ريموند شينازى مبتكر دواء فيروس سي: المعجزة تحققت.. والعالم تغير بعد «السوفالدى»

د. ريموند شينازى خلال حواره مع محرر  «الأخبار»
د. ريموند شينازى خلال حواره مع محرر «الأخبار»

«الأخبار» تحاور مكتشــــــــــف الداء ومبتكر الدواء: «ألتر» و«شينازى»: أنقـــــــــــذنا البشــــــرية مـن «فيـروس سـى» 

علاج 10 ملايين شخص فى العالم.. و58 مليونا ينتظرون
الرئيس السيسى له الفضل فى القضاء على الفيروس  ويجب شكره على الاهتمام بالمواطنين
التجربة المصرية منارة للعالم بعلاج المواطنين وخلو البلاد من المرض
ساهمت فى علاج المصابين بمنح مصر تركيبة العقار وواحد من كل أسرة مصرية عانى من الالتهاب الكبدى

 

بين مكتشف الداء ومبتكر الدواء جلست أجرى هذين الحوارين، تاريخ من العلم والخبرات تجسدت فى هذين العالمين، كان  البروفسير هارفى ألتر مكتشف الالتهاب الكبدى الوبائى (فيروس سي) وبجواره البروفسير ريموند شينازى مبتكر عقار فيروس سى (السوفالدي) الذى انهى معاناة ملايين البشر، التقيتهم على هامش المؤتمر الطبى الأفريقى لإجراء الحوارين معهما..

فور دخولى للقاعة التى يوجد بها العالمان، أشار لى طبيب شهير متخصص فى أمراض الكبد قائلًا أن مفاجأة تنتظرنى دون أن يعلم أن أقصد هذين العالمين، كنت على مسافة من البروفسير هارفى فالتفت إليه فقال هذا هو مكتشف الداء، باقى جزء من المفاجأة، قاطعته أن مبتكر الدواء أيضا موجود، ابتسم وقال هذه فرصتك لحوارات لنا مع قامات علمية كبيرة قد لا تزور مصر مجددًا..

استقطعت جزءا من وقت العالمين لضيق وقتهما لارتباطهما بموعد السفر من مصر، وبدأت حوارى الأول مع مكتشف فيروس سى البروفسير هارفي، جلست بجواره ورغم تقدمه فى العمر فقارب من الثمانين عامًا بدأت أوجه أسئلتى وذهنه حاضرًا ليكشف لى عن تفاصيل اكتشافه لفيروس سى. والتحديات التى واجهته ورؤيته لتجربة مصر فى القضاء على الوباء..

ما أن انتهيت من حوارى الأول وبدأت ابحث عن مبتكر الدواء الدكتور ريموند شينازى الذى وجدت الحضور فى المحاضرة العلمية يحرصوا على التحدث اليه والتقاط الصور التذكارية معه..

العالمان اشتركوا فى نقاط معينة هى المعاناة والصعوبة حتى وصول لاكتشافتهم التى استمر العمل لسنوات وكانت سببًا فى انقاذ البشر من الوباء سي، بالاضافة الى اتفاقهم على أن التجربة المصرية للقضاء على فيروس سى فريدة من نوعها فى العالم ، وسيتم الاعلان عن خلو مصر من فيروس سي.


لا يخفى العالم ريموند شينازى Raymond F. Schinazi ، أصوله المصرية، وتربيته حتى سن 13 عامًا فى الإسكندرية دائمًا ما يفخر بذلك طوال حديثه بل ينطق ببعض الكلمات بالعربية كنوع من الود مع المتواجدين ثم يكمل حديثه بالانجليزية.

بمجرد أن بدأنا حديثنا مع الدكتور ريموند طبيب وعالم الفيروسات و كبير الباحثين المتخصصين فى مركز أتلانتا الطبي، بدأ يتحدث عن أصوله المصرية وعن نجاحه فى اكتشاف عقار فيروس سى حيث قال إن العالم تغير بعد اكتشاف عقار السوفالدى المعالج لفيروس سي، وهذا أكبر انجاز تحقق ربما فى تاريخ البشر، فتمكن عقاره الى الآن من علاج 10 ملايين شخص فى العالم لكن ما يزال الطريق طويلا لعلاج 58 مليونًا أخرين.

بجوار العالم شينازى تقف زوجته التى عرفنا عليها بأنها عربية أيضا فهى زوجة لبنانية تتحدث العربية بطلاقة تساعده بعربيتها اللبنانية عند الحديث مع أى شخص قد لا يجيد الانجليزية، مستكملًا حديثه عن زياراته السابقة لمصر وكيفية مساعدته للقضاء على الفيروس هنا فقال إن كانت له مساع فى اعطاء تركيبة الدواء لمصر لتصنيع العقار محليا لينخفض ثمنه الى 100 دولار بدلا من 64 ألف دولار خارج مصر..

وأضاف أن تكرار زيارته لمصر جعلته على دراية بحجم الأزمة فى مصر حيث إن كل أسرة بها شخص يعانى من الالتهاب الكبدى الوبائى سى ، واستطاعت مصر عمل برنامج للقضاء على الفيروس لم تسبقها أى دولة حتى الغنية إليه وذلك بفضل رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى الى أن بدأ العالم يشهد حاليا ان مصر خالية من فيروس سي.
علاج 10 ملايين شخص فى العالم.. و58 مليونا ينتظرون

ربما انهيت معاناة الإنسانية.. كيف كانت تجربتك فى اكتشاف العقار المعالج لفيروس C (السوفالدي)؟

بالفعل كانت التجارب تجرى مرات عديدة لاكتشاف هذا العقار ففشلنا لسنوات إلا ان تمكنت من اكتشافه فعملت على العقار منذ 1994 الى أن تمت الموافقة عليه فى 2013، كنت أقول دائما انه لا يأس وهدفى أن أصل الى عقار للقضاء على هذا الفيروس الذى يلتهم كبد الأشخاص، فملايين الناس مصابون بهذا الفيروس ولا تجدى العقارات السابقة فى علاجه بشكل قطعي.

مررت فى سنوات التجارب بتحديات كثيرة صعبة لكن فى النهاية تمكنا من اكتشاف العقار الذى يقضى على الوباء واستطعنا انقاذ البشر من هذا، وفى الحقيقة كانت لدينا الفرصة أن نأتى مبكراً إلى مصر، ونناقش كيميائية وحيوية السوفالدى قبل أن يعلم عنها الكثير لم نناقش فقط السوفالدي، بل ناقشنا أيضاً التركيبة المناسبة وتصنيف الأخطاء الدوائية وغيرها إن وجدت. لذا ناقشنا أمورا غاية فى الأهمية فى مصر.

وإنه أمر جيد الوصول إلى علاج 10 ملايين شخص على الأقل من فيروس C على مستوى العالم حتى الشهر الجارى يونيو 2022، بفضل الدواء المكتشف، ومازال هناك أكثر من 58 مليون شخص بحاجة للعلاج.

الرئيس السيسى له الفضل فى القضاء على الفيروس  ويجب شكره على الاهتمام بالمواطنين

كيف ترى التجربة المصرية فى القضاء على فيروس C ؟

أعتقد أن لديكم الآن فى الواقع تركيبة دوائية جيدة جداً، وذلك كونها تركيبة دواء يتعاطى بالفم ولكنها لن تعمل لوحدها يجب فى البداية عمل اختبارات للأجسام المضادة، فإذا كانت النتيجة إيجابية، حينها يمكن أخذ الدواء فورا. الاختبار ليس بالأمر الصعب، لكن حتى الآن الاختبارات والتحاليل غير كافية، تحتاج إلى إجراء المزيد من الاختبارات ثم العلاج على الفور، ويجب أن يتم تمكين المرضى من الوصول إلى الدواء وإتاحته لهم مع تسليط الضوء على أهمية التكنولوجيا ودورها المهم فى العلاج.

وهذا الدواء السوفالدى نجح فى القضاء على الفيروس فى مصر الذى كان مشكلة كبيرة فى يوم من الأيام ففى البداية عند اكتشاف السوفالدى لم يكن متوفرا بالشكل الكافى وكان سعره مرتفعا جدا لكن مصر استطاعت توفير هذا العقار لكل شعبها مجانا.

وبالفعل أصبحت مصر تمتلك هذا العقار بل تقوم بتصنيعه ايضا وعالجت على يد اطبائها شعبها من فيروس سى بعد أن أجرت مسحًا شاملًا لشعبها للكشف عن الفيروس فى 7 أشهر فقط ومن تم اكتشاف إصابته تم علاجه فى غضون 3 أشهر وهذا لم تفعله أى دولة اخرى حتى الدولة الغنية.

واليوم جئت إلى مصر لأشهد بنفسى ما تم فى التجربة المصرية من علاج فيروس C ونشهد حاليا والعالم أجمع أن مصر أصبحت خالية من وباء فيروس C بعد أن عالجتهم بعقار السوفالدي، وللحق لابد من شكر القيادة السياسية فى مصر على كل هذا الاهتمام بالصحة العامة لمواطنى هذه الدولة فالفضل فى القضاء على فيروس C فى مصر يرجع الى رؤية الرئيس السيسى حيث ادرك منذ وقت مبكر حجم المشكلة وحلها وجعل اختبار الفيروس وعلاجه أولوية فى مصر واستطاع علاج الملايين من المواطنين.

وللأمانة تظل تجربة مصر فى علاج فيروس سى منارة لبقية العالم. حيث لم يتم تنفيذ هذا البرنامج من قبل فى أى دولة وهذه هى المرة الأولى فى تاريخ البشر التى يتم فيها تنفيذ مثل هذا البرنامج لعلاج ملايين المواطنين من فيروس C وحاليا بدأت بعض الولايات فى أمريكا مثل لويزيانا برنامجا صحيا لفيروس سى مثل ما قامت به مصر.

كيف أسهمت باكتشافك فى علاج فيروس سى فى مصر؟

قمت بمنح مصر تركيبة خاصة لعلاج فيروس C يتم تصنيعها فى البلاد، دون الاستعانة بالشركات الأجنبية وهو ما كان له اثر كبير فى الانتاج المحلى لأدوية فيروس C (السوفالدي) لعلاج الآلاف من المصابين، وبالفعل مصر نجحت فى ذلك وعالجت مواطنيها من الفيروس مجانًا.

وعندما جئت لمصر عام 2013، شاركت الحكومة فى وضع حل لكيفية القضاء على الفيروس فى الوقت الذى كان تكلفة العلاج 64 ألف دولار لكل مريض، قمت مع الحكومة بالتفاوض مع الشركة المنتجة حتى وصلنا الى 1000 دولار لكل مريض، وبعد ذلك انتجت العقار شركات مصرية محلية بجودة مرتفعة وانخفض سعره كثيرا ووصل الى 100 دولار فأصبح العلاج متاحا للجميع.

بحسب ما ذكرت زرت مصر قبل ذلك.. ماذا عن زيارتك لها هذه المرة؟

سعيد جدًا بالعودة إلى مصر ولقاء اصدقائى والأطباء الذين أعرفهم وممثلى شركات الأدوية ، فجئت هذه المرة للمشاركة فى المؤتمر الطبى الأفريقى لـ Africa Health ExCon والذى يعد حدثًا مهمًا لمصر وأفريقيا،وخلال مشاركتى فى المؤتمر تحدثت مع شركات الأدوية لمساعدتهم فى تنويع الوصول إلى علاجات كوفيد-19 ، خاصة أن المختبر الخاص بى توصل الى عقار مضاد للالتهابات تم اعتماده لعلاج كوفيد -19 فى أمريكا ويستخدم للمرضى فى المستشفيات ممن يتلقون الاكسجين.

ساهمت فى علاج المصابين بمنح مصر تركيبة العقار وواحد من كل أسرة مصرية عانى من الالتهاب الكبدى

ابتكارك لدواء السوفالدى .. أنقذ الملايين كيف ترى أهميته للبشرية؟

أعتقد أنه من الواضح اننى فعلت معجزة فى الأساس واعتقد ان كل العائلات فى مصر أصيب واحد منها على الأقل بفيروس C بل عانى جميع المواطنين فى مصر من هذا الوباء المتفشى فى الوقت السابق ، البعض فقد حياته نتيجة هذا الفيروس اللعين، واصيب البعض بسرطانات الكبد وتضخم الكبد بسبب مضاعفات الفيروس ولم تستطع فى ذلك الوقت الأدوية المتوافرة فى أن تمنع وتحد من هذه الإصابات والوفيات.

ومنذ إتاحة هذا العقار السوفالدى الذى قمت باكتشافه بدأ الوضع يتغير تمامًا وبدأ الملايين من البشر يعالجون من هذا الفيروس فى فترة لا تتجاوز 3 أشهر فقط بل يشفون تماما من هذا الفيروس .

بعد أكثر من 9 سنوات من استخدام عقار السوفالدى هل رصدتم أى أثار جانبية؟

السوفالدى وصلت فعاليته مابين 90 إلى 100% فى علاج الحالات المصابة وإلى الآن لم تظهر أى أعراض جانبية تذكر، للعقار الذى يتم تناول أقراصه عن طريق الفم لمدة 12 أسبوعًا.

وهل يمكن علاج الحالات المتقدمة المصابة بفيروس C بعقار السوفالدي؟

العلاج يعمل بشكل جيد ويمكنه علاج الأربع درجات من المرض من الأولى إلى الرابعة لكن بمجرد حدوث سرطان للكبد فالعلاج يكون غير فعال ولا يقدم للمريض، لذلك من المهم علاج الحالات مبكرا لترتفع نسب الشفاء.

ولدت فى مصر وغادرتها فى طفولتك .. ماذا تمثل لك والذكريات التى عشتها هنا؟

ولدت وترعرعت فى الإسكندرية ولدى ثقافة مصرية، وغادرت مصر فى سن الـ13 عاما بعد أن درست هنا فى الإسكندرية واتذكر التمشية على الكورنيش مع والدى فى سان ستيفانو لكن رحلنا عن مصر لظروف سياسية، وإلى الآن اتكلم العربية قليلا وذكرياتى هنا جميلة، وقمت بزيارة مصر أكثر من مرة وشهدت تطويرًا كبيرًا فى البنية التحتية.

ما النصائح التى تقدمها لمصر لمنع الإصابة وانتشار فيروس C ثانية؟

يجب على مصر التأكد من عدم إصابة جيل الشباب بالفيروس، من خلال برامج الفحص فى المدارس وعلاجهم فى أسرع وقت ممكن ويجب فحص وعلاج أسر الأطفال المصابين، كما يجب اختبار وعلاج المجموعات المعرضة للخطر مثل الأطباء وأطباء الأسنان والمرضى الذين يزورون المستشفيات بانتظام إذا ثبتت إصابتهم.. وعلى مصر تطوير اختبارات التشخيص الخاصة بها والتى تكون موثوقة وقوية والتى تسمح لأى شخص بالذهاب إلى الصيدلية والتحقق مما إذا كان إيجابيًا أم لا للأجسام المضادة للفيروس.

1951 ولد فى الإسكندرية بمصر.
غادر مصر فى عمر 13 سنة إلى إيطاليا.
1972 حصل على بكالوريوس العلوم سنة والدكتوراة فى الكيمياء سنة 1976 من جامعة باث، بإنجلترا.
درس الصيدلة بجامعة ييل بالولايات المتحدة وبعدها درس علم ال?يروسات وعلم المناعة بجامعة ايمورى.
لديه أكثر من 90 براءة اختراع أمريكية و120 براءة اختراع دولية وقام بتأليف أكثر من 500 بحث علمي.
طور أربعة عقاقير لعلاج عدوى فيروس نقص المناعة البشرية. يستخدمها 90% من المصابين.
طور ثلاثة أدوية لعلاج التهاب الكبد B ، و C.
ابتكر عقار سوفوسبوفير (السوفالدي) عام 2013 لعلاج فيروس التهاب الكبد C وقد تنقذ وتعالج 150 مليون شخص.
قدر العلماء اختراعاته بانقاذ حياة أكثر من 3 ملايين شخص
حصل على جائزة ويليام إس. ميدلتون لعام 2015 من فيرجينيا لعمله الرائد فى اكتشاف العلاجات الدوائية أمراض معدية.
أسس أكثر من 5 شركات فى البيو تكنولوجى على رأسها شركة فارماسيت للتكنولوجيا الحيوية، التى طورت عقار الـ «سوفالدي».

إقرأ أيضاً|الصحة العالمية تشيد بمصر في مواجهة الكبدي الفيروسي في ظل كورونا