أول السطر

لا يصح إلا الصحيح

طاهر قابيل
طاهر قابيل

منذ معرفتى القراءة والكتابة ارتبطت بجريدتى «الاخبار».. كانت الطقوس التى فرضها والدى - رحمة الله عليه - فى بيتنا ان اشترى كل يوم طوال الاسبوع صحيفة «الاخبار»، والسبت نصيب العدد الاسبوعى «اخبار اليوم» التى كان يجذبنى اليها «حادثة فى قصة» بقلم محمود صلاح -رحمة الله عليه-  واتذكر انى قرأت رائعة مصطفى بيه امين «لا»، ومعظم مقالات «ابراهيم سعده» الشيقة والجاذبة بها.. وكان يوم «الاحد» كنزا اعثر عليه فى صفحتى «الدوبل» والخاصتين ببرامج «التليفزيون».. مع جولاتى بين الصفحات، ابدأها «بالاخيرة» فاقرأ «فكرة» وانتقل الى «الكريكاتير» الذى يجمع بين قلم المبدع «احمد رجب» وريشة الفنان «مصطفى حسين»  - رحمة الله عليهما - مما يجعلنى اعيش فى احاسيس وابداعات لا توصف وآخذ «العبرة» وانا لا اتوقف عن الضحك.. ثم انتقل الى « الاركان اليومية» التى تأخذنى الى «الثقافة والفن والشئون العربية والافريقية والسياحة والطيران» لأهبط  بعد ذلك الى «اليوميات» التى تجتمع فيها اقلام وافكار ورحلات وحكايات الاساتذة وكبار الكتاب والعلماء والادباء الذين يحرصون على إسعاد قراء «الاخبار» بخبراتهم وابداعاتهم ورحلاتهم ومهامهم الصحفية العديدة الى الخارج وتفاصيل الحكايات الداخلية .

لم ارتبط بالاخبار من والدى فقط.. فقد كان «جدى» عبد الحليم والى  مديرا للتعليم، وعندما كنت اقضى لديه «اجازة الصيف» بالبلد اشاهد بائع «الجرايد» يأتى الى دواره كل يوم على عجلته ممسكا بها بعد ان ينادى «اخبار - اهرام- جمهورية» ويلقى بالاخبار بمدخل البيت لتحملها جدتى - رحمة الله عليهما- وتحتفظ بها الى ان يعود جدى، ويجلس وقت «العصارى» امام الدوار ممسكا بالصحيفة ويقرأ الاخبار لجدتى، ويختمها بالحوادث والوفيات، ويدور حديث نتابعه بشغف حول الاخبار الغريبة.. وتتكرر الصورة فى بيتنا مع والدى .

اعوام عشتها مع معجزة الـ 70 عاما فى بلاط «صاحبة الجلالة».. انهل من كنوزالمعرفة والمعلومات والاخبار.. واتعلم وانتقى من الفنون والاداب ما اهواه واجد «التسالى والمسابقات والابراج» بين صفحاتها قبل ان يتوه القارئ البسيط ويغرق بين امواج «السوشيال ميديا» و»التريندات» وبرامج «التوك شو» والفضائيات التى لا تهدأ ولا تتوقف.. كل عام وقراء «الاخبار» بخير.. فالصحافة تمر «بوعكة».. وستخرج منها اقوى لامتلاكها القيم والمبادئ التى تربينا عليها.. فالاعلام العشوائى او الصحافة المنزلية «فوضى» ولن تستمر طويلا.. لانه «لايصح الا الصحيح».. وسنبقى ملتصقين بأوراقها نتنسم رائحة حبرها.. فقد كنا ومازلنا متميزين بالعناوين القصيرة.. ونقل نبض الشارع بكل صدق..  ودائما مع المواطن فى ازماته بحرفية وعلم وتشويق.. مع التمسك بقيم ومبادئ المجتمع .