودة للأدب هى الحل السحرى لأزمة السينما

لا يكف إبراهيم عبد المجيد عن مراقبة عينيك وهو يتحدث إليك، يريدك أن تكون حاضرا فى المشهد الذى يصوره بأحاديثه المعسولة عن الإسكندرية، مدينته التى يحتفظ بها فى القلب، ويفرقها على الورق، سيجعلك تغار لأنك لم تولد مثله على البحر المتوسط، وأنت تقف على الشاطئ مزهوا بانتصارات لا حصر لها وتحت قدميك ملوك وأباطرة حاولوا استعمار مدينتك وفشلوا.

يبدأ إبراهيم عبد المجيد فى الكلام حتى تظن أنه لن يسكت أبدا، ويصمت، فتعتقد أنه قرر الصوم عن الحديث، يتواجد معك بكل كيانه، وفجأة يغيب ويسرح فى عوالم لا تعرف عنها شيئا، ويعود فى أقل من لحظة ليستأنف نشاطه معك، يثور ويغضب، وتنتهى ثورته سريعا وكأنه ليس الشخص الذى كانه منذ قليل.. هو نفسه يعترف أنه «شيزوفرينيك»، ولكنه حين يشعر بحبك وتفهمك لطبيعته يبوح لك بكل الأسرار ولا ينسى فى نهاية المقابلة أن يشير إلى الأشياء التى يجب ألا تنشر.

 رغم أنك غادرت الإسكندرية عام 1975 عقب تخرجك فى كلية الآداب إلا أنها دائما موجودة فى فمك وكتاباتك.. لماذا؟
ما تراه فى صغرك لا ينسى، تركت الإسكندرية فى السابعة والعشرين من عمري، ما عشته على شواطئها لا يمحى، جاء معى للقاهرة وباقٍ جزء منه حتى الآن، لدرجة أننى لم أكتب عن القاهرة إلا بعد 40 عاما من خلال رواية «برج العذراء» الصادرة عام 2003، وبعدها طرحت «عتبات البهجة» و«هنا القاهرة»، وعدت للإسكندرية مرة أخرى فى «أداجيو»، ورجعت للقاهرة فى الرواية الأخيرة «الهروب من الذاكرة» و«السايكلوب» وفيها القاهرة والإسكندرية أما «العابرة» فتدور كل أحداثها فى القاهرة.
 

كيف شاهدت الإسكندرية وأنت طفل صغير؟
رغم أننى من عائلة بسيطة، إلا أننى عشت فى مدينة واسعة نظيفة، شاهدت جيرانا يونانيين وإيطاليين ويهودا وأرمن وشوام ويعيشون حولنا، والمحلات تبيع منتجات فرنسا وأوروبا وأسماء المحلات أجنبية، ورأيت البورصة والأجانب يلتفون حولها ورأيتها بعدما خرج الأجانب منها وبدأت معالمها تتلاشى، والإهمال يتمكن منها، عندما ردموا بحيرة مريوط، شاهدت السور الذى تم بناؤه حتى إنك لا تستطيع أن ترى موج البحر، نشأت فى مدينة عالمية وظلت مقيمة بداخلي.
 

وكيف شاهدتها حين كبرت؟
بحثت عنها فى التاريخ، واكتشفت أنها كانت عاصمة العالم فى العصر الهيللينى اليونانى والرومانى وكان المواطن لا يحصل على الجنسية فى روما إلا بعد حصوله على المواطنة السكندرية فى البداية، مدينة عالمية امتزجت فيها حضارة الغرب بالشرق، وللأسف بعد دخول العرب مصر تم إهمالها تماما، لأنها مدينة متمردة، وكان هناك مثل قديم يقول: «الإسكندرانية معندهومش شغلة غير مصارعة الديوك والتندر على الحكام وشرب النبيذ» واكتشفوا من حوالى 15 عاما قرية مدفونة اسمها مارية بالقرب من العامرية، وهى التى جاء منها مقولة «إسكندرية مارية وترابها زعفران»، وعندما جاء محمد على أحياها بإنشاء ترعة المحمودية التى تم ردمها حاليا للأسف.
الغزوات المتتالية
 

وكيف أثرت الغزوات المتتالية على أهل الإسكندرية؟
عندما دخل العرب مصر كان تعداد الشعب السكندرى ما يقرب من 2.5 مليون نسمة، وعندما جاء نابليون بونابارت تقلص العدد إلى ثمانية آلاف أغلبهم حاف وغلبان، وكان تعداد مصر حينها 2 مليون بسبب الإهمال والطاعون، لأن المصريين عند الحكام العثمانيين أو المماليك ليس لهم أى دية ويتم قتلهم بسهولة فكادوا أن ينقرضوا، ولذلك عندما جاء بونابارت أمر بتعيين سيدة على كل شارع تجبر النساء على نشر المفروشات فى الشمس، ومن ترفض تقوم بمعاقبتها بالضرب بالعصا، ومنع الدفن فى البيوت، الذى فرضه عليهم العثمانيون، فاختفى الطاعون فجأة بسبب النظافة، ورغم عيوب الحملة الفرنسية إلا أن الفضل يرجع إليها فى عدم انقراض المصريين وإيقاظ الروح الحقيقية للمدينة العالمية.
 

وهل ساعد ذلك على ازدياد الكثافة السكانية فى الإسكندرية؟
بعد أن كانوا 8 آلاف قفز العدد إلى40 ألفا، خاصة بعد إنشاء ترعة المحمودية، لتصبح المدينة من جديد جاذبة لليونانيين الذين يعتبرونها موطنهم، وتحولت الترعة إلى مراسم لهم، فخرج منها الفن التشكيلي، وكانت أول مدينة للسينما فى القرن العشرين، وتخرج فيها الفنانون العظماء، وللأسف تم إهمالها مرة أخرى بعد حادثة اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر بينما وصل الإهمال إلى قمته فى السبعينيات مع السادات، فهدمت البيوت القديمة وبنى مكانها عمارات بأدوار مرتفعة فى عهد مبارك وحتى الآن.
 

وماذا عن علاقة الإسكندرية بالإبداع؟
مدرسة أبوللو كان اجتماعها الأساسى فى تريانون بالإسكندرية، وإليا أبو ماضى كان يبيع الدخان مع عمه فى العطارين قبل سفره لأمريكا، والأخوين بدر وإبراهيم لاما جاؤوا من أمريكا متجهين لفلسطين ومروا على الإسكندرية فقرروا عدم الذهاب لفلسطين والاستقرار فيها، وهذه الروح موجودة بها رغم كل شيء، نحن الإسكندرانيين نشعر بها، ولدينا ثقة فى النفس بسبب الإسكندرية.
 

ما هو شعورك وأنت تقف على شاطئ البحر المتوسط؟
ذات مرة سألنى صحفى فى حوار لجريدة فرنسية عن إحساسى وأنا على الأطلنطى وهل يختلف عن وقوفى أمام المتوسط فقلت إن الأطلنطى غامض بالنسبة لى أما على المتوسط فيشعرنى بالثقة فى النفس، تحت أقدامى كليوباترا وأنطونيوس وكل القياصرة واليونان والرومان فأنا أقف وتحتى تاريخ، ولذلك بيرم التونسى يقول: الإسكندرانى قبل ما يعرف المشكلة يروح ناطح وارثها من جده الفاتح ملك الملوك اللى بناها.
 

وكيف ترى الإسكندرية الآن؟
عندما يأتى إليها الريفيون يتحولون بعد عام واحد إلى إسكندرانية، ولكن الوضع حاليا تغير أصبحوا الأغلبية، ومع العشوائيات والفساد تغيرت ملامحها تماما.
 

لماذا اخترت دراسة الفلسفة؟
لأننى فهمت منذ البداية أننى يجب أن أقرأ فى تاريخ الأدب والمذاهب الأدبية لكى أتمكن من الكتابة وأعرف أين سأضع قدمي، فالمسألة ليست ماذا تكتب؟.. ولكن كيف تكتب، ومواضيع الكتابة معروفة الحب والكره والنفى والسجن والفراق.. إلخ، لكن الكيفية درستها فى النقد الأدبى وكتب كثيرة، ولكن مار وراء الواقع وما وراء العالم يكمن فى الفلسفة لهذا قررت دراستها وشجعنى على اتخاذ القرار أننى علمت وأنا صغير أن نجيب محفوظ خريج فلسفة وشجعنى أكثر أننا مشتركين فى البرج نفسه وهو القوس.
 

وهل أخبرت نجيب محفوظ بذلك؟
بالطبع.. عندما زرته بعد حصولى على جائزته عام 1996 وكنت أول من يفوز بها، ولم يكن هناك تقديم وقتها، وكان فى غاية السعادة، خاصة عندما قلت له إننى جئت إلى رحلة للقاهرة فى المرحلة الثانوية، وطلبت من المدرس أن نزور الجمالية ومنزل نجيب محفوظ، وعادت الرحلة بدوني.
 

كيف؟
هربت منهم وكنت أنام فى الحسين وأخطط للعمل فى محل ذهب.. لم أكن أرغب فى العودة، كنت أتمنى أن أظل فى المكان الذى عاش فيه نجيب محفوظ وأسير فى الأماكن التى مشى فيها أبطال رواياته، بقيت ستة أيام حتى صرفت كل ما أملك وهو جنيها واحدا، وحينها عدت للإسكندرية مرة أخرى لأجد الدنيا مقلوبة عليّ فى المنزل والمدرسة.
 

متى كتبت أول قصة؟
فى الخامسة عشر من عمري، أثناء إجازة المرحلة الإعدادية، وكنت حينها قد قرأت الكثير من القصص وأحببت أن أجرب الكتابة، كتبت قصص كثيرة لنفسى وقلدت كتاب الروايات مثل: يوسف السباعى وغيره، حتى جاء يوم وحضرت ندوة فى قصر ثقافة الحرية (الإبداع حاليا) والتقيت بمحمد مندور الناقد العظيم واستمعت إليه وهو يتحدث عن تاريخ المذاهب الأدبية الكلاسيكية والرومانتيكية، فتوقفت عن الكتابة الساذجة، وانضممت لجماعة الأدباء بقصر ثقافة الحرية بجانب مصطفى نصر وسعيد سالم وغيرهما، وكنا نستدعى كتابا مشاهيرا من القاهرة لمناقشة ما نكتبه.
قصة أول جائزة
 

ما هى قصة أول جائزة حصلت عليها؟
كان هناك ناد بالإسكندرية، أعلن عن مسابقة فى القصة، يحكم فيها الصحفى الكبير فتحى الإبياري، فقدمت فيها، وحصلت على المركز الأول على مستوى الجمهورية وكان القصة بعنوان «حلم يقظة بعد رحلة القمر»، وتحكى عن شخص يتحدث فى ندوة يتحدث عن الادخار، وشخص جالس سرحان فى رحلة القمر الأولى وتخيل أنه صعد ليعيش على سطح القمر وترك الأرض، وكانت قيمة الجائزة ثلاث جنيهات، أجمل 3 جنيه فى حياتي، ووقتها نشرت «أخبار اليوم» القصة على صفحة كاملة سنة 1969، وهى الجائزة الوحيدة التى قدمت فيها بنفسي، فكل الجوائز الأخرى إما تم ترشيحى من جهة معينة أو تم اختيارى لها، فأخذت الجنيهات الثلاثة واشتريت ثلاثين جورنال-كان الجورنال وقتها بقرش صاغ-ووزعتهم على الناس فى الشارع من فرحتي.
 

 وكيف عرفت طريقك إلى القاهرة؟
بدأنا نستدعى بعض الكتاب والنقاد الكبار مثل الدكتور عبد القادر القط وبهاء طاهر، وكان بهاء يذيعها فى البرنامج الثانى والدكتور القط ينشرها فى مجلة المجلة، ومن هنا عرفت طريقى إلى القاهرة، فكنت أرسل قصص للطليعة والهلال والمجلة وأنتظر حتى ينشر لى قصتين وأذهب لأحصل على العشرة جنيهات فقد كانوا يمنحوننى 5 جنيهات فى القصة وكان مبلغا كبيرا وقتها كنت أشترى به بدلة إنجليزي، حتى تخرجت فى الجامعة وجئت للقاهرة لأستقر فيها.
 

 ألم يحرضك حبك للفلسفة على الاستمرار فى دراستها بعد التخرج؟
عملت دراسات عليا، تمهيدية أول سنة والدكتور أبو ريانة كان مذهولا للغاية لأننا كنا 5 أو 6 أشخاص وكل أسبوع شخص منا يقدم ملخصا لكتاب قام بقراءته، فكنت أقدم له ملخصا لكتب إنجليزية فى علم الجمال فيسألني: كيف لم تحصل على تقدير امتياز، فأقول له بسخرية: خطى سيئ، ولأن تقديرى العام جيد لم يتم تعيينى معيدا، اقترح أن أظل معه ويمنحنى الماجيستير فى سنة والدكتوراه فى سنة وسجلنا الماجيستير وكان موضوعه «جماليات الدراما بين أرسطو وبريخت»، وكان سيتولى الجانب الفلسفى والدكتور محمد ذكى نائب رئيس قسم اللغة العربية مسئول عن الجانب الأدبي، وفجأة قررت ألا أكمل وقلت له أنا أحب كتابة الروايات و»الصياعة» وقررت أن أسافر للقاهرة وقد كان، وظل الدكتور يقول حتى وفاته «إبراهيم خذلنا بس بقى روائى كبير».
 

 ألم تندم على ذلك؟
أنا مبسوط باللى أنا فيه أنا عشت حياة حلوة واكتسبت خبرات كثيرة، فالسهر والخبرات والصعلكة تظهر فى الروايات.
 وكيف بدأت الرحلة فى القاهرة؟
عرضوا على أن أعمل فى الأهرام لأننى كنت متمكنا من اللغة الإنجليزية وكان تعيينى وقتها سهلا للغاية، فرفضت لأننى أرغب فى أن أشتغل فى مكان لا أذهب فيه للعمل فاخترت الثقافة الجماهيرية لأنى سأكون براحتى فيها، ولكن الصحافة لن تمكننى من العمل بحرية، فذهبت لسعد الدين وهبة الذى كان مسئولا عن الثقافة الجماهيرية، وعرفته بنفسى ككاتب قصة، وقلت له إننى أعمل فى الترسانة البحرية وأرغب فى النقل فوافق على الفور.
كتابة الرواية
 ولماذا لم تفكر فى كتابة الرواية فى ذلك الوقت؟
أغلب الكتاب فى الستينيات كانوا يتنافسون على القصص القصيرة فلم أتطرق سريعا للرواية، وكانت هناك أزمة بسبب الرقابة الخاصة من الدولة على الرواية، واستمرت حتى عام 79، وأول رواية كتبتها كانت بعنوان «فى الصيف الـ67» ورفضتها الرقابة 5 سنوات.
 لماذا؟
ربما لأنها تحتوى على كلام عن الهزيمة أو ذكر سيئ عن الاتحاد السوفييتى أو أمريكا، حتى ألغيت الرقابة وقمت بنشرها، وكانت أغلب الروايات تطبع فى بيروت وقتها.
«تبع دماغى»
 لاحظت أن إبراهيم عبد المجيد غير محسوب على جيل أو تيار معين.. أنت تبع مين يا عم إبراهيم؟
أنا تبع دماغي، ورغم أننى اشتغلت فى الحركة السياسية كتير أول شبابي، وكنت عضوا فى الحزب الشيوعى المصرى السري، وكانت الأحزاب الشيوعية سرية وقتها، ولكننى تركت كل هذا لأننى اكتشفت أنه يؤثر على الكتابة، فابتعدت عنه، وانضممت فترة إلى حزب التجمع عن طريق تقديم ندوة ثقافية مع فريدة النقاش وتركتها أيضا حتى لا تؤثر على الكتابة، فأنا «شيزوفرينيك».
 بمعنى؟
النهار للمقالات والسياسة والليل للأدب والموسيقى الكلاسيك، أكتبت آلاف المقالات فى السياسة، وفى الليل عندما أستمع للموسيقى أنسى كل شيء وأشتغل فى الأدب وأفصل هذا عن ذاك.
ولمن تنحاز فى مقالاتك السياسية؟
للحقيقة فقط.
 حصل إبراهيم عبد المجيد على العديد من الجوائز، ومع ذلك فهو، يجلس على المقاهي، ويصادق الجميع.. لماذا لم تتحصن فى برج عاجى كما يفعل من هم مثلك؟
تفسير ذلك فى تنشئتى التى تشبه الغالبية من الأطفال والشباب قديما، حيث المدارس من السهل جدا النجاح فيها، الفصل لا يزيد على 18 طالبا، شرحه يكفى دون الحاجة لأى درس خصوصي، والشوارع أمان، فكنا نقضى أوقاتنا فى الشارع، نلعب كرة، ونخرج من المدرسة على السينما، ولو معانا قرش صاغ نجيب سندوتشين، ويوم الجمعة الساعة 7 الصبح نصطاد عصافير أو سمك، وأرجع بالليل أبويا يقولي: كنت فين؟.. وأقوله والله ما عارف يقولى طب خش استحمى وأتعشى، ولا حد بيدور عليك ولا حاجة، فى أمان تام، وهذه التربية حببتنى فى الفراغ لذلك المقاهى بالنسبة لى ملاذ لأنها الفراغ الذى كنت أعيش فيه كثيرا، فهى ليست إرادة عقلية ولكن طريقة تربية، فلم أكن أجلس فى المنزل إلا للقراءة فقط، والثقافة فى مصر كانت تخرج قديما من المقاهي، فقهوة ريش خرج منها جيل الستينيات، والسبعينيات، وتعرفت فى البستان على أمل دنقل.
 هل كنتما صديقين؟
جدا.. عندما سافر إلى سوريا ولبنان، طلبت منه أن يأخذ كتاباتى لأى ناشر ووافق، وعندما عاد أخبرنى أنه سلم المجموعة، وبالفعل تم نشرها بعد ستة أشهر، فقد كان يحبنى للغاية.
هل كان يتعامل بعنف مع المحيطين به؟
كان عنيفا مع الشخص العنيف فقط مثل نجيب سرور مثلا وليس مع الناس.
 وماذا يحيى الطاهر عبد الله؟
كنا أصدقاء جدا ولكننا لم نكن نتقابل كثيرا، ولكن أمل ونجيب سرور وسليمان فياض كانوا دائما معي، وكتبت عنهم فى كتابى «أيامى الحلوة».
 ويوسف إدريس؟
كنا أصدقاء، وكان يحب شغله، وعندما يجلس ويتحدث فى أى مكان لا يحب أن يتكلم أحد غيره، وعنده حق فلديه خبرات رهيبة، ومن يفهمه يصغى له وهو فى قمة السعادة لأنه كنز، وكان بسيط جدا.
حدثنى عن طقوسك فى الكتابة؟
أكتب بعد منتصف الليل، واسمع موسيقى كلاسيك قبل وأثناء وبعد الكتابة، فى وجود النور الأبيض، بجانب التدخين والقهوة والشاي، وهذا المكتب الذى أجلس خلفه وتلك المكتبة يعيشان معى منذ 40 عاما، وكنت فى البداية أكتب بأقلام فيلوماستر لأنها أسرع من الجاف، لكن حاليا أكتب على الكمبيوتر منذ عام 2012.
السينما والدراما
 فى رأيك.. هل تعانى السينما والدراما بسبب عدم الاعتماد على الرواية؟
لدينا روايات يمكنها أن تصنع أفلاما عالمية، ولكنهم يكتفون بالورش التى يعمل فيها شباب عليهم أن يتحملوا تدخلات المخرج والمنتج والبطل، فالتأليف الفردى لم يعد منتشرا، الوضع اختلف، وعلى سبيل المثال لقد بعت رواية بيت الياسمين للسينما ثلاث مرات ولم يتم إنتاجها حتى الآن منذ عام 1986.
 وهل يجوز بيعها ثلاث مرات؟
كلما انتهت مدة العقد أبيعها من جديد، وهى رواية تحكى شخص اسمه شجرة محمد على كان يعيش فى أيام السادات، وتنحصر مهمته فى توزيع الفلوس على العمال ليخرجوا فى مظاهرات تهتف باسم السادات، ويصفقون له أثناء سيره، فكان يعطيهم نص المبلغ ويأخذ النصف الأخر، وينصحهم بعدم الذهاب، واستطاع أن يتزوج من هذه الأموال بعد مرور عشر سنوات، ولكن وتم القبض فى مظاهرات 1977، فأنا تحولت مثل شجرة محمد على بعتها 3 مرات وماتعملتش، كما تعاقدت على رواية «عتبات البهجة» ولم تنتج، وغيرها من الأعمال، للأسف أصبح هناك احتكار للسينما والشركات الخاصة لا تعمل جيدا، وهناك سرقات تحدث للأفلام قبل نزولها، وبعد أن كنا هوليوود الشرق وننتج أكثر من 60 فيلما فى السنة، انهارت السينما.
ومن الكتاب الذين تأثرت بهم؟
كافكا، وألبير كامو ممن يمتلكون أفكارا وجودية لأننى أحب الفلسفة الوجودية، ودينو بوزاتى الذى قدم صحراء التتار، ونجيب محفوظ الذى يحب الأفكار الوجودية ويخلطها بالفلسفة، ويوسف إدريس الذى يفضل الإيقاع السريع، إضافة إلى أدب العبث لأنه يدور فى إطار الوجودية.
 متى عاندك الحظ؟
هناك بعض الأمور لم أكن محظوظا فيها، وكلها خارج حياتى الشخصية ومرتبطة بالحياة العامة وسايبها على الله، تعرضت للكثير من الحروب وقطع عيشى من بعض كتاب الستينيات، ومنهم من هاجمنى ولكنى لم أكن أهتم فقد كان هدفى فى الحياة أن أعود للمنزل أتحمم وأسمع الموسيقى وأكتب، متعة الكتابة تغنينى عن العالم كله.
 لمن تهدى جائزتك؟
لزوجتى التى تتحملنى وأنا أعيش بمفردى مع كتاباتي، وفى بعض الأحيان أناديها بأسماء الشخصيات.