كتب: محمد بركات
يبقى أهم عناصر العمل المسرحي، هو الإخراج والتأليف، حيث يجذب النص الجيد واسم المخرج النجوم للمشاركة في العرض، خاصة إذا كان سيعرض على خشبة “المسرح القومي”، الذي يعتبر من أكبر وأهم المسارح العربية.. في السطور التالية نتعرف على كواليس عرض”الحفيد” من خلال صانعه المخرج والمؤلف والممثل، يوسف المنصور، وهو المخرج الذي لفت الأنظار بحصوله على العديد من الجوائز في المهرجانات المسرحية المصرية، على رأسها جائزة أفضل عرض من “المهرجان القومي للمسرح عام 2020” عن “أفراح القبة”، وجائزة أفضل دراماتورج عن نفس العرض، وجائزة أفضل مؤلف بمهرجان القاهرة وغيرهم من الجوائز.
لماذا “الحفيد” تحديدا الذى جذبك لتقديمه مسرحيا؟
منذ فترة طويلة وأنا شغوف بتقديم أنماط مسرحية مختلفة عن الأفكار المعتادة التي نشاهدها مؤخرا، وكان من أحلامي تقديم كوميديا إجتماعية إنسانية بشكل مختلف، خاصة أن الفترة الأخيرة كانت الأعمال الكوميدية التي تقدم “اسكتشات “مسرحية، وأعمال تتحايل على الأفيه لإضحاك الجمهور، وجدت هذا الحلم في “الحفيد” عن رواية الأديب الكبير عبد الحميد جودة السحار، والتي سبق وجرى تقديمها سينمائيا، وقمت بإعداد الرواية وإعادتها في شكل عرض مسرحي كوميدي، يناقش العادات الإجتماعية والتقاليد الأسرية بشكل كوميدي، فالرواية مادة خصبة لرؤية جديدة وقضية فكرية يتم تناولهما بشكل مختلف، و”الحفيد” هي دمج بين قصتي فيلمي “أم العروسة” و”الحفيد”، وتناقش قضية الأسرة المصرية في إطار كوميدي إجتماعي، حيث يتناول الأسرة المصرية التي تتحكم فيها العادات والتقاليد دون وعي للتأثير الذي تتركه في الأبناء من أبعاد نفسية مرهقة، من خلال لعبة درامية مختلفة بتتابع درامي غير تقليدي يستخدم كوميديا الموقف، من خلال تناول قضية الاهتمام الزائد بكلام الآخرين، وهو إهتمام الشخص برأي الآخرين فيه أكثر من عمل الشيء المفضل بالنسبة له، لذلك اخترت اسم “نظرية البهجة” بجانب “الحفيد”، وهي فعل الشيء الذي يدخل عليه السرور، وليس فعل ما يجعل صورته لائقة أمام الآخرين، شرط عدم مخالفة الضمير والدين والقانون، فدائما نشاهد على سبيل المثال طلاب يدخلون بعض كليات القمة ليس رغبة وحباً فيها، لكن لكي يقال عليه الناس أنه دخل كلية قمة، أو منع نفسه من ممارسة فعل معين، بالرغم من كون هذا الفعل ليس محرم أو مخالف للدين أو القانون، لكن منع نفسه لتجنب مقوله “الناس تقول علينا إيه”.
ما الفرق بين عرض “الحفيد” المسرحي وبين الفيلم؟
اختلاف الزمن والأفكار، هذه أكثر قضية تناولها العروض، وعبد الحميد السحار تحدث عنها في روايته، لكن لم يتناولها فيلم “الحفيد” بشكل كافي، ومن ضمن قضايا العرض التي تم تناولها قضية “صراع الأجيال”، وهذه القضية قمت بإضافتها لفكرة العرض، فلم تكن موجودة في الرواية، بالإضافة لقضية “الأفراط والتفريط”، وهي دمج الماضي والحاضر من خلال الأفكار التي يتوارثها جيل وراء جيل، وفي الماضى كنا نشاهد كثرة الإنجاب، ثم انتقلنا من هذا الجيل إلى الجيل الحالي الذى يرفض الإنجاب، دون وجود حل وسط، من هنا يحدث أيضاً صراع أجيال، إلى أن يحدث في النهاية تصالح بين الأجيال، رغبة وحباً في المستقبل، عن طريق نصائح من الجيل القديم للجيل الجديد، ولمعالجة أخطاء الماضي، فيقوم الجيل القديم والجديد بنصح وإرشاد الحفيد لتجب أخطاء الجيلين.
لماذا قررت المشاركة بالتمثيل لأول مرة من خلال هذا العرض؟
مجرد دخول هذا المكان العظيم – المسرح القومي - والوقوف على خشبته، فأنك تشعر بالرهبة من قيمته ومكانته الكبيرة، وأنا “كنت خايف” لأن إدارة هذا المكان منحتني ثقة كبيرة رغم أنني مخرج شاب لعرض عليه هو أمر صعب، فهذا المسرح وقف عليه كبار النجوم، لذلك تشرفت بالعمل عليه مخرجا وممثلا، لكن في الواقع أنا لم أكن ضمن أبطال العرض في البداية، وكان يوجد زميل آخر سيقوم بالدور، وقام بعدة بروفات، إلا أنه اعتذر نظراً لإرتباطه بعمل آخر، ثم بدأت رحلة البحث عن بديل، إلى أن طلبت لوسي مني القيام بالدور، وأجسد في العرض دور “عاطف”، وهو شاب يحلم أن يكون مخرج، لكن والدته ترفض هذا الأمر.
كيف أقنعت لوسي بالعودة للمسرح بعد 14 عام؟
“المسرح القومي” كان من ضمن أسباب قبول الأبطال المشاركة بالعرض، بالإضافة إلى أن فكرة النص مختلفة وليست تقليدية، وحرصت على إختيار نجوم من طراز خاص وأجيال مختلفة وطريقة تفكيرهم مختلفة، لأن فكرة العرض أشبه بمعركة فنية على خشبة المسرح، تدور في الماضي والحاضر والمستقبل، فعندما طرحت اسم لوسي على إيهاب فهمي، مديرالمسرح القومي، تحمس جداً، فهي فنانة محترفة لا تقبل بأي عمل، وفنانة شاملة لديها القدرة على الرقص والغناء والتمثيل، وملتزمة ومجتهدة، وعلى قدر كبير من الإنضباط، وعندما عرضت عليها النص تحمست دون شروط، نفس الأمر حدث مع باقي الأبطال، سواء تامر فرج أو عابد عناني.