مجرد فكرة

خليها فى سرك !

محمود سالم
محمود سالم

قصة أقرب إلى الفكاهة تترجم إلى حد كبير البيروقراطية والتفكير العقيم .. بطلها هو القاضى الجليل المستشار عدلى حسين وقت أن كان محافظا للمنوفية عندما زارمدينة أشمون وتفقد أحد المخابز فوجده يبيع رغيف الفينو 90 جراما بعشرة قروش فانتابه الفرح لكن قيل له : ما تفرحش إنه لا يصلح لكونه رغيفا طويل الشكل والمواطنون يريدونه دائريا، وافق المحافظ لكن مسئولى التموين رفضوا بحجة وجود قرار وزارى يحدد شكل الرغيف، فذهب للوزيرالذى رفض أيضا ليقول له المحافظ : قرارك فى المرتبة التشريعية قرار وزارى وقرارى على نفس الدرجة إيه رأيك نلجأ لقسم الفتوى والتشريع لحسم الأمر، هنا تراجع الوزير وقال: خلى الرغيف مدور بس ما تقولش لزمايلك يعنى «خليها فى سرك»! 

القصة ظلت فى طى الكتمان سنوات طويلة ولم يبح بها إلا أمام لقاء للجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والإحصاء والتشريع أداره د. سعيد عبد الخالق عضو مجلس إدارة الجمعية وشارك فيه المستشار الجليل خيرى الكباش الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة ود. محمد عبد الظاهر أستاذ القانون بحقوق بنى سويف ود. أسامة عبد السلام الأستاذ بجامعة حلوان بجانب عدد من المهتمين بضرورة إصلاح الأوضاع بالمحليات..

وخاصة إعادة المجالس الشعبية المحلية بالمحافظات، وعلى حد قول محافظ المنوفية والقليوبية الأسبق ورئيس لجنة الشراكة الأورومتوسطية فإن غيابها يمثل قيدا على ممارسة المحافظين لمهامهم وعلى حد تعبير د. سعيد عبد الخالق فإن التنمية المحلية تأتى فى قلب التنمية الاقتصادية، وبالقطع فإن تلك القضية لابد أن تكون فى مقدمة القضايا المطروحة على دائرة الحوار الوطنى ومعهما كل الحق.

القضية إذن فى غاية الأهمية ومن الضرورى الإسراع فى إصدار قانون الإدارة المحلية وإجراء انتخابات المجالس المحلية، وهنا يروى المستشار عدلى حسين قصة مشابهة وقعت مع أحد وزراء المالية السابقين عندما قرر إدخال أموال الصناديق الخاصة بالمحافظات للخزينة العامة، وأيامها اعترض وقال للوزير إنه سيرفع دعوى حتى لا يستأذن فى صرف أموال المحافظة، ليرد الوزير : سوف أصرف لك ما تريده وبلاش دعوى قضائية !

وبالمناسبة كان المستشار عدلى حسين يتعامل كمحافظ بعقلية القاضى فقد تصرف مع أحداث يناير 2011 بأسلوب فى منتهى الواقعية عندما كان هناك عدد كبير من القتلى ولم يكن هناك لا طب شرعى ولا يحزنون فقد كانت الفوضى على أشدها ولذا تصرف وفق ما يسمى بنظرية «الموظف الفعلى» حيث أمر بدفن الجثث بعد تشريحها وانتهت المشكلة ويومها شكره المستشار عبد المجيد محمود النائب العام وقال له : كتر ألف خيرك، وهذا يفسر كيف يتصرف المحافظ القاضى، وكما يرى المستشار خيرى الكباش إنه يفسر معنى أن القاضى يكون قد فهم ما هو معروض عليه.