«6 أكتوبر وليس 5 يونيو»

كرم جبر
كرم جبر

سوف احتفل بذكرى 5 يونيو 1967 باسترجاع روح انتصار 6 أكتوبر، فى الظرف الصعب الذى تعيشه البلاد الآن، فهى التى داوت الجراح وقضت على الهزيمة وعقدة النقص، وأنهت أسطورة التفوق التى يشعر بها العدو، ولا يمكن بناء دولة قوية دون جيش قوى قادر على الدفاع عن ترابها، ويحقق انتصاراً تلو انتصار، وهو الدرع والسيف ويحفظ للوطن سلامة أراضيه ويرد عنه المؤامرات الكبرى، ويخوض الآن حرباً مقدسة لتطهير سيناء من بقايا الإرهاب.
هذه هى الحروب، لمن لا يعرفون أهوالها وويلاتها، وكان ضرورياً أن تأخذ مصر بثأرها ليس فقط لاستعادة أرضها المحتلة، ولكن أيضاً لاستعادة شعبها من براثن اليأس والإحباط والهزيمة النفسية.

كان يوم سبت 6 أكتوبر «عشرة رمضان» وكنت يومها صائماً وعندما فتحت الراديو للاستماع لنشرة الساعة الثانية والنصف ظهراً، جاءت البشرى، قواتنا المسلحة العظيمة تقوم بالرد على إسرائيل والهجوم على مواقعه فى سيناء.

«الله أكبر» كانت كلمة السر.. الله سبحانه وتعالى الذى كافأ هذا الشعب الصابر بالنصر العظيم، وكانت إرادته فوق إرادة العدو، الذى حصن خط بارليف وجعل اقتحامه مستحيلاً حتى بقنبلة ذرية.

وتذكرت يوم هزيمة 5 يونيو، يوم وقف الشعب المصرى مناشداً الرئيس جمال عبد الناصر أن يرجع عن استقالته، وأن يستكمل بناء القوات المسلحة لتحقيق الانتصار، وتذكرت المعجزة التى حققها بطل الحرب والسلام الرئيس السادات.

هل يعرف شبابنا هذه البطولات، هل سمعوا عنها.. هل سمعوا عن الطيارين الشبان العظماء الذين اقتحموا القناة بثلاثمائة طائرة، وأصابوا المدفعية والطيران الإسرائيلى بالشلل حتى نجح العبور؟

هل يعرف شباب اليوم معجزات صنعها شباب الجيش فى ذلك الوقت لقهر المستحيل؟، عن «مدافع المياه» التى أذابت خط بارليف وقصة حياة المهندسين الذين اخترعوها وكيف نجحوا فى تصنيعها فى ألمانيا، بحجة إطفاء حرائق البترول الهائلة؟

هل يعرفون شيئاً عن صائد الدبابات «عبد العاطى» و»محمد» الذى رفع أول علم فوق سيناء، وبقية أبطال الصاعقة الذين تم إنزالهم خلف خطوط العدو؟
هل يعرف شبابنا شيئاً عن خطة الخداع الاستراتيجى التى ضللت العدو فتصور أن الحرب مستحيلة، ولم يتخيل أن هناك حرباً قد بدأت رغم أن قواتنا كانت تعبر القناة بالفعل؟

هل يعرفون شيئاً عن أعظم خطة فى التاريخ لإتلاف خزانات النابالم الرهيبة التى كان من الممكن أن تحوّل القناة إلى بحيرة من جهنم، إذا حاولت القوات المصرية عبورها؟

هل يعرفون شيئاً عن الثغرة، بعد تسلل القوات الإسرائيلية إلى الضفة الغربية للقناة، وكيف دخل العدو المصيدة بعد أن خطط لإدخال الجيش الثالث المصرى فى المصيدة؟
لن احتفل بآلام الهزيمة، بل بذكريات الانتصار.