العراق - لبنان.. رحلة البحث عن رئاسات بغداد.. مخاوف العودة إلى المربع الأول

صورة من مجلس النواب العراقى
صورة من مجلس النواب العراقى

رغم مرور 7 أشهر على الانتخابات التشريعية التي جرت فى العراق أكتوبر من العام الماضي، إلا أن القوى والأحزاب السياسية مازالت عاجزة عن التوصل إلى إتفاق لاستكمال باقي الاستحقاقات الدستورية فيما يخص التوافق على مرشح منصب رئيس الجمهورية والذى بدوره تسمية رئيس الحكومة، نتيجة لفشل تحديد الكتلة البرلمانية الأكبر حتى الآن رغم ثلاث جولات كاملة، وهو من شأنه أن ينهى حالة الانسداد السياسى التي فى البلاد.. ويكشف المشهد السياسى الحالى، مدى إصرار وتعنت كلا التحالفين المتعارضين الأكبر حتى الآن.

وهما تحالف «إنقاذ وطن» الذي يضم تيار الزعيم الشيعى مقتدى الصدر المتصدر لنتائج الانتخابات، والحزب الديمقراطي الكردستانى، وتحالف السيادة السنى الذى يرأسه خميس الخنجر ويضم تكتل تقدم لمحمد الحلبوسى رئيس البرلمان، وتكتل عزم لمثنى السامرائى، حيث يشغل هذا التيار حوالى  155 مقعداً برلمانياً.

وخصمه تحالف «الإطار التنسيقى» ويضم كافة القوى السياسية الشيعية الأكثر ارتباطاً بإيران والتى قد فشلت فى الحصول على نتائج متوازنة انتخابياً، فى مقدمتها تيار الفتح لهادى العمرى.

وائتلاف دولة القانون لنورى المالكى، وتيار الحكمة لعمار الحكيم، وكتلة السند الوطنى لأحمد الأسدى، وغيرها من الفصائل المسلحة، بالإضافة إلى حزب الاتحاد الوطنى الكردستانى الذى كان جزءاً من تحالف الصدر قبل انضمام للإطار إثر خلافات حادة مع الديموقراطى الكردستانى فى سياق تحديد مرشح رئيس الجمهورية الذى جرى العرف ان يكون كردياً، ويحتل هذا التحالف حوالى 140 مقعداً برلمانياً. 


 من المؤسف القول: إن ما يحدث على الساحة السياسية، يعكس الواقع الأليم الذى يعيشه الشعب العراقى فى ظل غياب الإرادة السياسية، وهو إصرار القوى السياسية المختلفة تغليب مصالحها الذاتية ومكونها الطائفى، على مصلحة الوطن والشعب العراقى، ففى الوقت الذى يصر فيه تحالف مقتدى الصدر على ضرورة أن تكون الحكومة الجديدة ذات أغلبية وطنية تتشكل من الأحزاب الفائزة بنتائج الانتخابات، على اعتبار أن «التوافقات» القائمة على «المحاصصة الطائفية» لم تنجح عبر سنوات فى مواجهة التحديات والأزمات الأمنية والاقتصادية والسياسية التى يواجهها العراق.  

نجد فى المقابل تحالف الإطار التنسيقى ومن ورائه إيران، والذى يمتلك بما يسمى «الثلث المعطل فى البرلمان» كونه يرى ضرورة أن تكون الحكومة قائمة على قاعدة «التوافق السياسى» على غرار الدورات الانتخابية السابقة، حفاظاً على وجود كتلة شيعية موحدة فى إدارة الدولة باعتبارها المكون السياسى الأكبر عدداً.

وتتفاوت الآراء حول النظر الى المشهد السياسى خلال الفترة القادمة ما بين التفاؤل والتشاؤم، اما التفاؤل فخلال الاسبوعين الماضيين ظهر فى الأفق، من شأنه أن يكون تمهيداً لحلحلة هذا الانسداد السياسى، تهب رياحه من إقليم كردستان شمال العراق.

بعد زيارة قام بها رئيس الإقليم نيجيرفان بارزانى إلى مدينة السليمانية، التى حركت إلى حد كبير المياه الراكدة بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، الديموقراطى الكردستانى.

ومرشحه لرئاسة الجمهورية ريبير أحمد، وحزب الاتحاد الوطنى الكردستانى الذى يؤيد التجديد لمرشحه برهم صالح الرئيس الحالى للعراق. حيث عقد المكتبان السياسيان للحزبين اجتماعاتهما نهاية الاسبوع الماضى فى العاصمة أربيل والتى جاءت بناءً على المبادرة التى يتبناها نيجيرفان بارزانى رئيس الإقليم وبمشاركة مسئولة بعثة الأمم المتحدة جينين بلاسخارت لإحداث تقارب الكردى- الكردى..

وعلى الرغم من أن تلك الاجتماعات التى تأتى ليس فقط من واقع الخلافات القائمة بتمسك كل طرف بمرشحه لمنصب رئيس الجمهورية، بل أيضا خلافات تخص التوافق على اَليات الاتفاق على الانتخابات البرلمانية الوشيكة فى الإقليم، لاسيما المتعلقة بسجل الناخبين أو قانون الانتخابات.

إلا أنه حتى الاَن لم تكشف تلك الاجتماعات ما يمكن التعامل معه على انه بوادر اتفاق كردى  للوصول الى أرضية مشتركة، يتم من خلالها تسمية مرشح كردى واحد  لمنصب رئيس الجمهورية، مما يفتح الطريق أمام إزلال عقبات تشكيل الكتلة الأكبر عدداً بالبرلمان لترشيح رئيس وزراء يكلفه رئيس الجمهورية.

وبالتالى تكتمل مسيرة الاستحقاقات الدستورية الثلاثة، لتبدأ العراق الانطلاق نحو التصدى لأزماته المتعددة، لاسيما الأمنية والاقتصادية فى ظل نظام عالمى جديد يبدو فى الأفق. اما التشاؤم فهناك تخوف من العودة الى المربع (صفر) من خلال اللجوء الى المحكمة الاتحادية العليا بدعوة الى حل مجلس النواب رغم انه هو الكيان الوحيد الذى نجح فى الخروج من الازمة.

واختار بالفعل محمد الحلبوسى رئيسا له نتيجة فشل القوى السياسية الى اتفاق خلال المدد الدستورية فى انجاز اختيار رئيس الوزراء والجمهورية والعودة من جديد الى الشعب واجراء انتخابات جديدة.

وكذلك دعوة مقتدى الصدر نواب تكتله فى البرلمان الى تقديم استقالتهم مما يعنى مزيدا من التعقيد والتأزم خاصة اذا جاءت النتائج قريبة من الحالية.  

اقرأ أيضا| الاتحاد الوطني الكردستاني بمصر يحتفل بالذكرى الـ46 لتأسيسه