عام من حكومة «هشة» في إسرائيل.. وبوادر السقوط تلوح عند أبواب الكنيست

يائير لابيد ونفتالي بينيت
يائير لابيد ونفتالي بينيت

مع حلول اليوم الاثنين 13 يونيو يكون قد مرّ عامٌ كاملٌ على تولي حكومة نفتالي بينيت مقاليد الحكم في إسرائيل، ضمن ائتلاف حاكم من مختلف الأطياف السياسية تشارك في زعامته بينيت، زعيم حزب "يمينا" المتطرف، مع يائير لابيد، زعيم حزب "يش عتيد" الوسطي.

في مثل هذا اليوم قبل عامٍ واحدٍ، وُضع حدٌ لحقبة بنيامين نتنياهو الثانية في حكم إسرائيل، والتي دامت لأكثر من 12 عامًا، بدايةً من 31 مارس 2009 وإلى ذلك التاريخ من عام 2021، بعد حقبة أولى بين عامي 1996 و1999.

ونصّ اتفاق الائتلاف الحاكم بين بينيت ولابيد على أن يتناوب الاثنان على رئاسة الحكومة، على أن يكون بينيت هو الأول، فيما يُفترض أن يتولى لابيد، الذي يشغل حاليًا منصب وزير الخارجية، رئاسة الحكومة الإسرائيلية، بدءًا من 23 نوفمبر 2023.

لكن بلوغ هذا التاريخ بالنسبة ليائير لابيد أمر في غاية الصعوبة، في ظل أزماتٍ حاليةٍ تعصف بالحكومة الحالية، التي فقدت ابتداءً من منتصف أبريل الماضي، الحد الأدنى من الأغلبية المطلقة داخل الكنيست، والتي تبلغ 61 نائبًا من أصل 120، وذلك بعد أن قررت عيديت سليمان، النائبة في الكنيست الإسرائيلي، الاستقالة من الائتلاف الحاكم، وقد أرجعت الاستقالة إلى خلافات مع أعضاء الحكومة من الأحزاب اليسارية.

هزة قوية للحكومة

هذه الاستقالة أفقدت الائتلاف الحاكم، الأغلبية البسيطة داخل الكنيست، والتي تُقدر بـ61 نائبًا من أصل 120 نائبًا بالكنيست، ما كان يعادل الحد الأدنى من نسبة الـ"50%+1"، وبات الائتلاف الحاكم على إثر ذلك غير قادر على تمرير مشروع أي قانون خاص به داخل الكنيست الإسرائيلي.

وتنتمي عيديت سليمان، إلى حزب "يمينا"، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الحالي بينيت، والذي يختلف أيدلوجيًا بشكلٍ كليٍ مع الأحزاب اليسارية، والتي على رأسها حزب "العمل" و"ميرتس".

وفي 19 مايو، تلقى الائتلاف الحاكم ضربة موجعة كادت أن تؤدي به إلى السقوط، بعدما أعلنت غيداء ريناوي زغبي، النائبة العربية عن حزب "ميرتس" اليساري، خروجها من الائتلاف الحاكم، ما جعل الحكومة، التي يتزعمها بينيت بالشراكة مع لابيد على حافة الهاوية فعليًا، بعد أن باتت حكومة أقلية، وتحظى بدعم أقل من 60 نائب في الكنيست.

وعلى إثر ذلك، تقدم خصوم الحكومة، الذين يتقدمهم حزب "الليكود" اليميني، بزعامة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، بطلب لحل الحكومة والكنيست، والذهاب نحو انتخابات مبكرة جديدة.

لكن سرعان ما تجاوز بينيت ولابيد الأمر، وتمكنا من إقناع ريناوي زغبي بالعدول عن قرار الخروج من الائتلاف الحاكم، لتبقى الحكومة قائمة ولو إلى حين، وهي تواجه خطر الانشقاقات، الذي سيؤدي أي انشقاق فيها ولو لعضو واحد فقط من أعضاء الائتلاف الحاكم داخل الكنيست، إلى هدّ معبد الحكومة بأكمله فوق بينيت ولابيد.

سقوط قريب

ومن جهته، يرى الباحث الفلسطيني أيمن الرقب، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن الحكومة الائتلافية، التي يتزعمها بينيت ولابيد، تواجه هزات كثيرة خلال تلك الفترة، مؤكدًا أن الحكومة ستنهار بكل الأحوال مع نهاية هذا العام.

وقال الرقب، في تصريحاتٍ لـ"بوابة أخبار اليوم"، "حكومة نفتالي بينيت تعاني من هزات كثيرة تدفع تجاه انهيارها، حيث أن هذا الائتلاف الغريب والمتناقض لم يعد أغلبية وانهياره يقترب بشكل كبير".

وأردف قائلًا: "إذا نظرنا لاعتماد الموازنة في سبتمبر المقبل بعد انتهاء الإجازة الصيفية فسيكون من المستحيل تقريرها لعدم وجود أغلبية في الكنيست، ويكون أمامنا سيناريو تأجيل التصويت لشهر نوفمبر، وهذا ما يسعى له يائير لابيد ليستلم منصب رئيس الوزراء في الفترة الانتقالية بين حل الكنيست في ديسمبر المقبل كما اتوقع وإجراء الانتخابات في مارس المقبل خاصة أن عدم مقدرة الحكومة على تمرير الموازنة يعني انهيار الحكومة وحل الكنيست".

وأشار الرقب إلى أنه قد يحدث اختراق واحد وهو انشقاق جدعون ساعر، رئيس حزب "أمل جديد" من الائتلاف وتشكيل حكومة مع الليكود واليمين خلال شهر سبتمبر أو أكتوبر بشرط انضمام حزب "يمينا" لها أو القائمة العربية الموحدة، وبالتالي تكون حكومة أغلبية صغيرة لا تدفع إلى حل الكنيست والذهاب لانتخابات مبكرة. 

وأكد الخبير في الشؤون الإسرائيلي قائلًا: "بكل الأحوال حكومة بينيت تتهاوى.. ونهاية هذا العام نهايتها الفعلية بكل المقاييس".

ضغوط حزبية

ومن جهتها، تواجه النائبة العربية غيداء زعبي ضغوطات كبيرة داخل حزبها، وقد تظاهر العشرات من أعضاء حزب "ميرتس"، قبل أيام، أمام منزلها لمطالبتها بالاستقالة من منصبها والخروج من الائتلاف الحاكم.

وحول موقف غيداء ريناوي زعبي، النائبة العربية عن حزب "ميرتس" اليساري، من الاستمرار في الحكومة وسط ضغوطات عليها بالخروج من الائتلاف الحاكم، قال الرقب: "غيداء ومازن غنايم قد يستمران نتيجة الرغبة بإيصال يائير لابيد لمنصب رئاسة الوزراء".

وأوضح الرقب أنه بالنسبة للمظاهرات التي تطالبها بالاستقالة، فإنه بالسابق كانت هناك مظاهرات لاستمرارها في الحكومة، مضيفًا أن "الموضوع مصالح وليس وطنية ومواقف".

رغبة بينيت ولابيد

ومع كل هذه الأزمات التي تضرب الحكومة، يُصر لابيد وبينيت على التمسك ببقاء الحكومة إلى آخر رمق، وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، في بداية جلسة حكومية، أمس الأحد، إن "هذه الحكومة تستحق القتال من أجلها وسنقاتل من أجلها، إنها الخيار الصحيح لدولة إسرائيل ومواطنيها"، وذلك نقلًا عن موقع "عكا للشؤون الإسرائيلية".
 
كما ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، كلمة مقتضبة، خلال الجلسة الحكومية، بمناسبة مرور عام على تشكيل الحكومة.
 
وقال بينيت "إننا نحتفل بمرور عام على تشكيل الحكومة، وهي واحدة من أفضل الحكومات في البلاد"، حسب وصفه.
 
وشدد رئيس الوزراء الإسرائيلي على أن "هذه الحكومة يجب ألا تتوقف".

لكن مساعي بينيت ولابيد من المرجح أن تصطدم بتيار الانقسامات، خاصةً في ظل حكومة بُنيت على أرضية "هشة" من أحزاب تختلف فيما بينها أيدلوجيًا، سرعان ما يتغلب خلال مناقشاتها طابع الخلافات والتوجهات على أي أرضية مشتركة، يكاد ينعدم وجودها، سوى في مسألة "خصومة نتنياهو".

اقرأ أيضًا: خاص| خبير بالشؤون الإسرائيلية: حكومة بينيت تعاني من هزات كثيرة تدفع تجاه انهيارها