د.هارفى ألتر مكتشف «فيروس سى»: الملايين يحملون المرض واكتشافى ساهم فى القضاء عليه

البروفسير هارفى أولتر خلال حواره مع «الأخبار»
البروفسير هارفى أولتر خلال حواره مع «الأخبار»

«الأخبار» تحاور مكتشــــــــــف الداء ومبتكر الدواء: «ألتر» و«شينازى»: أنقـــــــــــذنا البشــــــرية مـن «فيـروس سـى» 

التجربة المصرية أحيت أمل إنهاء الوباء.. وأرست نموذجًا مثاليًا للتطبيق عالميا


إجراء التحاليل والاختبارات لكل الحالات التحدى الأكبر فى تجربة الاكتشاف


اقول للشباب يجب أن تعمل بجد دون يأس

الموت كان يسبقنا بخطوات فى معظم الحالات المصابة


لم أتوقع يومًا الفوز بنوبل بعد 50 عامًا من العمل


مصر بلد رائع يكتب فصل النهاية لوباء «سى»
 

بين مكتشف الداء ومبتكر الدواء جلست أجرى هذين الحوارين، تاريخ من العلم والخبرات تجسدت فى هذين العالمين، كان  البروفسير هارفى ألتر مكتشف الالتهاب الكبدى الوبائى (فيروس سي) وبجواره البروفسير ريموند شينازى مبتكر عقار فيروس سى (السوفالدي) الذى انهى معاناة ملايين البشر، التقيتهم على هامش المؤتمر الطبى الأفريقى لإجراء الحوارين معهما..

فور دخولى للقاعة التى يوجد بها العالمان، أشار لى طبيب شهير متخصص فى أمراض الكبد قائلًا أن مفاجأة تنتظرنى دون أن يعلم أن أقصد هذين العالمين، كنت على مسافة من البروفسير هارفى فالتفت إليه فقال هذا هو مكتشف الداء، باقى جزء من المفاجأة، قاطعته أن مبتكر الدواء أيضا موجود، ابتسم وقال هذه فرصتك لحوارات لنا مع قامات علمية كبيرة قد لا تزور مصر مجددًا..

استقطعت جزءا من وقت العالمين لضيق وقتهما لارتباطهما بموعد السفر من مصر، وبدأت حوارى الأول مع مكتشف فيروس سى البروفسير هارفي، جلست بجواره ورغم تقدمه فى العمر فقارب من الثمانين عامًا بدأت أوجه أسئلتى وذهنه حاضرًا ليكشف لى عن تفاصيل اكتشافه لفيروس سى.

والتحديات التى واجهته ورؤيته لتجربة مصر فى القضاء على الوباء..

ما أن انتهيت من حوارى الأول وبدأت ابحث عن مبتكر الدواء الدكتور ريموند شينازى الذى وجدت الحضور فى المحاضرة العلمية يحرصوا على التحدث اليه والتقاط الصور التذكارية معه..

العالمان اشتركوا فى نقاط معينة هى المعاناة والصعوبة حتى وصول لاكتشافتهم التى استمر العمل لسنوات وكانت سببًا فى انقاذ البشر من الوباء سي، بالاضافة الى اتفاقهم على أن التجربة المصرية للقضاء على فيروس سى فريدة من نوعها فى العالم ، وسيتم الاعلان عن خلو مصر من فيروس سي.

بود وتواضع بدأ البروفسير هارفى جيمس ألترHarvey James Alter، مكتشف فيروس الالتهاب الكبدى الوبائى C والحائز على جائزة نوبل فى الطب وعالم الفيروسات الامريكى الشهير حديثه لنا يكشف فيه عن بداية تجربته فى اكتشاف فيروس سي، كان يتلقى الأسئلة بصدر رحب  ليحيك قصص 50 عامًا من العمل حتى فاز بجائزة نوبل فى 2020 كان الانجاز الأعظم فيها هو اكتشاف فيروس سى الذى انقذ حياة ملايين البشر بعدها.

يقول «ألتر» أن الوضع كان صعبًا كنا نفقد آلاف الأرواح سنويًا دون معرفة سبب ذلك إلى أن توصل إلى اكتشاف فيروس سي، بعد اجراء التجارب على الاف الأشخاص ممن يحتاجون إلى نقل الدم، وبعدها بسنوات تم اكتشاف العلاج له..

ويضيف أن اكتشافه  للفيروس ساهم بشكل كبير فى القضاء عليه وانه حقق انجازا كبير للبشرية، موضحا ان مصر أرست النموذج الأمثل فى القضاء على فيروس سى وبعثت الأمل لانهاء الوباء بعد تجربتها الناجحة. 

وعن الصعوبات التى قابلت تجربته أوضح أن الموت كان يسبقهم بخطوات فى معظم الحالات المصابة التى كان يعمل عليها فى التجربة ولا يستطيع انقاذها، وكان هناك تحديا فى  اجراء التحاليل والاختبارات لكل الحالات المشاركة فى التجربة.

واشار الى أنه على الرغم من اكتشاف الوباء لا يزال الملايين  يحملون المرض بشكل صامت ويحتاجون إلى العلاج موضحا انه لم يعتقد يوما انه سيحصل على الجائزة الدولية نوبل بعد 50 عامًا من العمل البحثي.

رحلة طويلة لاكتشاف فيروس سى .. أخبرنا عن تجربتك فى اكتشاف الالتهاب الكبدى الوبائى C ؟

قصة طويلة عشتها تمتد من نهاية الستينيات وحتى 1987، تاريخ اكتشاف الفيروس الوبائى C ، بدأت بملاحظتنا للفيروس وكونه يسبب مرضًا، ثم انتقلت إلى مرحلة التعريف بمخاطر الفيروس، وإثبات أن المرض له تأثير خطير، مرورا بتصميم اختبارات للكشف عن الفيروس والإصابة به وأعراضه.

أخذنا فى سبيل ذلك العديد والعديد من الخطوات شيئا فشئ حتى نتأكد أن تلك الحالات لم تكن الإصابة فيها بسبب فيروسات التهاب الكبدى الوبائى «A» و «B»، بل كانت بسبب فيروس C، الذى اكتشفته وها نحن الآن بعد اكتشاف العلاج نأمل ونعمل على استئصال ذلك المرض من كل المصابين به.

فى البداية كان بحثى الأساسى فى عملية تطوير برامج فحص المتبرعين بالدم لمنع انتقال التهاب الكبد عن طريق نقل الدم، واكتشفت ان المرضى غير مصابين بالالتهاب الكبدى A ،  B، بعد فحص الاجسام المضادة لدم المتبرعين لم تكن اصابتهم بالفيروسين السابقين، و فى 1988   قمت بعمل استنساخ DNA مكمل مشتق من جينوم RNA لعامل التهاب الكبدى غير A و B، وتوصلت لاكتشاف فيروس الالتهاب الكبدى C فى مرضى نقل الدم.

تجربة صعبة

وكيف كانت التجربة التى عشتها لسنوات من أجل الوصول لهذا لااكتشاف؟

التجربة لم تكن سهلة كانت غاية فى الصعوبة مرات ومرات نفشل ثم نعاود المحاولة كثيرا، كنت احيانا اشعر بالاحباط من عدم جدوى المحاولات وكنت اتغلب على ذلك بكتابة الشعر عن الأمل ومواجهة الإحباط . 

و فى البداية لم تكن هناك رؤية لكيفية الانتهاء من موضوع اكتشاف فيروس C ، فعملت على دراسته وعمليات الدمج فى التهاب الكبد الوبائي، فالأمر كان صعبًا فلجات مع فريقى بدراسة بعض المرضى بشكل مكثف ووجدنا أن هناك فيروس مختلف عن فيروس A، B،  وله تأثير مختلف ويؤدى إلى الكثير من الأمراض فى هذا المجال ولم نقدر على تحديده فى البداية.

 وما هى التحديات التى واجهتك اثناء اكتشاف فيروس سي؟

كان التحدى الأكبر بعد اكتشافنا للمرض هو عمل التحاليل والاختبارات لكل الحالات التى تبرعت بالدم، والتى لم تكن بالحالات الكثيرة فى البداية، وذلك حتى نتعرف على الحالات المصابة.

 وثم العمل على تطوير علاجات ناجحة لتلك الحالات. لكن للأسف الموت كان يسبقنا بخطوات فى معظم الحالات التى اكتشفنا أنها مصابة بالفيروس، وقد طور آخرون دواء سمح لنا بعلاج الناس ، والقضاء على الكثير من تليف الكبد عند المصابين ، فكان هناك آلاف من الوفيات بالفيروس اما الان فلا يجب ألا يكون هناك وفيات اخرى لتوافر العقار والتشخيص المبكر.

حققت فائدة عظيمة للبشرية نلت على اثرها نوبل كيف ترى هذا الأمر؟

ساهم اكتشافى بشكل كبير على القضاء على فيروس سي، فبعد ان اكتشفت الفيروس ابتكرت الأدوية واصبحت فعالة بنسة قد تصل الى 100% دون اثار جانبية تذكر، الأمر اصبح مصدر فخر لي، حققت انجازًا للبشرية، ورغم كل هذا لا يزال هناك الملايين  من الأشخاص يحملون فيروس سى بشكل صامت ويحتاجون إلى العلاج.

جائزة نوبل 

بالعودة إلى عام 2020، عام حصول على جائزة نوبل كيف كان شعورك عند الفوز بجائزة نوبل؟

كان شعورًا مختلفًا وجيدًا ولم اعتقد يوما ما اننى ساحصل على هذه الجائزة فحصلت عليها بعد 50 عاما من العمل وللامانة لم يكن هدفى ذلك فكان الهدف الانسانية أولا، لكن هذه الجائزة نوبل اعترافًا بان ما فعتله يلاقى احتراما لدى الجميع.

ومن كان صاحب الفضل فى دعمك للوصول إلى ذلك الاكتشاف؟

كان والدى الداعم الأول لى حيث كان محبًا للعلوم وكان هذا له تاثير كبير على، ولحسن الحظ قابلت العديد من الاشخاص الداعمين لى فى بداية حياتى المهنية، وعملت مع أستاذ الذى كان له الفضل فى اكتشاف مستضد فيروس بى وتعلمت منه الكثير حيث كان أول شخص أعمل معه وهذا لحسن الحظ.. وكنت فى بداية عملى احب العمل فى الأقسام التى يتواجد بها المرضى، مع اجراء الأبحاث فى ذلك الوقت أيضا، وكنت سعيدا عندما اقضى وقتا كثيرا مع المرضى ويسعدهم ذلك ايضا.

نقل الدم 

ما السبب الذى تراه العامل الرئيسى فى انتشار فيروس C؟

تعد عمليات نقل الدم سببا رئيسيا فى انتشار كبير لفيروس سى فى العديد من الدول، حيث خلفت الالاف من الاصابات 

كيف ترى تجربة مصر فى القضاء على فيروس C ؟

مصر حققت إنجازًا كبيرا فى القضاء على فيروس C حيث قامت مصر بعمل الاختبار والمسح الطبى لأكثر من 40 مليون شخص، وهذا عدد كبير جدًا وتكلفته كبيرة، ومجهود أكبر بذل فى ذلك،  وتم توفير الأدوية فى مصر مجانًا ايضا رغم ارتفاع ثمنها، وتعد هذه منظومة متكاملة ناجحة بدأت باهتمام الرئيس السيسى ثم وزير الصحة وكل العاملين بالمنظومة المصرية للقضاء على فيروس C..وبعد المسح الذى اجرى هنا فى مصر، اصبح لمصر الدليل الشامل لكيفية التعامل مع فيروس سى ويجب أن يكون الهدف هو تطبيق مثل هذا المسح فى  كل بلد من البلدان ونحن فى الولايات المتحدة لم نقم بحملة للقضاء على فيروس سى مثل مصر، فيجب أن تفتخر مصر بما حققته بهذا الإنجاز الكبير.

ولذلك فان هناك دول أخرى يمكن منحها وتعليمها كيفية عمل الاختبار وتوفير الأدوية لها، واصبح ذلك ممكنا، فالأمل فى ذلك (القضاء على الفيروس) قد تجدد من خلال التجربة والخبرة المصرية والأمر يعود الى مصر من أجل إعادة تحقيق ذلك لاخرين.
وماهى رسالتك التى توجهها للعالم ولمصر بالأخص؟

الرسالة هى أن مصر قد أرست النموذج الأمثل فى كيفية القضاء على هذا الفيروس، وعلى البلدان والدول الأخرى فى أفريقيا، أوروبا، آسيا، والولايات المتحدة واى مكان اتباع ذلك النموذج وتطبيق تلك الخطوات التى اتبعتها مصر..  وعلى الجميع عمل الاختبارات والتحاليل اللازمة، وإعطاء الدواء، وجعله فى متناول الجميع، فعليهم علاج أى شخص تأكدت إصابته بالمرض وبهذا نستطيع أن نكتب فصل النهاية لقصة هذا الفيروس، فحاليا يمكن الشفاء من فيروس C وهذا ليس متاحا فى كل الأمراض نحن لا نحتاج إلى الكثير من الأدوية لكن المهم أن نجد الأشخاص المصابين بهذا الفيروس ونكتشف تلك الاصابة ونبدأ فى توفير العلاج لهم.

العمل بجد

وما هى الرسالة التى توجهها لشباب الباحثين فى مجال الطب والعلوم؟

يجب ان تعمل بجد لا تيأس، لا اضمن لك الفوز بجائزة كبرى مثل نوبل لكن العمل بجد سببا فى الحصول على ذلك ولن يحدث بدونه، مع الابتكار والتميز والتعاون فى العمل ايضا.. لكن فى النهاية العمل فى الطب والعلوم يستحق المعاناة، وبذل المزيد من الجهد يؤتى ثماره ايضا ويحقق التقدم والخبرة والمكانة فى مجالك.. وبالقياس لتجربتى الشخصية فطوال 50 عامًا من العمل فى هذا المجال كنت دائمًا لا أحب أن أفشل، لم اسع لتغيير مكان العمل الذى كنت اعمل به فطالما كنت سعيدًا بمكانك فلماذا تتركه كنت اخشى التغيير.  

هل هذه هى المرة الأولى التى تزور مصر وما هو انطباعك عنها؟

نعم. المرة الأولى، وارى أن مصر بلد رائعة فقد زرنا الأقصر وأسوان وأبو سمبل، وبالطبع القاهرة كل الأماكن ساحرة، وعندما تنظر لهذا ترى عظمة ما حققته مصر فى تاريخها وما فعله المصريون فى التاريخ من عظمة وتميز، ويجعلك ذلك تشعر بالفخر.

وهل ستكرر هذه الزيارة؟

بالرغم من كبرى سني، ولا أعلم كم تبقى من العمر، لكنى بالتأكيد أتمنى أن أزور مصر مرة أخرى.

1935 عام مولد التر فى مدينة نيويورك.
1960  حصل على شهادته فى الطب من كلية الطب بجامعة روتشستر.
1961 التحق بالمعاهد الوطنية للصحة بصفته مساعدًا إكلينيكيًا.
1969 انضم إلى قسم طب نقل الدم بالمركز السريرى بصفته باحث أول بالمعاهد الوطنية.
1972 أصبح رئيسًا لقسم الأمراض المعدية.
1987 مديرًا مساعدًا للبحوث فى المركز الطبى للمعاهد الوطنية للصحة.
2000 حصل Alter على جائزة Clinical Lasker المرموقة.
2002 أصبح أول عالم فى المركز السريرى يتم انتخابه لعضوية الأكاديمية الوطنية للعلوم «NAS» .
شارك فى اكتشاف ما يسمى مستضد أستراليا  الذى وجد  فى 11% من مرضى اللوكيميا الأمريكيين و تم تحديد البروتين كمستضد سطحى لفيروس التهاب الكبد B فى الستينيات من القرن الماضي
عمل على تطوير برامج فحص المتبرعين بالدم لمنع انتقال التهاب الكبد عن طريق نقل الدم ليكتشف فيروس التهاب الكبد الوبائى سى HCV عام 1988.
2020  حصل على جائزة نوبل فى علم وظائف الأعضاء أو الطب.

إقرأ أيضاً|مكتشف فيروس سي: أمريكا لم تستطع القضاء على المرض مثل مصر