مصر تهيئ الأجواء لتجاوز الخلافات

مصر تهيئ الأجواء: الدعم الدولى يحفز الأطراف الليبية لإنجاح المسار الدستورى بالقاهرة

جانب من اجتماع المسار الدستورى الليبى
جانب من اجتماع المسار الدستورى الليبى

كتب: أحمد جمال

تسود حالة من التفاؤل المحفوفة بالحذر مع انطلاق الجولة الثالثة والأخيرة من مشاورات المسار الدستورى الليبى التى انطلقت فى القاهرة، الأحد، وذلك وسط دعم دولى من أطراف عديدة ترى بأن إنجاحه يشكل مرحلة مفصلية تحسم مستقبل الالتزام بالمسار الديمقراطى السلمى وتقلل من فرصة انحرافه نحو اشتعال الصراعات المسلحة من جديد، فى ظل حالة من الهشاشة الأمنية والسياسية تعانيها البلاد إلى جانب موجات العنف واستعراض القوى السائدة تحديداً فى العاصمة طرابلس.

 

واستطاعت الجهود المصرية أن توفر الأجواء الملائمة طيلة الأشهر الماضية منذ بدء أولى جلسات المسار الدستورى فى إبريل الماضى وذللت الصعوبات التى قللت منذ بداية الجلسات من فرص الوصول إلى توافق وهو ما قاد للتفاهم حول 70% من إجمالى مواد القاعدة الدستورية التى ستجرى بموجبها الاستحقاقات الانتخابية بعد تعثر حكومة عبدالحميد الدبيبة المقالة من البرلمان فى القيام بمهامها فى إجراء الانتخابات.

 

أعـــربت المستشـارة الخاصــــة للأمـــــين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفانى وليامز، عن سعادتها بالمشاركة فى افتتاح الجولة الثالثة والأخيرة من مشاورات المسار الدستورى الليبى، المكونة من مجلسى النواب والأعلى للدولة فى العاصمة المصرية القاهرة داعية معرقلى هذه العملية باستخدام القوة إلى التوقف ووضع أسلحتهم جانباً.

 

وأشارت فى كلمتها الافتتاحية إلى أن اهذه الجولة الأخيرة تأتى فى منعطف حرج تشهده ليبيا إذ بعد مرور11 سنة من الانقسام والضعف والنزاع والفوضى والاستقطاب، أَرهقَت الليبيين... أمامكم فرصة حقيقية ومسئولية كبيرة حقاً لإحياء الأمل فيهم ومَنحهم سَبيلاً يُفضى إلى الانتخابات ضَمن إطار دستورى قوى.

 

وأوضحت وليامز إلى أنه فى هذه الجولة، لاتزال أمور مهمة بحاجة إلى حلول، داعية المجتمعين إلى التحلى بالمسئولية وروح التوافق للتمكن من التوصل إلى حلول عبر إعلاء مصلحة البلاد فوق كل شيء، الأمر الذى يُمهّد السبيل أمام استعادة الشرعية لجميع المؤسسات الليبية.

 

ولفتت إلى أن المجتمع الدولى يدعم هذه الجهود بشكل كامل وعلى استعداد للترحيب والمصادقة على نتيجة إيجابية من شأنها أن تعيد العملية الانتخابية إلى مسارها الصحيح، داعية المعرقلين، الذين يرغبون فى تعطيل هذه العملية السياسية الدقيقة من خلال استخدام القوة، إلى التوقف عن ترويع السكان المدنيين ووضع أسلحتهم جانباً.

 

ويـــأتـى اسـتئنـاف اللجنـة الدسـتورية المشتركة، بين مجلـسى النـواب والدولة، الجولة الثالثة من اجتماعاتها فى القاهرة والتى تستمر حتى 19 يونيو الجارى، بعد جولتين عقدتا برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا وباستضافة مصرية، وكانت اللجنة أكدت اتفاق طرفيها من المجلسين على نحو 70% من نصوص مسودة الدستور، مرجحة التوافق حول باقى المواد فى الاجتماعات الحالية التى تستمر لمدة أسبوع.

 

جددت إيطاليا دعمها لاجتماعات اللجنة الليبية المشتركة فى القاهرة من أجل التوصل لصيغة توافقية لإجراء الاستحقاقات الانتخابية، وأكد المبعوث الإيطالى إلى ليبيا نيكولا أورلاندو أهمية الاستمرار فى المسار السياسى، لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة، وفق إطار دستورى تتفق عليه كل الأطراف المشاركة فى العملية السياسية.

 

كما طالب وزراء خارجية ليبيا وتونس والجزائر ممثلى مجلسى النواب والدولة الليبيين المنخرطين فى مباحثات فى القاهرة المصرية باستغلال الفرصة للتوافق وصياغة قاعدة دستورية تنقل البلاد إلى الانتخابات فى أقرب وقت ممكن، وذلك فى بيان مشترك، الجمعة، عقب اجتماع وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية الليبية نجلاء المنقوش مع وزير الشئون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج عثمان الجرندى ورمطان لعمامرة وزير الشئون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج الجزائري.

 

وشددوا على أهمية استكمال صياغة الأساس الدستورى الذى من شأنه تمكين الشعب الليبى من ممارسة حقه فى اختيار قادته فى أقرب وقت، إلى جانب حشد الجهود الوطنية لتحقيق المصالحة الوطنية وتوحيد الصفوف والرؤى وفق مقاربة تقوم على مبدأ الملكية والقيادة الليبية للعملية السياسية ضمن الشراكة الفاعلة مع المجتمع الدولى.

 

وأثنى المحلل السياسى الليبى محمد السلاك، على الدور الذى تلعبه مصر فى الوقت الحالى لإنجاح خارطة الطريق الأممية نحو بناء القاعدة الدستورية، مشيراً إلى أن الأيام الماضية كانت شاهدة على تسهيلات مصرية عديدة قادت لتقريب وجهات النظر بشأن المواد الخلافية والتى ترتبط بشروط الترشـــح للانتخــــابات ومواصــــفـات رئيـــس الجمهورية واختصاصاته.

 

وأشـــار محمد فتحى رئيس مركز العرب للدراسات والأبحاث، إلى أن الجولة الأولى من المباحثات جـرى فـيـها التوصـل إلى اتفاق بشأن مواد عديدة لم يكن يعتقد أنه من الممكن التوافق حولها وهو ما تكرر فى الجولة الثانية ومن المنتظر أيضًا أن يكون سائداً مع انطلاق الجولة الأخيرة التى تحظى بدعم دولى واسع، مشيراً إلى أن بناء القاعدة الدستورية يقود لتهدئة الأوضاع فى طرابلس حتى وإن لم يكن ذلك نهائيا لكن يجعل هناك فرصة لالتقاط الأنفاس والتوجه نحو مسار الانتخابات والذى تعطل بسبب عدم التوافق على البناء السياسى.