فى الصميم

أوكرانيا.. وشبح أفغانستان!!

جلال عارف
جلال عارف

كل أطراف الحرب فى أوكرانيا يطاردها شبح أفغانستان!!

روسيا مازالت تتذكر أن استنزاف قواها بعد خطأ غزو أفغانستان كان مقدمة لانهيار الاتحاد السوفيتى. ولعلها أخطأت الحساب مرة أخرى حين راهنت على معركة سريعة تحسم بها الأمور فى أوكرانيا، لكنها بالتأكيد تعرف الآن أن مخطط أمريكا من البداية كان إيقاعها فى مصيدة حرب طويلة، وتضغط بكل قواها لتحقيق أهدافها على الأرض ثم التفاوض وعدم الوقوع فى فخ الاستنزاف الذى لا تستطيع تحمل تكلفته، والذى جربت نتائجه المريرة فى أفغانستان!!

لكن روسيا ليست وحدها الذى يطاردها شبح افغانستان. أمريكا تذكر أيضاً أن تجربتها المريرة هناك انتهت بمأساة. وأنها بعد أن انتهت بهزيمة الاتحاد السوفيتى وجدت نفسها تشرب من نفس الكأس، وتنهى وجودها هناك بانسحاب ذليل على يد جماعات التطرف التى رعتها قبل ذلك لتكون عوناً لها ضد روسيا ثم انقلبت عليها وحاربتها حتى استولت على الحكم.. وأيضاً على ترسانة الأسلحة التى كدستها أمريكا وتركتها وراءها بعد الانسحاب والتى تزيد قيمتها على سبعة مليارات دولار!

لهذا تتعامل أمريكا (ومعها الحلفاء الأوروبيون) بحذر شديد فى إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا.. ليس فقط خوفاً من رد الفعل الروسى والتهديد بالتصعيد من جانب موسكو، ولكن أيضاً خوفاً من تكرار ما حدث فى أفغانستان ووقوع السلاح المتطور فى يد المتطرفين ليشعلوا الحرب الثالثة، أو ليستخدموها لخدمة التطرف لا لحرب روسيا.

وأوروبا بصورة أكبر تخشى من أن تجد نفسها أمام ظاهرة «العائدين من أوكرانيا» على يد جماعات التطرف اليمينية وما يسمونه «النازية الجديدة» ولهذا تضع العوائق أمام سفرهم لأوكرانيا، وتضع الحدود للسلاح المرسل إلى «كييف» وأن من مصلحة الجميع أن تتوقف الحرب فى أقرب وقت، وأن تحويل أوكرانيا إلى افغانستان أوروبية لن تدفع ثمنه روسيا وحدها. حسابات العقل تقول إن  كل الأطراف تخشى من شبح أفغانستان.

لكن للحروب حسابات أخرى!!