الأمن يبحث عن نوال «المستريحة الجديدة»

المتهمين
المتهمين

كتبت: أسماء سالم

يظل السؤال يفرض نفسه، كيف يُسقط المستريح ضحاياه؟!، الإجابة ببساطة دون أن نُجهد أنفسنا في التفكير؛ بفخ الثراء السريع، دون أن تبذل مجهودًا!، سؤال آخر؛ ألم يتعظ ضحايا المستريحين ممن سبقوهم الذين سقطوا في فخ النصابين؟!، هل لهذه الدرجة أصبحت آلاعيب المستريحين تنطلي على الضحايا، للأسف المثل الدارج يقول، «الطمع يقل ما جمع»، وهي من أسوأ الصفات التي يتصف بها الشخص، ويظل النصاب يعمل من البحر طحينة حتى يجعل ضحاياه على الحديدة كما يقولون، بعدها يلجأ من سقطوا في فخ المحتالين إلى الأجهزة الأمنية بعد فوات الآوان، ضياع تحويشة العمر، وهروب النصاب كما في حالتنا هذه، سيدة وزوجها نصبا فخًا لسكان المنطقة التي يعيشان فيها بحي الوراق وبعدما جمعا الملايين فص ملح وذاب، لكن حتمًا سوف يسقطان في قبضة رجال الأمن خاصة وأنه صادر في حقهما 12 حكمًا قضائيًا بإجمالي 21 سنة سجنًا.

 

في أحد الشوارع القديمة بحي الوراق بمحافظة الجيزة، جاءت سيدة وزوجها، يبحثان عن شقه للإيجار تسكنها هي وعائلتها هكذا بدت الأمور، وبعد البحث عثرا على شقه صغيرة، بعمارة قديمة، يمتاز اصحاب العقار بالطيبة، فقرر صاحب العقار تأجير الشقة لهما، وبعد ايام انتقلت العائلة للعيش بالشقة الجديدة، ومع مرور الوقت استطاعت الزوجة بمهارة غابت مدلولها عن السكان، ان تمد أواصرالصداقه مع سكان الشارع كله، واصبحت معروفة بينهم بأنها سيدة «جدعة» هكذا وصفوها، ليس هذا فقط وإنما مدحوها بأنها امرأة لديها مشاريع ناجحة، تربح منها بشكل جيد.

 

استمرت تلك الكذبة يتناقلها الناس ومعها اتقن الزوجان التمثيلية لمده ٣ سنوات، كانت مدة كافية لكي يصدق الجيران تلك الرواية، رغم أنه لم ير أحد هذه المشاريع على أرض الواقع، كانت أقوال مرسلة فقط شاهدوا الحال ميسور وسيارة صغيرة يمتلكونها، والإيجار يتم دفعه قبل الميعاد بالانتظام، وملابس الاسرة قيمة، مشاهد الرواية التي قام الزوجان بتأليفها، كانت كافية لاهل الشارع، أن يصدقوها وطمعوا بأن تأخذهم الى هذه المشاريع الصغيرة.

 

الجريمة

وبعد مرور ٣ سنوات، قررت الزوجة التي تدعى نوال، أن تفتتح مكتبًا لإقامة المشروعات الصغيرة، في ذات العقار التي تسكن فيه، واستأجرت شقة جديدة مقابلة لشقتها، تباشر فيها العمل، فهي صاحبة العقل والمال والمشروعات، وزوجها يساعدها فقط، حيث يعمل سائقًا لدى رجل اعمال، وفي يوم ليلة، تحولت الشقة الجديدة، الى مكتب به محاسبين وسكرتيرة ومحامين، موظفين ذات مستوى راقي، وتجلس نوال في مكتب المدير كسيدة أعمال، واهل الوراق يتحدثون عن المرأة الناجحة في عملها، واصبحت مثالا لكثير من النساء، فذهبت نوال إلى اكثر شخص يثق فيه اهل الشارع، واقنعته بأن يستثمر معها أمواله، بمشروع سوف يضاعف له ماله، وهو مشروع تأجير الكافيهات في الاماكن المهمة مثل محطة رمسيس، وماسبيرو، وغيرها من اماكن رئيسية، وبالفعل اقنتع الرجل، ومنحها ١٠٠ ألف جنيه، وهنا كانت البداية.

 

في بداية الأمر كان الناس مترددين، بأن يستثمروا مع نوال، ولكن لما لا واكثر شخص يثقون فيه استثمر معها أمواله، فكان سبب الطمأنينة لغيره؛ بدأت نوال تردد أن رجل الاعمال الذي يعمل لديه زوجها، سوف يستثمر معها ليشجعها، وبدأت الضحايا يتوافدون، حتى سقطوا في فخها واحد تلو الآخر بكامل إرادتهم، اخذتهم إلى محطة رمسيس، أثناء سؤالها عن إجراءات إقامة مشروع كافيهات، والجيران تتحدث، والجميع يتصل بأقاربه لكي يعم الخير، وفي أحد الأيام عاد أولاد صاحب العقار التي تسكن فيه نوال من قطر في أجازة، فقد كانوا يعملون هناك ويأتون الى مصر بانتظام سنويًا، ولكن عندما علموا بأمر نوال وما تفعله قرروا عدم العودة، فلماذا العمل والأرباح كبيرة وأصل المبلغ مضمون، استمعوا الى مشروع نوال مقابل ربح شهري، فاجتمع الاخوه وقرروا أن يعطوها أموالهم ٨٠٠ الف جنيه، وزاد الضحايا حتى وصل المبلغ إلى ٧ ملايين جنيه، وجمعت المال، وفي غمضة عين اختفت نوال من المنطقة بأكملها.

 

العقاب

بدأ الناس يبحثون عنها، ويذهبون الى مشروعهم ليباشروا العمل، وكانت هنا المفاجأة، لا يوجد مشروع تأجير الكافيهات من الاساس باسم نوال، في هذه اللحظة ادرك الضحايا انهم تعرضوا لعملية نصب،الجميع يبحث عن نوال حتى عثروا على الزوج بالمصادفة، الذي أحبك لهم رواية جديدة من خياله؛ بأن زوجته اختطفت، وهو يبحث عنها مثلهم، صدق البعض وكذبه البعض الآخر، ظل تحت اعينهم حتى لا يهرب، وعندما طال غياب نوال، حرر الناس محاضر ضدها، وبالفعل بدأت التحريات عن نوال وتم القبض على الزوج، واختفت في هذه الايام عائلة نوال بالكامل، واستمرت التحقيقات والتحريات، حتى وصلت القضية إلى المحكمة، وصدر ضد نوال12 حكمًا قضائيًا غيابيًا، بإجمالي 21 سنه سجنا، وقضت المحكمة بحبس الزوج 3 سنوات، كما إن هناك ايضا قضايا لا تزال مستمرة في المحاكم، أقامها ٩٠ شخصًا آخرين.

 

وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها؛ بأن المتهمين استولوا على المبالغ النقدية المملوكة للمجني عليهم وكان ذلك بالاحتيال لسلب بعض ثرواتهم فقد استعملوا طرق للاحتيال بوجود مشروع كاذب، فقد كان متفق بالاستمرار لجمع الاموال مقابل الحصول على ربح الشهري، حيث نصت المادة 336 من قانون العقوبات، على أن؛ «يعاقب بالحبس كل من توصل إلى الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات دين أو سندات مخالصة أو أى متاع منقول وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو بعضها إما باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمى أو تسديد المبلغ الذى أخذ بطريق الاحتيال أو إيهامهم بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزور، وإما بالتصرف فى مال ثابت أو منقول ليس ملكًا له ولا له حق التصرف فيه وإما باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة، أما من شرع فى النصب ولم يتممه فيعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة ويجوز جعل الجانى فى حالة العود تحت ملاحظة البوليس مدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر.

 

واشارت المحكمة بأن المادة 341 من قانون العقوبات إلى أن مرتكب جريمة خيانة الأمانة بأنه ”كل من اختلس أو استعمل أو بدد مبالغ أو أمتعة أو بضائع أو نقود أو تذاكر أو كتابات أخرى مشتملة على تمسك أو مخالصة أو غير ذلك أضرارًا بمالكيها أو أصحابها أو واضعي اليد عليها وكانت الأشياء المذكورة لم تسلم له إلا على وجه الوديعة أو الإجارة أو على سبيل عارية الاستعمال أو الرهن أو كانت سلمت له بصفه كونه وكيلا بأجر أو مجانا بقصد عرضها للبيع أو استعمالها في أمر معين لمنفعة المالك لها أو غيره يحكم عليه بالحبس ويجوز أن يزداد عليه غرامة لا تتجاوز مائه جنيه مصري.

 

نوال موجودة

ومنذ أيام جاء منصور أحد الضحايا، إلى اخبار الحوادث، ليستنجد ويقول، بعد مرور اشهر، واستمرار الضحايا بالبحث عن نوال، شاهدها احد المجني عليهم في حي الساحل وظل يراقبها، حتى علم بمكان سكنها على حد قوله، فأبلغ عنها، وقدم الضحايا بلاغا للنائب العام ضدها وشكوى إلى وزارة الداخلية، بواسطة المحامي شريف سعيد، لكي يتم القبض على نوال وشركائها بالجريمة.

 

وقال منصور، بمجرد أن علمت نوال بأن الضحايا عرفوا مكانها، ارسل ابنها تهديدات اليهم، واصطنع لبعض زوجات المجني عليهم صورا مخلة يهددهم بها، حتى يشعر الضحايا بالارتباك والخوف على سمعتهم، ولكن البعض لم يتردد في تحرير بلاغات بمباحث الانترنت وتحولت القضية إلى المحكمة الاقتصادية، وبالفعل تم تحديد جلسه الشهر المقبل، ضد نجل نوال، ويأمل الضحايا ان يتم القبض على نوال قبل هروبها الى مكان جديد، في اقرب وقت.