«مقبرة الرمال» تفوز بجائزة بوكر الدولية

«مقبرة الرمال» تفوز بجائزة بوكر الدولية
«مقبرة الرمال» تفوز بجائزة بوكر الدولية

وصف فرانك وين، رئيس لجنة تحكيم الجائزة لهذا العام، وهو أول مترجم يترأس لجنة التحكيم، الرواية بأنها «رواية مدهشة وممتعة للغاية، وجذابة وساحرة وهزلية، رُغم اختلاف الموضوعات التى تتناولها. إلا أنها كشاطئ يَتسِع للجميع»

فازت رواية مقبرة الرمال» للكاتبة الهندية جيتانجالى شري، بجائزة بوكر الدولية، والتى ترجمتها للإنجليزية المترجمة ديزى روكويل، لتصبح أول رواية مترجمة عن أى لغة هندية تفوز بالجائزة. تتقاسم شرى وروكويل قيمة الجائزة، خمسين ألف جنيه إسترليني، بالتساوي.


ولدت شرى فى ماينبوري، وتعيش فى نيودلهي، وتلقت تعليمها الرسمى باللغة الإنجليزية. ورغم كون الإنجليزية هى «اللغة العامة، لغة التعليم العالى والنجاح»، حسب قولها، إلا أنها اختارت الكتابة باللغة الهندية إذ وجدتها بديهية بالنسبة لها أثناء الكتابة وحسية. ذكرت شرى أن التضمين السياسى لاختيار اللغة الهندية بدلًا من الإنجليزية لم يخطر لها إلا فى وقت لاحق، تمامًا كقرارها بالكتابة عن النساء والموضوعات المحورية فى الخطاب النسوي. كتبت شرى ثلاث روايات وعدة مجموعات قصصية، وحصلت على عدد من الجوائز والزمالات. «مقبرة الرمال» هى أول كتبها التى تُنشر فى المملكة المتحدة.


تدور أحداث الرواية حول امرأة تبلغ من العمر ثمانين عامًا، يصيبها اكتئاب عميق لوفاة زوجها، ثم تنتبه وتحاول الحصول على فرصة جديدة للحياة. تسافر المرأة إلى باكستان لمواجهة مشاعر الصدمة العالقة بداخلها منذ مراهقتها التى عاصرت خلالها أحداث التقسيم، وتعيد تقييم معنى أن تكون أمًا وابنة وامرأة ونسوية. ذكرت شرى أن دافعها لكتابة «مقبرة الرمال» كان إنسانيًا، «ما ظل يلهمنى هو شعور الحرية»، سواء فى ما يخص التقسيم أو صداقة شخصيتها الثمانينية مع امرأة متحولة جنسيًا. تقول شرى إن عملها لا يتعلق بشكل مباشر بالتقسيم، رغم وجوده فى الخلفية، بل يتعلق بكيفية تأثير عواقبه على الحياة.


تقول: «لا ينبغى أن تعزل الحدود جانبًا عن الآخر. الحدود جسور ويجب أن تكون كذلك. تقول شخصيتى إن لكل شيء حدود، أعضائنا ومناديلنا، وإن الحدود هى نقطة لالتقاء جانبين لا الفصل بينهما.».


وصف فرانك وين، رئيس لجنة تحكيم الجائزة لهذا العام، وهو أول مترجم يترأس لجنة التحكيم، الرواية بأنها «رواية مدهشة وممتعة للغاية، وجذابة وساحرة وهزلية، رُغم اختلاف الموضوعات التى تتناولها. إلا أنها كشاطئ يَتسِع للجميع.».


ذكر وين أن لجنة التحكيم، أجرت «نقاشًا حماسيًا حول الأعمال»، ولكن «حين وصل النقاش لهذه الرواية، وقع الاختيار عليها بأغلبية ساحقة بين المُحكمين. إنها رواية أصوات متعددة ذكية، عن الهند والتقسيم، الهوية والانتماء، منسوجة بشغف ساحر وتعاطف شديد.». كما وصف وين ترجمة روكويل بأنها «دقيقة وواعية بشكل مذهل، إذ أن مواضع متعددة فى النص الأصلى تعتمد على التلاعب باللغة، وعلى أصوات وإيقاعات اللغة الهندية.». 


روكويل رسامة وكاتبة ومترجمة تعيش فى فيرمونت بالولايات المتحدة، ترجمت أعمال أدبية عديدة عن اللغة الهندية والأُردية للإنجليزية. فى مقابلة حديثة مع كينا تشاففا نشرتها مجلة كولومبيا للنقد الأدبي، أكدت روكويل أن اللغة الهندية «لغة هامة ومزدهرة، لها عدة سمات أهمها أنها تأخذ كلمات من أى لغة وتستخدمها إلى أجل غير مسمى، خاصة من الإنجليزية والفارسية والبرتغالية والسنسكريتية». كما أضافت، «لا يُبدى الناشرون فى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أى اهتمام بترجمة الكتب من دول جنوب آسيا. بين الحين والآخر، يظهر كتاب. لم أترجم الرواية لأن هذا عملى الخاص فحسب، بل لصالح جهودنا جميعًا، المترجمين الذين يلفتون الانتباه إلى أن أدب جنوب آسيا ليس المكتوب باللغة الإنجليزية فحسب.». 


تتفق معها شرى باعتقادها أن هذا هو الحال، وتُرجِع ذلك جزئيًا إلى «السُلطة التى تتمتع بها اللغة الإنجليزية فى العالم، والتى تجعلها بصورة ما تبدو أساسية للغاية.» وأضافت: «حتى مع كون اللغة الإنجليزية نفسها ليست لغة واحدة، فإن المتحدثين بها قانعون بعالمهم الخاص لدرجة أنهم لا يعرفون ما يكفى عن اللغات الأخرى.

ولكن هناك وعى متزايد بهذا الشأن.». ذكرت شرى إنه فى الهند نفسها، هناك إدراك متزايد لأهمية الترجمة بين 22 لغة هندية معترف بها فى الدستور. «فى الهند، لا تُترجم كتبى إلى لغات هندية أخرى. حتى فى الهند وجنوب آسيا، يرون الأهم هو الانتقال من اللغة الهندية إلى اللغة الإنجليزية. لكن بترجمة كتبى إلى الإنجليزية، تصير متاحة لمن تعلموها فقط، لا للآخرين. إنه موقف مشوه يجب العمل على تغييره. نريد عالم تعددى ومتعدد اللغات.».


نُشرت مقبرة الرمال بواسطة دار نشر ناشئة ومستقلة، تايلتد أكسيس بريس، تصل لأول مرة للقائمة الطويلة ثم القائمة القصيرة للجائزة. أُنشِئت تايتلد أكسيس بريس بواسطة المترجمة ديبورا سميث، التى فازت بأول جائزة بوكر دولية، مع هان كانج، لترجمتها رواية كانج، «النباتية» فى عام 2016. واستثمرت نصيبها من الجائزة لتأسيس دار النشر.


كان حضور الناشرين الناشئين  بارزًا فى القائمة القصيرة للجائزة هذا العام. ذكر وين أن الناشرين الناشئين قاموا «بعمل هائل لتقديم الأعمال المترجمة للقراء. لا يزال هناك المزيد للقيام به، لمواجهة الشعور المتصاعد بصعوبة نشر الترجمات التى لا تزيد صعوبة على نشر أى كتب أخرى.»، وأضاف أنه يأمل أن يؤدى فوز «مقبرة الرمال» إلى تشجيع تقديم المزيد من ترجمات الكتب عن لغات غير أوروبية.


نظر المحكمون فى 135 كتابًا هذا العام، وهو رقم قياسى من الطلبات المقدمة. شملت القائمة القصيرة رواية «أسفار جاكوب»، للكاتبة أولجا توكارتشوك، والتى ترجمتها جينيفر كروفت عن البولندية؛ وقد فاز الاثنان بالجائزة سابقًا عن رواية رحالة. كما ضمت رواية الأرنب الملعون» لبورا تشونغ، وترجمه أنتون هور عن اللغة الكورية، بالإضافة إلى «اسم جديد» لجون فوس، وترجمه داميون سيرلز عن النرويجية، و»جنة» لميكا كاواكامي، ترجمة سام بيت وديفيد بويد عن اليابانية؛ و»إلينا تعرف» لكلوديا بينيرو، ترجمتها فرانسيس ريدل عن الإسبانية.

وصف وين القائمة قصيرة بأنها: «كانت قوية وتضم أعمالًا استثنائية. أحزننا تصفية الروايات الست بشكل تدريجى لاختيار واحدة بعد نقاش طويل ومشحون.».

اقرأ ايضا | أصدرَ حكمًا على العالم بما يتفق ومزاجه الشخصى: البحث عن إيميل سيوران