كنوز | اغتيال «المشد».. قتل للحلم النووى العربى!

د.يحيى المشد مع زوجته وطفلته الأولى
د.يحيى المشد مع زوجته وطفلته الأولى

42 عاماً مضت على اغتيال العالم المصرى د. يحيى المشد أحد أبرز أهم عشرة علماء على مستوى العالم فى مجال تصميم المفاعلات النووية، الذى عثر عليه فى الثالث عشر من يونيو عام 1980 بالحجرة رقم 941 بفندق الميريديان بباريس جثة مهشمة الرأس، وقُيدتْ القضية ضد مجهول، وقد روجت الدعاية الصهيونية أنه قتل على يد فتاة ليل فرنسية.

وثبت عدم صحة هذا الإدعاء، لأن فتاة الليل «مارى كلود ماجال» كانت مرسلة له من الموساد لتقضى معه سهرة ويتم تصويره، وأكدت فى شهادتها أنه رفض مجرد التحدث معها، وظلت أمام غرفته لعله يغيّر رأيه، وقالت إنها سمعت ضجة بالحجرة بعد ذلك، وبعد فترة عثر عليها وقد دهستها سيارة مجهولة عندما كانت تقطع الشارع فى ضاحية «سان ميشيل».

 وقيدت قضية اغتيالها ضد مجهول، ودافعت الصحف المملوكة للصهاينة عما أثير حول تورط الموساد الإسرائيلى فى اغتيال العالم المصرى زاعمة أن الأسلوب الذى قتل به ليس من أسلوب الموساد، وكانت بعض التسريبات فى الصحف الأجنبية تشير إلى شخصين استطاعا التسلل إلى حجرة «المشد» وقاما بقتله عن طريق تهشيم رأسه بآلة حادة.  

لكى نفسر سبب اغتيال د. يحيى المشد لابد أن نقدمه لمن لا يعرفه، اسمه بالكامل يحيى مصطفى توفيق المشد، من مواليد11 يناير1932 بمحافظة البحيرة، حصل على بكالوريوس الهندسة قسم الكهرباء من جامعة الإسكندرية وكان ترتيبه الثالث على دفعته مما جعله يستحق بعثة دراسية عام 1956 لنيل درجة الدكتوراة من جامعة كامبريدج البريطانية، وتم تغيير مسار البعثة إلى موسكو بسبب العدوان الثلاثى على مصر.

تزوج من ابنة خاله قبل سفره واصطحبها معه لمدة 6 سنوات عاد بعدها للقاهرة كواحد من أهم عشرة علماء على مستوى العالم فى مجال تصميم المفاعلات النووية، وعينه الرئيس عبد الناصر بهيئة الطاقة الذرية التى أنشأها، وأنشأ قبلها بعام قسما للهندسة النووية بجامعة الإسكندرية، ترأسه الدكتور المشد عام 1968، سافر إلى النرويج لحضور مؤتمر الطاقة النووية والذرية وأثناء إلقائه كلمته تحدث عن القضية الفلسطينية وضرورة امتلاك مصر والعرب للطاقة النووية، وعرضت عليه منظمة أمريكية بعد المؤتمر الانضمام لها ومنحه الجنسية الأمريكية فرفض، وعندما ارتاب فى ضباط من الموساد داخل المؤتمر حزم حقائبه وعاد إلى مصر، بعد أن أثارت كلمته غضب اللوبى الصهيونى فى النرويج.

فى 1975 وقع الرئيس صدام حسين إتفاقية تعاون نووى مع فرنسا، وسافر د. يحيى المشد إلى العراق لمقابلة صدام حسين الذى ضمه للبرنامج النووى العراقى، ورفض «المشد» بعض شحنات اليورانيوم الفرنسية لأنها مخالفة للمواصفات فوثق به الرئيس العراقى وعينه رئيسا للبرنامج النووى، وأصرت فرنسا على حضور الدكتور المشد لاستلام اليورانيوم بنفسه فسافر إلى فرنسا.

وبعدها بيوم تسلل رجلان من الموساد إلى غرفة المشد وقاما بتهشيم رأسه! ولا أحد يدرى كيف تم ذلك! وقيدت القضية ضد مجهول، وبعد عام من اغتيال الدكتور المشد قام الطيران الإسرائيلى بتدمير المفاعل النووى العراقى، وأذاع راديو وتليفزيون إسرائيل الخبر الذى يقول: «سيكون من الصعب على العراق مواصلة إنتاج سلاح نووى بعد اغتيال الدكتور يحيى المشد بباريس»، وفى اليوم التالى جاء العنوان الرئيسى لصحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية ليؤكد أن كل الأوساط فى إسرائيل تلقت نبأ اغتيال د. يحيى المشد بسرور وفرحة..

اعترفت إسرائيل رسمياً باغتيال د. «المشد» فى فيلم وثائقى مدة ٤٥ دقيقة عرضته قناة «ديسكفرى» بعنوان «غارة على المفاعل»، وقالت إنها طلبت من المخابرات الفرنسية أن تصر على استدعائه شخصياً إلى فرنسا لاستلام اليورانيوم، وذكر الفيلم أن الموساد عرض عليه الجنس والمال وأى جنسية يختارها مقابل تعاونه معهم، وعندما رفض قرروا تصفيته!.

من كتاب «علماء الذرة العرب»

إقرأ أيضاً|الطاقة الذرية تحذر : إيران ستوقف عمل 27 كاميرا لمراقبة نشاطاتها النووية