خمس أشياء تعيق رسامى «الكوميكس» ..أبرزها مكافآت الكتاب والرسامين

السوق تستوعب أكثر من خمس مجلات: من يخنق رسامى الكوميكس؟
السوق تستوعب أكثر من خمس مجلات: من يخنق رسامى الكوميكس؟

كتب : الطاهر شرقاوى

أصبحت مواقع التواصل الاجتماعى جزءاً من ثقافة العصر، وتواجد مجلات الأطفال فى تلك المواقع أصبح ضرورياً.

ربما يكون الأطفال فى الوقت الراهن أحوج ما يكونون إلى وجود مجلات وكتب للأطفال، فى ظل السماوات المفتوحة ومصادر المعلومات المتعددة، والتى قد يكون بعضها غير ملائم لفترتهم العمرية، ليس من أجل تقديم معلومة خاضعة للرقابة أو الوصاية عليهم، ولكن لتلبية جزء من احتياجاتهم وخيالهم وأحلامهم ومتعتهم وهواياتهم، التى تناسب مرحلتهم العمرية، وهى مرحلة مررنا نحن بها فى ظل ظروف مختلفة، وساهمت فى تشكيل وعينا ورؤيتنا لأنفسنا والعالم، بدءا من مجلات سمير وماجد وباسم وسلاسل كتب الشياطين الـ13 والمغامرون الخمسة، وغيرها من المجلات والكتب.


ويوجد فى مصر حالياً نحو خمس مجلات للأطفال، هى قطر الندى (نصف شهرية) وسمير (أسبوعية) وعلاء الدين (شهرية) وفارس (شهرية) ونور (شهرية) والفردوس (شهرية).

وتتنوع هذه المجلات فى الشريحة العمرية الموجهه لها، وإن كانت فى الغالب تخاطب الأطفال من سن القراءة وحتى نهاية فترة المراهقة.


تواجه مجلات الأطفال الآن الكثير من المعوقات، من أهمها: مكافآت الكتاب والرسامين والتى تكون فى معظمها مجرد مكافأة رمزية لا تساوى الجهد المبذول، خاصة من قبل الرسام الذى يستغرق وقتا ويتكلف مواد خاماً فى الرسم خاصة رسوم الكوميكس.

وهى مشكلة ربما تدعو بعض الرسامين إلى الإحباط أو ترك المجال بحثا عن مجال آخر، أو هروب الرسامين الموهوبين وابتعادهم عن الساحة، أو تقديم البعض لمحتوى دون المستوى.

وهى مشكلة تواجه مجال نشر الكتاب للطفل أيضا، وربما يكون لها حل بعمل جائزة خاصة بأفضل قصة أو رسم نشر فى مجلات الأطفال، كنوع من التشجيع أو التعويض ولخلق منافسة، وكذلك مسابقة لأفضل مجلة من ناحية الإخراج مثلا.

التسويق يعد أيضا مشكلة تواجه مجلات الأطفال، فلا يكفى نشر إعلان فى صحيفة أو تواجد المجلة عند بائع الصحف لتسويقها وتعريف القارئ الصغير بها، خاصة وأن المستهدف هو طفل وليس شخصا كبيرا ويحتاج الأمر إلى أفكار جديدة للتسويق وتعريف الآخرين بالمجلة، سواء بحضور معارض الكتب أو عمل بروتوكول مع وزارة التربية والتعليم والتواجد بالمدارس فى ورش وأنشطة خاصة بالأطفال، أو خلق أفكار جديدة مثل وضع الاسم واللوجو الخاص بالمجلة على بعض المنتجات الخاصة بالأطفال (أقلام – تيشيرتات - كراسات مدرسية.. وغيرها).

أو خروج الشخصيات الرئيسية فى تلك المجلات من الورق المحبوسة به ونزولها إلى الشوارع والبيوت، عبر تحويلها لمنتج متعدد الأشكال سواء بشكل ألعاب إلكترونية أو دمى أو رسوم على ملابس الأطفال.  

وبعد الأزمة الاقتصادية الأخيرة التى تضرب العالم، يواجه قطاع النشر عموما ومنه مجلات وكتب الأطفال، ارتفاعا فى تكلفة أسعار الورق، خاصة وأن نوعية الورق وحجمه شىء مهم فى المنتج المقدم للطفل، للحفاظ على جودة الرسوم والألوان، حيث أن مجلات الأطفال تكون ملونة بالكامل.


التواجد فى العالم الافتراضى، نقطة مهمة أيضا لمجلات الأطفال، حيث أصبحت مواقع التواصل الاجتماعى جزءا من ثقافة العصر، وتواجد مجلات الأطفال فى تلك المواقع أصبح ضروريا، ليس بالشكل التقليدى بنشر المحتوى الورقى كملفات بى دى إف مثلا، ولكن بشكل قادر على جذب الطفل، حيث أن المحتوى المقدم عن طريق الصورة مختلف عن المحتوى المقدم عبر الورق، لكن يمكن العمل على استغلال ما يُنشر ورقيا بمجلات الأطفال وتحويله إلى محتوى بصرى مبهر وشيق، وخلق نوع من التواصل مع الطفل

وبالطبع فإن مجال الأطفال فى مصر يستوعب أكثر من العدد الموجود حاليا من المجلات، حيث يوجد نحو 41 مليون طفل تحت سن الـ18 بمصر وفقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2021، وهو رقم كبير جداً، يحتاج فقط إلى معرفة كيفية الوصول إليه، حيث أنه قادر على استيعاب مجلات جديدة، بل وقادر أيضا على استيعاب إنشاء قناة تليفزيونية مخصصة للأطفال، تراعى التقاليد والهوية المصرية فى توجهها للطفل، وتقديم رسوم متحركة مستوحاة من التراث المصرى خاصة الفرعونى والتراث الشعبى.


ولا ننسى أن الأطفال خارج العاصمة والمدن الكبرى، هم الشريحة الأكبر من حيث العدد أو تلهفهم وشغفهم بحب القراءة، وذلك لعدم تواجد أماكن ترفيهية تستوعبهم مثل المدن، أو لطبيعة نمط الحياة فى الريف والقرى الصغيرة، وهم يحتاجون إلى شىء يمنحهم المتعة والمعرفة فى آن واحد، وهو ما يمكن أن تفعله مجلات الأطفال، خاصة وأن الأطفال بالريف يواجهون مشكلات أخرى مثل التسرب من التعليم أو عمالة الأطفال.

وربما يكون حل تلك المشكلات بتضافر جهود الدولة مع جهود الأماكن الثقافية والتنموية لتقليص تلك المشكلات لحدها الأدنى، ورغم أن سبب تلك المشكلات يدور حول الاقتصاد، إلا أن عدم جاذبية المدرسة يمثل بيئة طاردة للتلاميذ.

ويمكن لأنشطة الأطفال عموما ومنها كتب ومجلات الأطفال، وممارسة الهوايات مثل الرسم والكتابة أن تمثل بيئة جاذبة للمدرسة، بل وتساهم فى حماية الطفل من الوقوع –مستقبلا- فى براثن التطرف أو العنصرية، عن طريق إعلاء قيم مثل الوطن والأخلاق واحترام الآخر وتقبل النقد والمساهمة الإيجابية فى المجتمع والحفاظ على الممتلكات العامة.. وغيرها. 

يوجد الكثير من الموهوبين فى مجال الأطفال فى مصر، سواء على مستوى الكتابة أو الرسم، وإن كان فى مجال الرسم أكثر، بل وحقق بعضهم وجودا فى الخارج،  حيث تتنوع المدارس الفنية بين شباب الرسامين خاصة من خريجى الفنون الجميلة أو التربية الفنية.

ومن خلال عملى كمدير تحرير فى مجلة قطر الندى، فقد مر الكثير من الفنانين الذين حققوا الكثير من التميز والوجود الملموس ومنهم سمير عبد الغنى ومحسن رفعت وسحر عبدالله وأمانى البابا ورسامى الكاريكاتير عبدالله ومخلوف وغيرهم. وهو دور تلعبه قطر الندى منذ إنشائها فى تشجيع المواهب ومنحهم فرصة للنشر، إضافة إلى دورها فى الحفاظ على الهوية المصرية ببعديها العربى والإفريقى.

ووجود رسامى كاريكاتير أو رسامى كوميكس للكبار دليل على تواجد الموهوبين بكثرة، حيث حققت تلك الكتب انتشارا بين الشباب ومنها تجربة مجلة (توكتوك) الخاصة بكوميكس الكبار، وهو ما يدل على أن الرسم والكوميكس سواء للأطفال أو للكبار له تواجد ومعجبون به. 


ومن الأدوار المهمة التى تلعبها مجلات الأطفال هى تقديم الروائع الأدبية لشكل مبسط يتوافق مع الطفل، ويخلق ذائقة أدبية وجمالية لديه حيث تم فى قطر الندى مثلا تقديم قصص هامة ليوسف إدريس ويحيى حقى وتحويلها إلى قصص مصورة.

ومن أهم تلك التجارب قصة «زعبلاوى» لنجيب محفوظ، ورواية «ليس لدى الكولونيل من يكاتبه» لماركيز، و«ساحر الصحراء» لباولو كويلهو، وقصص تولستوى للأطفال، إضافة إلى تقديم الأساطير الإغريقية أو الأدب الفرعونى، وكذلك التراث العربى والقصص الشعبية الإفريقية. 


تحتاج مجلات الأطفال إلى دعم حكومى، ليس شرطا أن يكون ماديا فقط، لكن بتضافر جهود الوزارات والهيئات المختصة مثل وزارات الثقافة والتربية والتعليم والشباب والرياضة، باستغلال الأماكن التابعة لها (قصور ثقافة ومدارس ومراكز شباب) لإقامة أنشطة متنوعة للأطفال تحت رعاية تلك المجلات، وجعلها أماكن جذب للطفل وأسرته، كأن تكون هناك بروتوكولات تنسق بين تلك المؤسسات لتوحيد وتركيز الجهود بدلا من تشتتها، من خلال وضع رؤية عامة أو استراتيجية تهدف لتنمية ورعاية وعى الطفل. 

اقرأ ايضا | تجاوز مرحلة التنمر!