كتبت: مى السيد
حقائق صادمة كشفت عنها مؤسسات ومنظمات معنية بحماية الأطفال فى أوروبا والغرب، حول ما يتعرض له الصغار من استغلال جنسى، حيث كان عام 2021 الأفظع من حيث نشر الاعتداءات على وسائل التواصل والمواقع الإباحية، فأكدت التقارير أن 85 مليون صورة ومقطع فيديو تم نشرها على الإنترنت فى جميع أنحاء العالم تصور لحظات الاعتداء على الأطفال، بزيادة قدرها 6000 ٪ منذ عام 2010 ..
وأكد الاتحاد الأوروبى أن جائحة كورونا أسهمت فى تفاقم المشكلة، وزادت نسبة الاعتداءات على القصر واستغلالهم جنسيًا، حتى وصلت الزيادة إلى 64 ٪ مقارنة بالعام قبل الماضى، وأصبحت أوروبا مركزًا رئيسيًا فى العالم بواقع 60 % من الصور ومقاطع الفيديو المتعلقة بالإساءة الجنسية للأطفال.
التقارير الواردة من الدول الأوروبية تؤكد فعليًا وجود مشكلة حقيقية يواجهها الصغار، بل وأصبحت ظاهرة كبيرة، حيث بلغت أكثر من مليون حالة اعتداء في 2020 وحده، وتحاول الدول الغربية التخلص منها ومواجهتها بعد أن أصبحت بؤرة العالم فى الاعتداء والاستغلال الجنسى للأطفال.
كانت البداية من ألمانيا التى أعلنت السلطات الأمنية فيها عن زيادة قدرها 108% فى هذا النوع من الجرائم بواقع 49 حالة اعتداء جنسى على الأطفال يوميا، فشرطة برلين أعلنت من خلال آخر إحصائية لها أنها سجلت ما يقرب من 39 ألف جريمة اعتداء إضافية مقارنة بالعام الماضى.،ورغم ذلك العدد الهائل إلا أنه ووفقًا للسلطات الأمنية الألمانية، فإن تلك الأرقام السنوية لا تقدم الصورة الكاملة عن الحجم الحقيقى للانتهاكات التى تحدث للأطفال خلف الجدران.
وزيرة الداخلية الألمانية نانسى فيزر أعربت عن قلقها من تضاعف تلك الجريمة واكتشاف المزيد بشكل دورى، وأكدت أن الشرطة لا تدخر جهدًا لمواجهة تلك الظاهرة الخطيرة، فكان من أهم نشاطاتها تفكيك واحدة من أكبر منصات استغلال الأطفال فى المواد الإباحية والاعتداءات الجنسية، بجانب حملة مداهمات وتفتيش واسعة أكثر من 40 شقة ومكتب بجانب 50 عقارًا.
كان من أبرز تحركات الحكومة الألمانية فى هذا السياق هو إقرار مشروع قانون لمكافحة الاعتداء الجنسى ضد الأطفال، والذى ينص على عقوبات أكثر صرامة، وملاحقة جنائية أكثر فعالية وتحسين الوقاية من هذه الجرائم، ومن المنتظر أن تعاقب جرائم العنف الجنسى بحق الأطفال مستقبلا بالسجن لمدة تصل إلى 15 عاما.
هولندا
فى هولندا يتعرض ما يصل إلى 20 ألف ضحية كل عام من الأطفال إلى الاعتداء والعنف والابتزاز الجنسى، وهو ما أكده هيرمان بولهار المعنى بقضايا الإتجار بالبشر والعنف الجنسى ضد الأطفال فى هولندا، والذى شدد على أن الدولة حتى الآن فشلت فى حماية أطفالها.
وأكد الهولندى المعنى بحقوق الأطفال على أن هناك خللا فى المنظومة القضائية الهولندية، لافتا أن هناك 417 يومًا بين عرض القضية على النيابة العامة، وصدور الحكم من قبل المحكمة ضد المعتدين على الأطفال، كما إن ربع مرتكبى الجنح الجنسية الصغيرة يقترفون جريمة أخرى فى ظرف عامين لا يخضعون للمراقبة من قبل السلطات لفترة كافية بعد صدور الحكم عليهم.
وكشف هيرمان أن ما يقرب من نصف الفتيات وخمس الصغار يتعرضون للعنف الجنسى قبل بلوغهم سن الـ 18، مشيرًا إلى أن العديد من الجناه هم من الشباب، وأكثر من ربعهم قاصرون، مطالبا الحكومة الهولندية والوكالات الأمنية بذل المزيد من الجهد لمنع العنف الجنسى.
وذكرت دراسة حديثة فى هولندا؛ أن العديد من الجناة هم أنفسهم ضحايا للعنف الجنسى، ويمثلون غالبًا الشباب الضعفاء الذين يعانون بالفعل من مشاكل فى المنزل أو فى المدرسة.
فرنسا
لم يكن الحال مختلفًا فى جمهورية فرنسا حيث أوضحت التقارير الإعلامية أن هناك 68 حالة اعتداء جنسى على الأطفال يوميا بمختلف ولايات الجمهورية، بحسب البلاغات الواردة إلى أقسام الشرطة، بجانب تعرض 49 طفلا للاستغلال الجنسى، بشكل يومى فى البلاد.
وبسبب عدة قضايا خاصة باستغلال الأطفال، والتى أثارت ضجة إعلامية كبيرة فى فرنسا، عزم البرلمان الفرنسى على تشديد التشريعات ضد الجناه فى تلك الجرائم، حيث أقر تشريعا يعتبر ممارسة الجنس مع طفلة دون 15 عامًا اغتصابا وتستحق عقوبة تصل إلى السجن 20 عامًا.
فعقب وقوع عدة قضايا أثارت ضجة إعلامية كبيرة، كقضية الباحث فى العلوم السياسية أوليفييه دوهاميل الذى اتهمته ابنة زوجته كامى كوشنير باغتصاب شقيقيها التوأم حين كان مراهقًا، وقد عمل أعضاء البرلمان والحكومة فى فرنسا على تشديد التشريعات فى هذا المجال.
ومن جانبها كشفت النائبة الاشتراكية إيزابيل سانتياغو أرقامًا صادمة حول الاعتداءات الجنسية والاستغلال للأطفال، حيث صرحت لوسائل إعلام فرنسية بأن 10% من الفرنسيين تعرضوا لسفاح القربى، وأن طفلا يتعرض للاغتصاب كل ساعة فى فرنسا، كما أكدت أن واحدًا من كل خمسة فرنسيين كان ضحية جريمة استغلال جنسى للأطفال.، مشيرة إلى أنه وبموجب القانون الجديد لن يعد بمقدور المعتدين الحصول على موافقة قاصر أصغر من 15 عامًا، كونه سيعرض نفسه للسجن لمدة طويلة.
هلع وتعاون أوروبى
من أجل مواجهة تلك الظاهرة عكف الاتحاد الأوروبى على وضع تشريعات عن طريق اقتراحات لمنع ومكافحة الاعتداء والاستغلال الجنسى على الأطفال خاصة عبر الإنترنت، الذى يعتبر السبب الرئيسى فى الاعتداءات الجنسية، منها وضع عراقيل كبيرة على نشر أى محتوى جنسى يتعلق بالأطفال.
كما أقر البرلمان الأوروبى مطالبة المنصات الرقمية ومواقع الإنترنت بالإبلاغ عن مشاركة صور الاعتداء الجنسى على الأطفال على الإنترنت. ويقوم الإجراء الذى يحتاج إلى اعتماده من قبل الدول الأعضاء وبرلمان الاتحاد الأوروبى، على مطالبة الشركات العاملة فى الاتحاد الأوروبى بالكشف عن محتويات المواد الإباحية المتعلقة بالأطفال والإبلاغ عنها وإزالتها.
وحول تلك القرارات أكدت نائب رئيس البرلمان الأوروبى؛ إن التمسك بحقوق الأطفال وحمايتها عبر الإنترنت وخارجها أمر ضرورى لرفاهية مجتمعاتنا، حيث تعتبر مواد الاعتداء الجنسى على الأطفال عبر الإنترنت نتاجًا لاعتداء جنسى جسدي واضح على الأطفال.، مشيرة إلى أنه عمل إجرامى للغاية، مشيرة إلى أنه للاعتداء الجنسى على الأطفال عبر الإنترنت عواقب واسعة النطاق وطويلة المدى على الأطفال وتترك صدمة قد لا يتعافى البعض منها أبدا، مشددة على أنه يمكن منع الاعتداء الجنسى على الأطفال إذا عملنا معا لحمايتهم.
وتابعت فى تصريحاتها حول تلك الظاهرة؛ «الكمية الهائلة من مواد الاعتداء الجنسى على الأطفال التى يتم تداولها على الويب مذهلة، ومن المخجل أن أوروبا هى المركز العالمى لمعظم هذه المواد، ونحن بحاجة إلى تعاون أوروبى متزايد والمزيد من الاستثمار بشكل ملحوظ فى الأفراد والمعدات التكنولوجية لسلطات التحقيق، فكل نجاح فى التحقيقات مهم لأنه يوفر فرصة لوقف الاستغلال الفادح للأطفال ومنع المزيد من الجرائم».
وقالت مفوضة الشؤون الداخلية للبرلمان الأوروبى إيلفا جوهانسون: «بصفتنا بالغين، من واجبنا حماية الأطفال، حيث يعتبر الاعتداء الجنسى على الأطفال خطرًا حقيقيًا ومتزايدًا، مشيرة إلى أن التقارير الواردة فى ذلك الأمر تتعلق اليوم بالأطفال الأصغر سنا».
وتابعت؛ «هناك حاجة ماسة أيضا إلى الكشف عن الاعتداء الجنسى على الأطفال عبر الإنترنت والإبلاغ عنه وإزالته لمنع مشاركة الصور ومقاطع الفيديو الخاصة بالاعتداء الجنسى على الأطفال، والتى تصيب الضحايا فى كثير من الأحيان بعد سنوات من انتهاء الاعتداء الجنسى.
لم تقف منظمة اليونيسف مكتوفة الأيدى أمام تلك الظاهرة المرعبة فى أوروبا بل أصدرت بيانًا أكدت فيه؛ أن إساءة معاملة الأطفال عبر الإنترنت هى ظاهرة حديثة يعود تاريخها إلى حوالى عشر سنوات، لكن العواقب تدوم مدى الحياة، وهناك ملايين الصور للأطفال التى يتم تداولها، ومن خلال ذلك، فإن انتشارها عبر الإنترنت يعيد آثار الصدمة من جديد للطفل.