«آخرساعة» داخل أقدم سرجة بمدينة نصر..

«الأولين».. يتربع على عرش سوق الزيت المصرى

«الأولين» هو زيت الطعام الرئيسى المستخدم فى كافة المطاعم والبيوت
«الأولين» هو زيت الطعام الرئيسى المستخدم فى كافة المطاعم والبيوت

كتب: علا نافع

جراكن بلاستيكية صفراء يغطيها السواد.. تتراكم على أطرافها بقع زيتية كأنها لوحة سيريالية.. تتناثر هذه الجراكن فى أرجاء المكان يميناً ويساراً.. داخل غرفة واسعة يغلفها ظلام دامس.. أما الأرضية فاكتست بالشحوم وبقع الزيت.. "آخرساعة" ذهبت إلى هناك لترصد كيف تسير الأمور داخل "سرجة التقوى"، أحد أقدم السرج بمدينة نصر، والتى لا تزال تقاوم تقلبات الزمن وتطوره التكنولوجى، ولنعرف حكاية زيت الأولين الذى يتربع على عرش سوق الزيت المصرى حالياً.

المصانع غير المرخصة تخلطه بالصويا.. والسرج تعبئه فى جراكن صفراء

يقف عبدالله، نجل صاحب السرجة ليباشر عملية ملء الجراكن بزيت "الأولين"، الذى يطلق عليه أباطرة تجارة الزيوت "العصب الماليزى"، إذ تعتبر ماليزيا المصدر الرئيسى له فى معظم أنحاء العالم، إلى جانب إندونسيا والصين اللتين دخلتا فى سباق تصنيعه، وهو الزيت الرئيسى المستخدم فى معظم البيوت والمطاعم ومصانع رقائق البطاطس، نظراً لتحمله درجات التسخين العالية، بالإضافة إلى رخص سعره مقارنة بزيوت الطعام الأخرى كعبّاد الشمس.

ينتظر عبدالله على أحر من الجمر وصول تانك الزيت القادم من الشركة المستورِدة والموزع الرئيسى لزيت الأولين فى مصر، وبمجرد وصول عربة نقل الزيت يهرع عبدالله ليباشر عملية ملء التانك عن طريق أنبوب أرضى يكفى لنقل ما يزيد على الألف لتر، ويتأكد من درجة نقائه وشفافيته منعاً لمساءلات مفتشى التموين الذين يمرون عليه بين الحين والآخر ليأخذوا عينات عشوائية ويرسلونها إلى المعامل لتحليلها.

إقرأ أيضًا | التموين: نسعي لتحقيق 50% اكتفاء ذاتي من الزيت

يقول عبدالله: زيت الأولين أو "النخيل" هو زيت الطعام الرئيسى المستخدم فى كافة المطاعم والبيوت ويتم استيراده من دول جنوب شرق آسيا وعلى رأسها ماليزيا وإندونسيا، ويمتاز بقدرته على تحمل درجات التسخين العالية فضلا عن فوائده الصحية، كما أنه لا يتأثر بارتفاع درجات الحرارة، أما فى الشتاء فيتعرض للتجمد، ما يجعلنا نستعين بسخان داخل السرجة ويصنع منه أيضاً السمن الصناعى، واستطاعت إحدى الشركات احتكار استيراده وتوزيعه فى كافة أنحاء الجمهورية من خلال تانكات حديدية كبيرة يتم تحميلها على شاحنات النقل العملاقة القادمة من ميناء بور توفيق، لتستقبلها سرجات الزيوت والتجار، مشيراً إلى أن بعضهم يخلطه بزيت الصويا وهذا ما يعطيه رائحة نفاذة ومذاقاً غير مقبول.

ويضيف بحزن: أثر تراجع مصر فى زراعة المحاصيل الزيتية خاصة القطن والكتان على سعر زيت الطعام وجودته، فزيت بذرة القطن كان الزيت الرئيسى فى كافة البيوت، فضلا عن الزيت الحار المستخرج من الكتان وكانت شركات القطاع العام كالإسكندرية وطنطا للزيت والصابون تعكفان على استخراج الزيوت من معاصرها الضخمة، ولكن تبدل الحال وأصبحت هذه الشركات تعانى مشكلات كبيرة.

أما محمود نوفل (تاجر جُملة) فيقول: أثرت أزمة كورونا والتغيرات المناخية التى مرت بها ماليزيا وحرب أوكرانيا فى أسعار زيت الأولين الخام بكل دول العالم، حتى وصل سعر الطن حالياً إلى 18 ألف جنيه مقارنة بـ16 ألفاً فى يناير الماضى، وأثر ذلك بالسلب فى الكثير من التجار وأصحاب المطاعم البسيطة مثل مطاعم الفول والطعمية، مؤكداً أن أصحاب أغلب هذه المطاعم قرروا اعتزال المهنة وتغيير النشاط بدلاً من زيادة سعر الساندويتش.

ويؤكد نوفل أن الزيت المستخدم بكثرة على المائدة المصرية هو الأولين أو خليط ما بين الصويا والأولين مقارنة بزيت الذرة وعباد الشمس اللذين يستخدمان بنسب محدودة لدى الأسر الغنية، مشيراً إلى أن إحكام الرقابة من قبل وزارة التموين على شركات التعبئة والموزعين قلَّل نسب الغش التجارى من خلط الزيت الخام بزيوت مستعملة أو حتى رفع أسعارها بشكل كبير.

ويتابع: رغم وجود الكثير من مصانع الزيوت فإن هناك شركتين فقط تحتكران سوق الزيت فى مصر، لذا على الدولة زيادة عدد الأفدنة المزروعة بالمحاصيل الزيتية، وعلى رأسها القطن والكتان والذرة، لتخفيض نسبة ما نستورده من زيوت الطعام.

الغش التجارى
من جانبه، يقول عبدالرحمن رأفت، عضو الشعبة العامة للمواد الغذائية والبقالة بالاتحاد العام للغرف التجارية: لا توجد أرقام رسمية أو إحصائيات عن نسبة الزيوت المغشوشة فى الأسواق، خاصة أن الزيت من المواد التى يسهل كشف الغش بها سواء عن طريق وجود رواسب بيضاء أسفل الزجاجة فى الأجواء الباردة أو تغير لونه من الأصفر النقى إلى الأصفر الباهت فى الصيف، وكذلك ظهور فقاقيع بيضاء فور تسخين الزيت.