«التخاطر الروحى» أحدث تقليعة لاصطياد عريس !

التخاطر الروحى
التخاطر الروحى

كتبت: علا نافع

◄«التخاطر» خزعبلات تقودنا إلى اللاشئ

◄خبراء: «التخاطر» يفتح الباب أمام الدجل والشعوذة 

◄علماء الدين: يتم الترويج إلى «زواج التخاطر» عبر صفحات الفيسبوك والجروبات المغلقة

 

سلطان الهوى لا يقوده إلا القلب، ينال من صاحبه ويوقعه فى براثن الحب، فلا يستطيع الإفلات أو الفرار مهما طال الأمد أو تغيرت الظروف، لكن مؤخرًا تغيرت تلك القاعدة البديهية وبات التخاطر الروحى وقانون الجذب الذهنى الوسيلة المضمونة لامتلاك قلب الحبيب والسيطرة عليه، بل وإجباره على الدخول فى قفص الزوجية أحيانًا، وظهر الكثير من صفحات مواقع التواصل الاجتماعى وفيديوهات اليوتيوب التى تدعم التخاطر وتروّج له، وبات الحل الأمثل لمشكلة تأخر الزواج عند الفتيات بحسب اعتقاد الكثير منهن!

 

يقوم التخاطر على استحضار الشخص فى العقل الباطن وتوصيل رسائل وأفكار إليه، من خلال بعض التمارين التى تحتاج لتركيز عال وذهن صاف، والأهم أن يتمتع الشخص بروح شفّافة وقدرة على التخيُّل واستحضار الصور، ويرى بعض خبراء الطاقة أن التخاطر يشبه الارتباط النفسى بين الأم وأبنائها أو بين التوائم، إذ يشعرون ببعضهما البعض حتى فى حالة بُعد المسافات بينهما.

 

حاولنا فى هذا التحقيق البحث عن مدى صدق هذا الكلام من عدمه، وهل لمسألة التخاطر تلك أى آثار جانبية خطيرة؟ وما خطوات تنفيذه لتأتى بالنتائج المرجوة؟ كما نرصد بعض صفحات الفيسبوك وآراء الفتيات التى تروّج له بقوة.

 

فى غرفة مظلمة جلست هدى مغمضة عينيها وسط هدوء تام، تتنفس بعمق وتستحضر صورة حبيبها فى مخيلتها، وفور تخيله بملامحه الواضحة، بدأت فى إخباره برسالتها واستعطاف قلبه وهى تمسك بكلتا يديه لربما تنجح فى ذلك، كما باحت بمكنون صدرها طبقًا لقواعد التخاطر التى قرأتها على أحد جروبات الجذب الذهنى وتلاقى الأرواح بعد أن انضمت إليها تنفيذًا لنصيحة صديقتها، لكن من شروط نجاح التخاطر نسيان الرسالة كليًا بعد انتهاء العملية.

 

عشرات من صفحات الفيسبوك وجروباته تحمل أسماء مختلفة بهدف الترويج للتخاطر وجلب الحبيب، فضلًا عن مجموعات الفتيات المغلقة التى زادت مؤخرًا، ومنها صفحة تحمل اسم االتخاطر الذهنى وقانون الجذبب، وقد حازت إعجاب ما يزيد على خمسة آلاف متابع، وظهرت أيضًا مجموعة مغلقة على فيسبوك تدَّعى االقدرة الكامنة للجذب والتخاطر والاستشفاء بالطاقة الحيويةب، ويتابعها أكثر من 230 ألف شخص من كافة أنحاء الوطن العربى خاصة الفتيات اللاتى لا تتخطى أعمارهن عشرين عامًا.. وهناك فيديوهات قصيرة على هذه الصفحات تشرح كيفية عمل التخاطر الروحى فى وقت قياسى، دون أى نتائج سلبية خاصة إذا كانت التجربة الأولى.

 

تقول ميادة نوح (23 عامًا): فى البداية لم أكن مؤمنة بقانون التخاطر والجذب لكن بعد إلحاح شديد من صديقتى بدأت أتابع واحدة من صفحات الفيسبوك التى تروج له، ثم تحولت إلى متابعة فيديوهات اليوتيوب، فقررت أن أجربها خاصة أن هناك شخصا أحبه، وأتمنى أن يتقدم لخطبتى، وبالفعل تفاجأت بحديثه لى عن رغبته فى التقدم لأســـرتى والزواج ســــريعًا، فـزاد اقتنــــاعى بذلك خاصة أن له تفسيرات علمية مقنعة.

 

وعن خطوات التخاطر التى اتبعتها تقول: هناك أسس لنجاح التخاطر أهمها الجلوس فى غرفة هادئة، مع تنقية الذهن من أى مشكلات وأمور، ويفضل أن يكون فى وقت متأخر كى يكون الشخص المقصود نائما، ثم محاولة استحضار الحبيب بصورة واضحة وهو يقترب منا، والبدء فى توصيل الرسالة مع الضغط برفق على يديه، ومن المهم نسيان أمر الرسالة بعد الانتهاء منها دون التفكير أو التشكيك فى نجاح الخطوات التى قمنا بها.

 

أما هدير (33 عامًا)، فتشير إلى أنها قامت بعملية التخاطر بعد أن يئست من العثور على شريك حياتها فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، بخلاف تنمر المحيطين بها ولومهم الدائم لها، وأثناء تصفحها أحد مواقع الإنترنت لفت انتباهها موقع متخصص فى التخاطر، فبدأت القراءة عن مدى صحته، ونجحت فى إيجاد عريس مناسب بعد أن كانت قد ارتبطت بزميلها فى العمل لفترة قصيرة.

 

فتاة أخرى طلبت الإشارة إلى اسمها بالأحرف الأولى منه، حيث قالت لنا (س. ف): رغم متابعتى نجاح عملية التخاطر مع فتيات عدة، لم يحالفنى الحظ حتى أننى جربت التخاطر ثلاث مرات مع أشخاص مختلفين، لكن فى كل مرة تحدث لى مشكلات كان آخرها اتهام أحد الشباب لى بأننى أقوم بأعمال سفلية وأسخِّر الجن لإيذائه كونه بدأ يعانى كوابيس مزعجة ويرانى فيها، ما جعلها تعزف عن تلك التمارين وتقاطعها إلى الأبد.

 

وتتفق معها اسعاد. حب، التى تؤكد أن التخاطر ما هو إلا بدعة يروِّج لها بعض الدجالين مستغلين الفراغ والجوع العاطفى الذى يعانيه كثير من الفتيات، خاصة أنه لا يستند إلى حقائق أو براهين علمية، متسائلة باستنكار عن مصير الحياة الزوجية بعد ذلك فى حال نجاح التخاطر، فهل سيتم استكمالها على هذا الأساس؟!

 

على جانب آخر، تقول الدكتورة منال عمارة، خبيرة العلاج بالطاقة ومدربة الجذب والتخاطر: هناك من يشكك فى صحة عملية التخاطر والجذب الذهنى مدعين أنها بدعة لكنها حقيقة توصل إليها أجدادنا الفراعنة قبل آلاف السنين، وقسَّموا الجسم إلى سبع طاقات يمكن التأثير فيها، كما أن الدراسات الحديثة تؤكد إمكانية انتقال موجات الدماغ المعروفة باسم االمشابكب والتى تحمل تحمل الإشارات الكيميائية والكهربية فى أقل من الثانية دون أن يدرك الشخص الآخر، وإذا قام الشخص بالتركيز على الرسائل والإشارات السلبية فستحدث له مواقف سلبية، والعكس صحيح.

 

وبخصوص خطوات التخاطر، تقول: الخطوة الأولى هى التركيز على ملامح وتفاصيل الشخص المراد توصيل الرسالة إليه، مع التركيز على مضمون الرسالة، ثم اختيار مكان هادئ مظلم ويمكن وضع شمعة بضوء خافتة، والبدء فى التنفس بعمق والعد حتى رقم 10 بهدف الاسترخاء التام، ويطلق عليه اسم االتخاطر الإدرينالينىب، نسبة لهرمون الإدرينالين المرتبط بمشاعر الحب والخوف.

 

وبعد الشعور بالاسترخاء والاستسلام النفسى يتم إغماض العينين واستحضار الشخص بكافة تفاصيله، وفور اقترابه، من المهم الابتسام فى وجهه لإشعاره بأهميته وتأكيدا للحب، ثم إرسال الرسالة بشكل مختصر ومفهوم للطرف الآخر، ولا بُد من نسيان أمر التخاطر، وهذا كفيل بضمان نجاحه. ولضمان نجاح ذلك يجب التدريب المستمر على التخاطر والتركيز لأجل نجاحه دون التشكيك فيه، فإذا كان هناك تشكك فى نجاحه ولو بنسبة بسيطة فلن ينجح معك، بالإضافة لضرورة استرخاء العقل والجسم سويًا لارتباطهما بالوظائف الفكرية والجسدية، مؤكدة أن اختيار الوقت والمكان يلعبان دورًا هامًا فى تعزيز عقل الشخص الآخر لاستجابة الرسالة بفعالية.

 

وحول رأى الطب النفسى فى هذه المسألة، تقول الدكتورة سلمى أبواليزيد، استشاري الطب النفسى: لا أحد ينكر وجود التخاطر بين الأشخاص لكن شرط الوصول لدرجة من النقاء والشفافية من الصعب وجودها لدى الكثيرين، ويقصد به تدريب المخ على توجيه رسائل بعينها لشخص بهدف التأثير فيه، وهو ما يعرف بـالميتافيزيقا، كالعلاقة بين الأم وأبنائها، إذ تشعر بهم رغم بُعد المسافات.. وتؤكد سلمى أن الجيش الأمريكى اعتمد على هذه الفكرة وقام بتدريب كتيبة كاملة على توصيل معلومات معينة لأشخاص يسكنون فى المحيط الهادى، وبالفعل أثبتت التجربة نجاحًا كبيرًا.

 

فى المقابل، يحذِّر الطبيب النفسى، الدكتور وليد هندى، من خطورة التخاطر فهو يفتح الباب للدجل والشعوذة، تحت مزاعم معرفة الغيب والتحكم فى الأقدار، لذا يجب عدم الانسياق وراء تلك الخزعبلات والأفكار الخطرة.

 

فيما تنصح، أستاذة العقيدة بجامعة الأزهر، الشباب بألا ينساقوا وراء بدعة التخاطر خاصة أن كل الأمور مقدَّرة بأمر من الله، فتلك الأفعال هى من عمل الشيطان ويرفضها الله ورسوله الكريم، فعلى الشباب أن يلجأوا إلى الدعاء والصلاة كى يتحقق مبتغاهم، وحتى إذا لم يتحقق فسوف ينالون ثواب التقرب إلى الله والإيمان بقدرته وغيبه، وتنصح الفتيات بضرورة التأنى والاختيار السليم لشريك الحياة دون الاستماع لتلك الخرافات.