فواصل

تونس.. الحوار المنقوص

أسامة عجاج
أسامة عجاج

لعل مناسبة بدء الحوار الوطنى فى تونس، بمن شارك ومن قاطع، فرصة لمراجعة ماذا حدث منذ قرارات ٢٥ يوليو من العام الماضى، وخريطة الطريق التى كشف عنها الرئيس التونسى قيس سعيد خلال تلك الفترة، ومازالت قيد التنفيذ. القرارات - وفقا للمراقبين - نالت تأييدا واسعا من أوساط الشعب التونسى، وساهمت فى ارتفاع ملحوظ فى شعبيته، خاصة أنها استهدفت كل الأحزاب والتيارات التى تصدرت المشهد خلال العشرية الماضية وفى القلب منها حركة النهضة، والتى شهدت تأزما سياسيا، وصراعا بين السلطات مع تدهور اقتصادى، وخلال مقاربة الرئيس قيس، برزت فكرة الحوار الوطنى باعتباره مطلبا شعبيا، ولكن ما جرى خلال الجلسة الأولى للحوار وما بعدها، كشف عن تراجع فى (الحضانة الشعبية) لمشروع الرئيس، تمثل فى غياب ملحوظ من ممثلى الاتحاد الوطنى للشغل، وعدد من الأحزاب اليسارية والليبرالية ومواقفها معروفة ضد الإسلام السياسى، وكذلك المرصد الوطنى للدفاع عن مدنية الدولة، ومنها إئتلاف صمود، رغم أنها أعلنت فى بيان المقاطعة، تمسكها بإنجاح مسار ٢٥ يوليو، وأتوقف هنا بمزيد من التفاصيل عند موقف الاتحاد كنموذج باعتباره أهم تنظيم نقابى، وكان واحدا من أكبر الداعمين لقرارات الرئيس سعيد، كما كان الطرف الأهم فى الحوار، الذى قادته أربع نقابات عمالية ومهنية، وأنقذ البلاد من الانهيار فى عام ٢٠١٣، ونالوا عنه جائزة نوبل للسلام، كما أنه محسوب على الداعمين لقرارات الرئيس، ورفض التراجع عنها، بما فيها تعليق عمل البرلمان قبل حله، وإقالة الحكومة، ولكن موقف الاتحاد تغير تماما، فلم يكتف بالمقاطعة، ولكنه دعا إلى إضراب عام فى ١٦ من الشهر الحالى، لأسباب اقتصادية وسياسية، وعلى المستوى السياسى قدم الاتحاد مقترحا بتعديل الدستور الحالى، بدلا من إقرار دستور جديد، بحيث يتم وضع نظام جديد، يمنح دورا تحكيميا للرئيس بين السلطات، وضمانة للاستقرار، الاتحاد التونسى للشغل ليس الوحيد، ولكنه الأبرز، وهو الأمر الذى يستدعى مراجعة سريعة لما يتم، حتى لا تصل الأمور إلى درجة الانفجار يوم الإضراب، فى ظل الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد، التى تجدد صعوبة فى الحصول على دعم أو قروض من المؤسسات الدولية.