الكاتب إبراهيم عبد المجيد: 5 جنيهات كانت قيمة أول جائزة حصلت عليها

الكاتب الكبير إبراهيم عبد المجيد
الكاتب الكبير إبراهيم عبد المجيد

كتب: يحيى وجدى

يؤمن الكاتب الكبير إبراهيم عبد المجيد أن الجوائز تأتي في موعدها، وإن تأخرت! ويرى عبد المجيد، وأعتقده ساخرا في ذلك ومنه - أن الجوائز “منظورة” وكلما ارتفعت قيمتها زادت معها الابتلاءات والكوارث، فلا يكاد يستمتع الفائز بقيمة الجائزة..

 

حصل إبراهيم عبد المجيد الأسبوع الماضي على جائزة “النيل” في الآداب، وهي أرفع جائزة بين جوائز الدولة يحصل عليها المبدع، وكان فوز صاحب “لا أحد ينام في الأسكندرية” مستحقا وربما متأخرا، والترحيب الكبير الذي لاقاه فوزه كان جائزة أخرى أحبها عبد المجيد أكثر وسعد به.

 

لكن لا شيء يضاهي طعم الجائزة الأولى في حياة أي مبدع، دائما للجائزة الأولى ألقا مختلفا، والتقدير الذي يحصل عليه بهذه الجائزة يكون دافعا كبيرا في حياة الكاتب، ويشجعه أكثر على أن يستكمل ما بدأه، وللجائزة الأولى في حياة إبراهيم عبد المجيد قصة، تماما مثل كل الأُوَل في حياته.. أول قصة نشرها، وأول مرة ذهب فيها إلى السينما وأول رحلة سفر إلى الخارج، وأول ترجمة لأعماله الأدبية، لكل منها حكاية وتأثير.

 

أول جائزة حصل عليها حكاء الأسكندرية عام 1969، وكانت المركز الأول على مستوى الجمهورية في القصة القصيرة لنادي القصة بالإسكندرية، الذي كان يديره الصحفي فتحي الإبياري، وهو الذي أسس النادي كما يحكي عبد المجيد متأسيا: “انتهي للأسف بعد وفاته وكان هو من صحفيي جريدة الأخبار الكبار”.

 

وللجائزة الأولى في حياة إبراهيم عبد المجيد دورا أيضا في النشر الأول، فقد نشرت القصة الفائزة وعنوانها “حلم يقظة بعد رحلة القمر” على صفحة كاملة في جريدة “أخبار اليوم” ومعها مقدمة لمحمود تيمور عنوانها “هذا قصاص موهوب”، نُشرت بمناسبة فوزه عبد المجيد بالجائزة، ولم يحصل على أجر عن نشرها، “لكن طبعا حصلت على قيمة الجائزة وكانت ثلاثة جنيهات اشتريت بها اعدادا من صحف الأخبار ووزعتها على الناس في سعادة”.

 

أما أول أجر عن عمل أدبي تقاضاه إبراهيم عبد المجيد فكان خمسة جنيهات، وكان في العام التالي لفوزه بجائزته الأولى.. عام 1970، يقول: “أول أجر تقاضيته كان في 1970 حين نشرت في مجلة (المجلة) التي كان يرأس تحريرها الدكتور عبد القادر القط، أتيت إلي القاهرة لأتقاضي الأجر وكان خمسة جنيهات، كانت الخمسة جنيهات هي الأجر المعتمد تقريبا في كل المجلات، فكنت انتظر حتي يكون لي قصتان، وآتي من الإسكندرية ليكون العائد عشر جنيهات، لم تكن الخمسة جنيهات قليلة ذلك الوقت، إذ كنت تستطيع أن تشتري بها بدلة من صوف الهيلد الإنجليزي”.

 

لم يشتري إبراهيم عبد المجيد بدلة من صوف الهيلد الإنجليزي بالمبلغ، لكن اشترى كتبا كثيرة، وكتب أعمالا أدبية كثيرة، وضعته في مصاف المنتجين الإبداعيين الكبار.

 

يذكر إبراهيم عبد المجيد جيدا أول قصة وأول جائزة، ومع أنه لا يتذكر أول أغنية استمع إليها، لكنه يتذكر أول فيلم سينمائي شاهده وملابسات مشاهدته، ويستمتع بحكي تلك الرحلة إلى السحر الكبير وكأنها مشهدا في رواية يكتبها.. 

 

يقول: “أول فيلم شاهدته في حياتي كنت تقريبا في الخامسة من عمري، كنت في حضانة مدرسية في حي كرموز، وكان يسمونها الروضة، لأن فناءها كان كبيرا ومثل حديقة صغيرة نجلس بها مع المُدرِّسة معظم الوقت أو وحدنا، وكان بابها مفتوحا، فلا خوف علينا، والشارع أمامنا غير مزدحم، وكان ذلك عام 1951، لا سيارات تمر إلا نادرا جدا، فقط ترام كرموز، هو الذي يمر كل حين، أغراني الباب المفتوح أن أخرج وأمشي قليلا، وجدت شارعا يتقاطع مع شارع كرموز، هو شارع باب الملوك، فمشيت فيه يمينا قليلا، حتى أنتهى الشارع القصير بشارع آخر، هو شارع النيل، كل أسماء الشوارع عرفتها فيما بعد، وجدت على يساري زحاما أمام باب سينما اسمها (سينما مصر)، واسمها الشعبي (سينما النيل)، لأنها في شارع النيل، وقفت مع الداخلين للسينما، ورآني عامل الباب صغيرا فتركني أدخل ولم يسألني عن التذكرة التي كانت بتسعة مليمات، كان بها فيلمان، فيلم هندي عرفت فيما بعد أن ممثلته اسمها (نرجس) وفيلم عربي لكمال الشناوي ولا اذكر اسم الفيلمين، كان (تزويغا) مبكرا جدا أدمنته بعد ذلك في حياتي المدرسية”.