جمال الشناوي يكتب: مستر شوربجى.. وكلام دكتور صبحى 

الكاتب الصحفي جمال الشناوي
الكاتب الصحفي جمال الشناوي

قبل ثلاثين عاما ويزيد.. وقف وزير مالية أسبق تحت قبة البرلمان يعرض الموازنة العامه للدولة، ويتغزل في كفاءتها ويبشر النواب بالخير القادم الذى تحمله أوراق وأرقام الموازنة، لكنه فشل في إقناع النواب، وانهالت عليه الانتقادات، وضاق الوزير ذرعا، وتعصّب حتى أنه أقسم «ورحمة أمي الميزانية حلوة»، وأقر البرلمان الموازنة ربما تعاطفا معه وثقة في كلامه، ولكن مصر لم تعبر إلى الرخاء كما قال.. ورحل بعدها.
لا أدرى لماذا قفزت إلى رأسى هذه القصة وأنا أتابع قصة لاعب الإسكواش الإنجليزي المصري سابقا؟! وقررت أن أبحث في أصل الحكاية ولُبّ الموضوع.

مداخلات لرئيس اتحاد الإسكواش.. وتصريحات متلاحقة لوزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحى... فجأة عثرت على تقرير صحفي ينبه إلى خطورة تلوح في الأفق عن خطف نجوم مصر في الإسكواش، تحت ضغط إغراءات مالية ودراسية... التقرير وكأنه يستشرف المستقبل، وتم نشره يوم الجمعة ١١ سبتمبر عام ٢٠١٥ في جريدة الشروق للزميل المتميز جمال نور الدين، وحذر ونبه وطاف مكاتب المسئولين في وزارة الشباب والرياضة واتحاد الإسكواش؛ ليعرض عليهم ويسمع منهم، وجميعهم أكد له صحة مخاوفه من تكرار تجربة باكستان؛ عندما سرقت الدول الكبرى لاعبيها في الإسكواش بإغراءات مالية ومنح دراسية وثائق سفر...

زميلنا المحترم سمع منهم وكتب تقريرا صحفيا متكاملا.. لكن أُسقط في يدى وأنا أقرأ، تخيلوا أنَّ من بين الذين ذهب إليهم وعرض مخاوفه، ونقل إليه ما تنشره الصحافة في الخارج كان الدكتور أشرف صبحي بصفته «مساعد وزير الشباب والرياضة وأستاذ الإدارة الرياضية بجامعة حلوان»-هكذا كانت صفته- فقال مساعد الوزير حينها كلاما منمقا يبشرنا بحسم القضية ووضع الحلول  الحاسمة.

رجعت إلى موقع جريدة الشروق.. لأجد التقرير الصحفى المتميز لا يزال موجودا، وفى أحد عناوينه الفرعية «الوزارة تتابع الموقف».
ونقل زميلنا عن مساعد الوزير وقتها الدكتور أشرف صبحى الذى وصفه بأنه «يتولى هذا الملف»، وقال «إن قضية كبيرة وقد تؤدى إلى تفريغ اللعبة من هذا الجيل العظيم»، وواصل الوزير التحذير من أهمية وخطورة القضية.

وقال الوزير أشرف صبحى، وكان وقتها مساعدا لسلفه خالد عبد العزيز، ومسئولا عن الملف، مثلما وصفه زميلنا، وهنا ننقل نصا من المنشور عن الدكتور أشرف صبحى: «عندما شعرت بخطورة هذه الأزمة تحدثت مع عاصم خليفه رئيس الاتحاد المصري للإسكواش بشكل ودى لإنقاذ اللعبة، والعمل على إيجاد حلول قبل أن تتأزم الأمور، ونجد أبطالنا وقد أغرتهم المنح الدراسية ثم التجنيس القادم، وتم الاتفاق على اجتماع موسع لمناقشة هذا الموضوع».

وأضاف الدكتور صبحى «ويجب على الاتحاد أن يقوم بعمل خطط خمسية لمدة عشرين عاماً، وهناك في علم الإدارة شيء اسمه الاستعداد المستقبلي، وعدم الانتظار للمجهول، ولابد أن نلجأ للمراكز البحثية والدراسات والاستعانة بمركز البحوث والدراسات بالوزارة، ويُؤخذ رأي الاتحاد فنياً لأنها قضية دولة في الحفاظ على المواهب، وسوف أتابع هذه القضية كوزارة ممثلة للدولة وإيجاد حلول لها بالتعاون مع الاتحاد المصري للإسكواش»... نقلت نصًّا ما هو منشور ومنسوب إلى الوزير الحالي الدكتور أشرف صبحى  منذ عام ٢٠١٥.

الغريب أن بين تصريحات الوزير الآن والتي سمعتها بعد قصة «مستر» الشوربجى، أن الوزير قال إنه سيجتمع مع عاصم خليفة رئيس اتحاد الإسكواش خلال ساعات لبحث الموضوع.. ويبدو أن سيادة الوزير يكرر نفس الجملة، والوعد الذى قاله قبل سبع سنوات، وحديثه عن إلزام الاتحاد بمعرفة الوزارة بتقديم خطط خمسية لمده ٢٠ عاما، بمعنى أربع خطط، وعدم الانتظار للمجهول... كلام رائع! لكنه ظل مجرد كلام، ولا أعرف ولا أحد يعلم بتفاصيل ما دار في الاجتماع الأول منذ سبع سنوات، وهل تمَّ فعلا؟ وماذا تم الاتفاق عليه ومتابعه توصياته؟.

والآن وبعد سبع سنوات أخرى، سيعاود الوزير ورئيس الاتحاد اجتماعهما لمناقشة نفس القضية التي نبهت إليها الصحافة وقتها.

عزيزي الدكتور أشرف صبحى! أرجو أن يتسع صدرك لما أكتبه، فسيادتك أستاذ علم الإدارة الرياضة، وتحدثت سابقا عن إلزام الاتحاد بوضع الخطط الخمسية، وأن مركز البحوث والدراسات في الوزارة سيشارك، وللأمانة أول مرة أسمع بوجود مثل هذا المركز داخل جدران وزراة الشباب، ولا أعرف ما هي إسهاماته في الحياة الرياضية؟ ولا أدرى هل تم ضبطه متلبسا بمشاركة علمية ومساعدة الكيانات الرياضية المصرية على وضع خطط خمسية بعيدا عن العشوائية والضجيج الذى نعيشه الآن في مجال الرياضة؟ ولن أتحدث عن قطاع الشباب...!

عزيزي الوزير..

ليس مهما أن تصدر التوجيهات وتعقد الاجتماعات.. لكن الأهم أن نخرج من نطاق الكلام المرتب والشكل البديع دون مضمون، نحن نحتاج إلى متابعة ووضع أساس يحتمل البناء لقواعد الجمهورية الجديدة.

عزيزي الوزير..

رئيس بلادنا يحفظ خريطة مصر، ومشروعات عملاقة تكاد تغطى كل شبر في بلادنا، يتابع مع الشركات والمسئولين، ولا تغيب عنه الأرقام والتواريخ، ولا يقبل بالمسكنات، ويصرّ على الحلول الجذرية مهما كانت تبعاتها، ولا أنسى إصراره على تنفيذ حلمه بتطهير مصر من مرض قاتل سرق منا أعزاء على قلوبنا، وهو فيروس «سي» رغم عدم وجود علاج مباشر له وقتها، وكانت تقارير الصحة العالمية تقول إن ١٠٪ من المصريين يحملون هذا الفيروس في أكبادهم، وبالإصرار على مواجهة المستحيل بالتخطيط والمتابعة نجح واستطعنا أن نكون نموذجا للعالم.

سيدى الوزير..

أدعوك إلى أن تخرج علينا بقرارات وخطط وجداول قابلة للتنفيذ، وحسم تهديد ينتظرنا ويسحب البساط من تحت أقدامنا في اللعبة الوحيدة التي نتسيد العالم بها.