يوسف القعيد فى شهادته للتاريخ: السيسي يبنى جمهورية شباب.. «وحياة كريمة» مثل قناة السويس والسد العالى

الكاتب الكبير يوسف القعيد
الكاتب الكبير يوسف القعيد

عبد الصبور بدر
الحوار السياسى إبداع جماعى والإفراج عن المسجونين شجاعة من الرئيس

كيف تقرأ خطوات الإصلاح السياسي التي تمت فى عهد الرئيس السيسى؟

شهادتي تنطلق من رؤيتي التي تقول أن كل ما يتم شيء عظيم، ومصر كانت في أمس الحاجة إليه، بحيث أصبح الإصلاح السياسي ظاهرة ونمطا يقلده الكثيرون في البلاد المختلفة، مدرسة في التغيير للأفضل بدون الآثار الجانبية التي مررنا بها في ثورات سابقة مثل يوليو «العظيمة، الثورة التي شابتها بعض الأخطاء، لكن هذه المرة استفدنا كثيرا من تجاربنا السابقة وقدمنا نموذجا مثاليا.

وكيف راقبت عملية الإفراج عن المسجونين في الأيام الماضية؟

الإفراج عن المسجونين خطوة تأخرت كثيرا، ولولا شجاعة الرئيس السيسي وإقدامه وقدرته على أن يفعل ما يفكر فيه الآخرون، ويحول الأحلام إلى أماني، وهو أمر شديد الأهمية، ورغم متابعتي الدؤوبة للواقع فوجئت أن خلف الأسوار مساجين كان يجب الإفراج عنهم، ونسيناهم، وتلك جريمة منا في حقهم، والمسألة في غاية الأهمية ويجب ألا تنتهي، ولجنة العفو الرئاسي تعمل بدأب وبدقة غير عادية، وتفاجأنا بأسماء كنا نتصور أنها لم تعد موجودة على قائمة السجون، ولكنها موجودة، ومن الضروري الإفراج عنها، وهذا شيء مهم، لأن مصر أقدم دولة في التاريخ، والوطن يتسع للجميع، ويتسع لكل الآراء، حتى المتناقضة منها، كما يتسع للمزيد من الإبداع، والعمل اليومي.

في رأيك ماهي عوامل نجاح الحوار السياسي؟

الإعداد للحوار السياسي بعناية واهتمام، وأن يأخذ المتحاورون الموضوع بقدر أكبر من الجدية، ويدركون أنهم يراهنون على مستقبل مصر الآتي، حتى تكون النتائج مهمة جدا، ونستطيع أن نجلس بعد ذلك لنقول: «بعد الحوار وقبل الحوار»، لأن التجربة شديدة الأهمية بشرط أن تؤخذ بجدية وبعيدا عن المظهرية، والرغبة في الظهور، بذلك سيؤسس الحوار لمصر جديدة تماما، تستفيد من كل ما جرى في الماضي، القريب، والوسيط، والبعيد، وتنطلق إلى الأمام، مستفيدة من ذخيرة هذا الماضي.

وهل تعتقد أن توصيات الحوار السياسي ستكون ملزمة للحكومة؟

يجب أن تكون التوصيات التي تصدر عن الحوار السياسي ملزمة، بصرف النظر عن أني أتفق أو أختلف معها، أو رفضتها، في النهاية يجب أن تكون ملزمة، مثلما كان ميثاق عبد الناصر ملزما لنا جميعا بعد صدوره، وأهمية هذه المسألة أنها إبداع جماعي لكل المصريين ممثلين في الفئات الموجودة، والتي تضع تصورا للمستقبل، وهو بمثابة تأسيس لهذا المستقبل.

وكيف يواكب البرلمان يغرفتيه الأحداث الجارية؟

يجب أن يواكب البرلمان بغرفتيه (الشعب والشيوخ) الأحداث بتشريعات جديدة لا تجعلها معلقة في الهواء، وتعطيها أرضية حقيقية، ونبتة في أرض الواقع، وتحركها على أساس دستوري، لأن الدستور هو الوثيقة الأساسية التي نستند إليها في أي تحرك ممكن أن ننطلق إليه في المرحلة المقبلة.

كيف تقيم حضور الشباب في المشهد السياسي؟

الرئيس السيسي يؤسس لجمهورية شباب، فالشباب لم يعودوا علامة على «الطيش» والتفكير غير المعد له بشكل جيد، نحن بالفعل في جمهورية يمكن أن تسمى جمهورية الشباب، وعلى الشباب أن يفارقوا مقاعد المتفرجين، وأن يتحركوا للأمام، معتبرين أنهم يؤسسون لجمهورية تخصهم، ولكن ليس معنى هذا أن يلعنوا الشيوخ، بل هي مسألة تكاملية بين الأجيال.

وماذا عن الإصلاح الاقتصادي وقرار تعويم الجنيه؟

قرار تعويم الجنيه جرئ، وكان لابد من إقراره، وعلى حكومة الدكتور مصطفى مدبولي «وهذا هو المهم الآن» أن تراعي الآثار الجانبية التي نتجت عنه، وتواجهها، ولا تجعل الإصلاح الاقتصادي، أو إصلاح أحوال السوق عقوبة يتهرب منها الجميع، هذه إجراءات كان لابد أن تتم، واتخذت بجرأة، وموضوعية، وشفافية، وفي الوقت المناسب لا قبل ولا بعد، وكان لابد أن تصدر.

وكيف تثمن دور الشعب في المسألة؟

الشعب يكاد يكون صانعا لإجراءات الإصلاح الاقتصادي بتقبله لها، وعدم تذمره، ورؤيته أن ما يحدث شيء لمصلحته القريبة والبعيدة، وأعتقد أن الجسم العام للمجتمع المصري نظر إلى هذه الإجراءات باعتبارها مسألة لابد منها، وحتى لو كانت دواء مرا، فهو تذوق هذا الدواء، وأقبل عليه وتعامل معه باعتباره الأمر الذي لابد أن يتم الآن أو مستقبلا، ويجب أن نقف معه، ونتلافى آثاره الجانبية، ولا نسمح لمن يريدون شدنا إلى الوراء بأن ينجحوا في مهمتهم، علينا أن نسد عليهم الطريق تماما، لأن هذا مستقبل ومصير مصر، والمآل التي يجب أن تؤول إليه الأمور في مصر.

إذا كانت الجمهورية الجديدة تعمل على إعلاء حق المواطنة.. فهل نجحت في إنهاء الفتنة الطائفية؟

الفتنة الطائفية الآن تسكن الماضي البعيد، لدرجة أنك لو سألتني عن آخر حدث للفتنة الطائفية لعجزت عن تحديد السنة التي وقع فيها، ما يعني أنها تنتمي إلى مفردات وقواميس الزمن الماضي الذي لم يعد له وجود، ونحن الآن في دولة المواطنة، يكفي أن تكون مصريا لتشارك في بناء وطنك، وأن يكون لك دور، بصرف النظر عن لونك، أو ديانتك، أو معتقدك، مع ملاحظة أننا نستبعد تماما الإرهابيين وحملة السلاح لأنهم خارج المشهد، ولا يجب أن يكون لهم مكان على الإطلاق في أي شيء، يكفي ما فعلوه بنا في تجربتهم الفاشلة خلال العام الذي حكمونا فيه، والحمد لله أن الفترة لم تزد عن سنة، نحن الآن نبني وطنا للجميع، المسيحي قبل المسلم، والمسلم قبل المسيحي، وأنا لا أسأل نفسي عندما أتحدث إلى مصري هل هو مسلم أم مسيحي، المهم أن يكون مصريا، ثم نتحدث عن ديانته بعد ذلك إن كان من حقنا أن نتكلم عنها.

هل ستشهد مصر اكتفاء ذاتيا من القمح بعد مشروع الدلتا الجديدة ومشروع المليون ونصف المليون فدان؟

طبعا.. أكاد أتصور أن هذه هي السنة الأخيرة التي سوف نستورد فيها كميات (قلية) من القمح، نحن على أعتاب الاكتفاء الذاتي لأول مرة في تاريخنا، وأضع عشرة خطوط تحت جملة «لأول مرة في تاريخنا»، كنا نستورد القمح، ونتعايش مع هذا الاستيراد،  ونعتبره مسألة طبيعية، ولا بد أن تتم، وهو ما يستنزف العملة الصعبة، ويجعلنا تحت رحمة من نستورد منهم، ويكفي أن نتابع ما جرى في أوكرانيا، ولولا أن وجدنا في الهند بديلا لكان الموقف سيصبح في غاية الصعوبة، لكن في السنوات القادمة سنشطب من قواميسنا كلمتي «استيراد القمح» أو استيراد مواد غذائية، لأن من لا ينتج غذاءه لا يستحق أن يقرر مصيره، والدولة تطبق هذه القاعدة بشكل يومي، كأفعال وليس كأقوال أو مجرد عبارة منمقة يتم ترديدها.

دعنا ننتقل إلى عملية الإصلاح الاجتماعي.. كيف تنظر إلى مشروع حياة كريمة؟

حياة كريمة مشروع سيدخل التاريخ مثل السد العالي وقناة السويس، لأنه يعيد بناء الريف المصري، والريف المصري تعرض على مدار سنوات طويلة إلى الإهمال والنسيان، واعتباره غير موجود، وأنا لا أصدق نفسي عندما أشاهد في التلفزيون أو عندما أسافر إلى بعض هذه القرى، وأراها على الطبيعة،  لا اصدق أن هذا هو الريف المصري الذي كنا نتعايش فيه مع تخلفه، ومشاكله، ونعتبرها جزءا من قدرنا.

وماذا عن التوقيت؟

حياة كريمة مشروع أتى في وقته تماما، وأرجو أن يستمر حتى لا توجد قرية واحدة في مصر تعاني من المشاكل، وتصبح الخدمات المقدمة للقرية مثلها مثل المدينة، وهذا لا يعني أنني أريد للقرية أن تصبح مدينة إطلاقا، يجب أن تبقى قرية بخصائصها، فنحن في أمس الحاجة للقرى، مثلما أننا في أمس الحاجة للمدن، ولكن بشرط أن تكون القرى خالية من المشاكل وتشكل إضافة حقيقية للإنتاج المصري، وللمستقبل والحلم المصري.

وماذا عن اهتمام الدولة بصحة المصريين؟

الصحة في أولويات الدولة ويجب ألا ننساق إلى ما يروجه خصومنا من أن وزارة الصحة بدون وزير، فوزارة الصحة تدار بشكل جيد، ونموذجي، وأحيي د. خالد عبد الغفار الذي يدير وزارتين بكفاءة.

وماذا عن تجربة التأمين الصحي الشامل؟

تجربة التأمين الصحي الشامل بدأت مع المحافظات الصغيرة، وأتمنى أن أعيش لأراها مطبقة في جميع المحافظات، وداخل  أصغر قرية ونجع، وكفر، لأن هذا حق أصيل من حقوق المواطن المصري، وليس هبة من أي جهة، الصحة كالغذاء والكساء ومسألة مهمة للمصريين.

كيف ترصد مشروعات إسكان الشباب؟

يكفي أن تذهب للمدن الجديدة وتشاهد مساكن الشباب التي يتم تمليكها بالأثاث وهذا لم يحدث في تاريخنا كله على الإطلاق، إنك تشتري شقة من الدولة، فتجد الأثاث فيها، أثاث مناسب ومن صناعة بلدك، وهذه تجربة مهمة، وأرجو أن تستمر حتى يكون لكل مصري بيت، ومكان يعيش فيه ويحبه، ويربطه بوطنه.

هل نحن بصدد الانتهاء من القضاء على العشوائيات؟

العشوائيات يتبقى لها زمن قصير وتسكن صفحات الماضي، ونقول كانت هنا عشوائيات، ولن يكون لها وجود على الإطلاق، ويكفي اسمها، فالعشوائي هو ما تم دون تفكير أو دراسة، أو استيعاب بدون استفادة من تقنيات العلم الحديث في البناء، ولذلك أعتقد أنه بعد فترة قليلة جدا سوف تسكن العشوائيات صفحات التاريخ، نتذكرها عندما نتذكر ما مضى، إنما لن يكون لها وجود على الإطلاق في مستقبل وقادم الأيام في مصر.

ما هي ملحوظاتك التي تدونها على تجديد الخطاب الديني؟

ملحوظتي على الخطاب الديني في سرعة «المشي» يجب أن يسير بطريقة أسرع، والدكتور مختار جمعة وزير نشيط وأتابع ما يقوم به، ووزارة الأوقاف تعمل على نشر مطبوعات مهمة للغاية، ومع ذلك يجب أن يكون الأمر أسرع، أكثر اهتماما من الراهن ، وهذا لا ينفي وجود جهد جيد أرجو أن يكون أجود وأفضل واحسن.

وهل نحن في حاجة أيضا إلى إصلاح ثقافي؟

قبل الإصلاح الثقافي لابد من القضاء على الأمية تماما، بحيث تكون «محو الأمية» أحد أهداف مصر الجديدة» التي يتبناها الرئيس عبد الفتاح السيسي، يجب أن تكون الأمية أحد الهموم الأساسية التي نتعامل معها،  فلا يجب القول أن الإنترنت والأمية اجتمعوا في زمن واحد في مصر، يجب القضاء عليها لننظر لها على أنها من مخلفات الماضي، ولم يعد لها وجود في حياتنا.

ماذا تتوقع لمصر في المستقبل؟

سوف تصبح مصر بلا مشاكل ولا هموم، سوف يصبح لدينا شعب سعيد بواقعه، يبني بلاده.

اقرأ أيضاً|الإصلاح السياسي.. جمهورية للجميع | منتديات الشباب تواصل للأجيال