المتوجة بتفوق العلوم الاجتماعية:الحيــاد الكامــل للمـؤرخ خيــال!

د. إيمان عامر
د. إيمان عامر

بقلم : فادية البمبى

للمؤرخين فى أممهم دور بالغ الأهمية، فهم المنوط بهم كتابة التاريخ للأجيال، واستخلاص الحقائق من فم الزمن، ومن قلب الوقائع وبطون الوثائق، حتى يعرف الأبناء ما فعله الأجداد والآباء.

ومع أن هذا الدور الذى يضطلع به المؤرخون يمثل عبئًا ثقيلًا، ومهمة شاقة إلا أنهم لا يحظون فى كثير من المجتمعات بالمكانة التى يستحقونها، لذا نحتفى دائمًا بأى تكريم يناله مؤرخ فى وطنه، وتعد الجوائزدائما لمسات تقدير للمُتوجين بها، ومؤخرًا نالت المؤرخة البارزة د.إيمان عامر أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، بآداب القاهرة جائزة الدولة للتفوق، فدار هذا الحوار معها احتفاء بالحدث، وحثًا على تكريم المؤرخين والامتنان لأدوارهم. 


 هل جاءت جائزة التفوق فى موعدها كالجائزة التشجيعية التى فزتِ بها من قبل أم تأخرت ؟
عندما تأتى الجوائز يصبح هذا وقتها، ونسعد بها كثيرًا، أيًا كان الوقت الذى جاءت فيه، فقد يمر الزمن دون الحصول على أية جائزة، فمجرد حصولى على التشجيعية منذ ثمانى سنوات، سعدت بها كثيرًا، وشعرت بأنها تدفعنى إلى الاستمرار فى العمل أكثر، وها أنا ذا الآن يُجرى تكريمى من الدولة للمرة الثانية، وأحصل على جائزة التفوق، وأنا مُمتنة كثيرًا لتقدير الدولة.


 كيف تختارين موضوعات دراساتك وبحوثك؟
- الحقيقة أن القراءات هى التى تأتى بالأفكار، فمن الممكن أن أقرأ فى القضية الفلسطينية مثلًا وأثناء القراءة أجد أن هناك تقاربًا بين الاستيطان العنصرى فى فلسطين، وبين التجربة التى حدثت فى جنوب إفريقيا، فربما اختار عقد مقارنة بين الحالتين، ومن الممكن أثناء انشغالى بأحد الرموز النسائية أن أجد نفسى منجذبة إلى شخصية جديدة تستحق أن يُؤرخ لها.


 من وجهة نظرك ما السمات التى يجب أن تتوافر فى المؤرخ ؟
- إذا توقعنا الحياد وعدم التحيز الكاملين من المؤرخ، فهذا يعد مجرد أمنيات لأن الحياد الكامل درب من دروب الخيال، فكل المؤرخين وحتى الباحثين فى أى تخصص، كل منهم لديه قناعاته وأفكاره وانتماؤه وشعوره وتحيزه، ولكن بقدر الإمكان نسعى لأن يكون الطرح ملائمًا للمنطق ولا يكون هناك انحياز غير مُبرر.


 هل تشهد الكتابة التاريخية ازدهارًا الآن ؟
- الكتابة التاريخية اصبحت مهمة جدًا، ولم تعد قاصرة على المؤرخين، ولكن الكل يتعاطى التاريخ، ويكتب ويقرأ التاريخ، وهذا فى الحقيقة أمر غير مرفوض، فالتاريخ من حق الجميع أن يكتب فيه، ولكن هناك كتابة أكاديمية مُتخصصة، وكتابة تعد مجرد وجهة نظر.


 بمن تأثرت د. إيمان من المؤرخين والمفكرين ؟
فى كل مجال بحثى لديَّ رموز تأثرت بها كثيرًا فى الكتابة، ففى مجال الخليج العربى تأثرت بالدكاترة: جمال زكريا قاسم وعبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم، بينما فى مجال دراسات المرأة كان للمؤرخة القديرة د.لطيفة سالم التأثير الأكبر، وفى الدراسات الفلسطينية تأثرت بالعالمين: د.محمد عبد الرؤوف سليم ود.عادل غنيم .


 من بين الرموز النسائية العديدة، لماذا اخترتِ الأميرة فاطمة إسماعيل، وملك حفنى ناصف تحديدًا؟
الحقيقة ليس تحديدًا لأن لدىَّ كتابات عن رائدات مصريات كثيرات مثل هدى شعراوي، ونبوية موسى، وعالمة الذرة سميرة موسى، وروز اليوسف، لكن الأميرة فاطمة إسماعيل تظل أيقونة الانحياز النسائى لقضايا الوطن، فى وقت كان من الصعب أن يكون للمرأة صوت مسموع، لكنها قامت بالمساعدة التى شعرت بأن جموع المثقفين المصريين بحاجة إليها، حيث إن مشروع الجامعة المصرية فى ذلك الوقت يحمل بُعدًا وطنيًا كبيرًا، فالجامعة سوف تكون فى مواجهة أفكار وثقافة الاحتلال، فكون الأميرة فاطمة تنحاز لهذا المشروع وتتبرع بحُليها ومجوهراتها، وتوقف أطيانها لذلك المشروع فى فترة لم يكن هناك دور حقيقى للمرأة فى المجتمع، فهذا يدعو إلى ضرورة التأريخ لها ،وملك حفنى ناصف أيضا تمثل ظاهرة فى فترة مبكرة تكتب عن المرأة والوطن والقضايا الاجتماعية .


 هل تعتبرين دراساتِك عن قناة السويس قمة جهدك العلمى ؟
هى ليست قمة الجهد، لأن كل دراسة لها قيمتها ولها جهدها ولها نتيجتها، لكن قناة السويس كانت قمة التميّز ليس بمعنى أنها الأعلى، ولكن تميّزها بالاختلاف وأنها كانت البداية فى أن نتناول موضوعات شعبية قريبة من الوجدان المصري، والاعتماد على مصادر غير تقليدية، كانت البداية من خلال قناة السويس، لكن انسحب ذلك لاحقًا على دراسات كثيرة سواء قدمتها أنا أو سَجَّلها طلابى فى رسائل الماجستير والدكتوراه مثل تاريخ المسرح وتاريخ السينما والأدب والرواية وغير ذلك، قناة السويس كانت بداية التخصص أو بداية التغيير فى الكتابة التاريخية.

اقرأ ايضا | جوائز الدولة التقديرية.. «أفراح وأحزان».. تفاصيل