كتبت: دينا جلال
تشغل الحوادث العائلية نسبة كبيرة من الجرائم في كافة أنحاء العالم، وبين هذا الكم الهائل من الحوادث تُعد جرائم الامهات القاتلات من اهم الملفات حيث تصحب جرائمهن حالة من الدهشة والصدمة لتتوارد التساؤلات حول تخلي أم عن مشاعرها الغريزية لتتخلص من أبنائها بطرق بشعة تزداد شرًا يومًا بعد الآخر، ما الذي يدفع الام لقتل أبنائها بدلا من الحفاظ على حياتهم والاستمتاع بمراحل طفولتهم وشبابهم؟!، وكيف تعاملت القوانين مع تلك الجرائم التي تخرج عن سياق الطبيعة؟!
تعد الولايات المتحدة الامريكية من الدول التي تشهد اعلى معدلات قتل الأطفال، والجاني الأكثر شيوعا في تلك الجرائم هو احد الوالدين حيث يلقى حوالى 8 من مائة ألف طفل مصرعهم كل عام، ويجري اعتقال حوالي 500 أب أو أم سنويا، وتشغل الامهات نسبة كبيرة من مرتكبي تلك الجرائم خاصة في العام الاول من ولادتهن لعوامل نفسية واجتماعية تناولتها دراسات عديدة لتفسير كواليس تلك الجرائم.
الضحايا الخمس
يعرف الأمريكيون جيدا الام اندريا بيتس التي تقضي فترة عقوبتها في السجن، وهى ابشع نموذج للام القاتلة حيث قتلت اطفالها الخمسة وتتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و 7 سنوات، قامت الام بالسيطرة عليهم وإغراقهم جميعًا فى حوض الاستحمام االبانيوب لتواجه تهم عديدة بالقتل من الدرجة الأولى دون الاكتراث إلى حالتها النفسية وقت ارتكاب الحادث.
الغريب فى الامر أن اندريا لم تظهر عليها أى مؤشرات لارتكاب تلك الجرائم، فحصلت على درجة البكالوريوس في التمريض بامتياز، وشغلت منصبًا مرموقًا فى مركز صحي بجامعة تكساس في هيوستن ووصفها الجميع بالأم الرائعة، إلا أن الامور تغيرت تمامًا بعد ولادة ابنها الرابع لتشعر بالإرهاق ويتضاعف شعورها بالاكتئاب، وأفصحت لمن حولها عن الشيطان الذي بداخلها ويدفعها لقتل ابنائها حتى انها كادت تتناول جرعة زائدة من الأدوية لتقتل نفسها بدلاً من إيذاء أطفالها، تغيرت الامور بشكل مفاجئ لتختار اندريا وزوجها إنجاب طفل خامس دون الاستماع إلى نصيحة الطبيب النفسي الذي نصحهما بعدم الإنجاب مرة اخرى إلى أن تتزن نفسيًا خاصة بعد أن افصحت له عن شعورها بوجود شخص خفي يراقبها ويدفعها للتخلص من ابنائها خاصة بعد ولادة الطفل الخامس واقتنعت أن الحل الوحيد لإنقاذ ابنائها من الإهمال والاذى هو إغراقهم لإنقاذ ارواحهم.
اثناء المحاكمة عرض محامي المتهمة تقرير المختصين النفسيين ليشير إلى أن الام عانت من اكتئاب ما بعد الولادة الذي دفع بها إلى حالة انفصام الشخصية وحاولوا تبرئتها، إلا أن هيئة المحلفين رفضت البراءة تماما أو أى مبررات لجريمة الام التي تلقت حكمًا بالسجن المؤبد منذ سنوات ومازالت تحاول الحصول على حكم البراءة، لتؤكد انها مريضة نفسيًا إلا أن المحكمة تكرر رفض الدعوى.
وأد الاطفال
تطلق القوانين فى الخارج تعبير االوأدب على جرائم قتل الاطفال الرضع في السنة الاولى من حياتهم على يد امهاتهم وفي امريكا تعاقب الامهات حتى وإن أثبتن إصابتهن بحالة نفسية وعقلية بأقصى عقوبة قد تصل إلى الاعدام أو السجن مدى الحياة أو السجن لفترات طويلة، وكذلك في بريطانيا تعد العقوبة القصوى لقتل الاطفال هى السجن المؤبد وقد تكتفي المحكمة بالسجن لعدة سنوات تبعًا لحالة الام النفسية والعقلية وهو ما تطبقه كندا ايضا.
تكشف الدراسات الامريكية؛ أن وسيلة قتل الاطفال الاقل من عام تتم عن طريق الخنق أو ارتطام الرأس او التجويع والإهمال دون اللجوء إلى اسلحة أخرى، وشهدت امريكا واقعة اخرى تواجه فيها الام آشلي هولينجسورث، 23 سنة، من لاس فيجاس السجن 22 عاما بعد قتلها طفلها الرضيع لتواجه تهم بمحاولة القتل وإساءة معاملة الأطفال، ووقع الحادث بعد ولادة الام بيوم واحد فقط ليبلغ والد الطفل الشرطة عن خنق ابنه ببطانية، وكشف تقرير الشرطة أن الام القاتلة فوجئت بولادة ابنها في المنزل ثم نقلها زوجها إلى المستشفى لتخنق الرضيع ببطانية ضغطت بها على وجهه وأنفه ثم هربت من المستشفى وهى غارقة في دمائها ثم ادعت قيام شخص بلكمها وضربها، وبالفعل ألقت الشرطة القبض عليها وآثار الكدمات تحت عينيها بشكل مخيف، وكشفت الشرطة أن الطفل عاني من نزيف في المخ ومن المقرر أن تمثل الام امام المحكمة لتُعاقب بالسجن مدى الحياة، وكشفت عائلة الام أنها أدلت بتعليقات غريبة حيث تعتقد أن طفلها كان شريرا واعتبرته شيطانًا يسكن جسدها كما طلبت من المحيطين بها أن يصفعوها على وجهها لاستخراج الشر منها اثناء حملها، وكشفت عائلتها أنها تلقت علاجًا نفسيًا في سن المراهقة وتم احتجازها في مركز احتجاز مقاطعة كلارك بدون كفالة على أن تمثل أمام المحكمة.
طفل الغابة
في بريطانيا يكشف مكتب الإحصاءات الوطني عن حوالي 60 طفلا يلقون مصرعهم على يد ذويهم سنويًا، أما عن احدث القضايا، فهو ما شهدته انجلترا حيث لجأت الام سيليبا كيريسي، 38 سنة، لقتل ابنها حديث الولادة حين تركته في الغابة وغطته وتركته وحيدًا فى منطقة نيو فورست في هامبشاير وكشفت التحقيقات؛ ان الام متزوجة من جندي سابق، وهما مهاجران من اصول افريقية ولديهما اربعة ابناء آخرين وقضت حياتها فى جحيم لمدة عامين بسبب محاولتها الاستقرار في انجلترا حيث حاولت الاجهاض وكانت مهددة بالموت في حالة التخلص من الجنين فانتظرت ولادته حتى تخفيه وتتخلص منه في الغابة لضمان انهاء أوراق استقرارها وإعالتها فى بريطانيا، وحاولت الام المتهمة تبرير جريمتها لتؤكد؛ انها ضحية سابقة للعنف الأسري حيث اتهمت زوجها باعتياده ضربها بحزامه العسكري وهو الامر الذي تسبب فى خروج زوجها من الخدمة العسكرية، تلقت الام حكمًا بالسجن مدى الحياة بحد أدنى تسع سنوات.
أحدث الجرائم
لا تقتصر جرائم الامهات على قصص الوأد وقتل الاطفال في عامهم الاول فقط وانما تصدم مشاهد قتل الامهات العالم؛ فمنذ اسبوعين اقدمت الام الامريكية أنجيلا فلوريس، 38 سنة، على ارتكاب مجزرة عائلية بقتل ابنائها الثلاثة فى منزلها في حي ويست هيلز بلوس انجلوس، وعثرت الشرطة على جثث الضحايا بعد أن قتلتهم الام في عطلة نهاية الاسبوع، وكشف بيان مكتب المدعي العام لمقاطعة لوس أنجلوس جورج جاسكون تفاصيل جريمة الام أنجيلا التي قتلت ابناءها الثلاث ناثان يانيز، 8 سنوات، وكيفين، 10 سنوات، وناتالي 12 سنة.
كشف المدعى العام في بيانه عن تأثير الحادث على مجتمع بأكمله، إلا انه كشف عن احداث سبقت العثور على جثث الاطفال حيث ابلغ الجيران عن الام وطلبوا نقلها إلى المستشفى لأنها تتصرف بشكل غريب وقال الجيران؛ إن الام ظلت طوال الليل تصرخ وتصلي بهستيريا وتضيئ الشموع وبالفعل استجابت الشرطة لبلاغ الجيران بقسم االاستجابة الطبيةب ونقلوا الام الى المستشفى والغريب في الامر، أن الشرطة غفلت عن دخول المنزل ولم تكتشف مقتل الاطفال إلا بعد مرور ساعات عديدة من أخذ الام بعيدًا، وكشف والد الاطفال جاكوب كورونا وزوج فلوريس السابق أن انجيلا اصدرت تعليقات غريبة عندما اتصلت به قبل أسبوع تقريبًا من القتل لتشير إلى اعتقادها أن ابناءها ممسوسين وهاجمتهم كثيرًا في محاولة لطرد الشياطين وكانت تتحدث عن الموت والرغبة في إراحة نفسها والابناء، والغريب في الامر أن الام كانت تعمل في جمع التبرعات الخيرية لجمعية السرطان الأمريكية، وألقت الشرطة القبض على الام التي اعترفت سريعًا للمحققين بقتل اطفالها بمساعدة ابنها الاكبر وعمره 16 عاما، وظلت الام في السجن بكفالة 6 ملايين دولار.
معركة حضانة
تتناقل الصحف العالمية قصة أم أخرى من ولاية اوريجون الامريكية آشلي بالمر، 31 عامًا قتلت طفليها وهما كايليانا بالمر، 6 سنوات، وكزافييه بالمر 8 سنوات ثم قتلت نفسها، وكشفت الشرطة تفاصيل الحادث لتشير إلى أنها واحدة من الأمهات الغارقات فى معارك الحضانة فى المحاكم، وقررت إنهاء تلك المعاناة بقتل طفليها ثم الانتحار لأنها قررت التخلص من نفسها وخافت على مستقبل طفليها فأنهت حياتهما بطلقات الرصاص في جريمة ثلاثية مروعة.
انفصلت بالمر عن زوجها جينافي منذ عامين وخاضا نزاع حضانة قاسي للغاية حيث اصر زوجها السابق على تقاسم حضانة أطفالهما إلا أن الام اصرت على الرفض بعد اتهام زوجها بالاعتداء عليها المتكرر أثناء حياتهما سويًا في ولاية أيداهو، وابلغ الزوج عن الجريمة بعد أن وصله رسالة مزعجة من زوجته تتضمن مقطع موسيقي حول الانتحار والقتل، اتصل بالشرطة بسبب قلقه من الرسالة وأخبره المحققون أنهم سينتظرون حتى الصباح للاطمئنان على الأطفال وبالفعل اكتشفوا جرائم القتل والانتحار التي صدمت الجميع.