جنرال أمريكي: حصار روسيا لصادرات الحبوب الأوكرانية قد يتطلب تدخلًا عسكريًا أمريكيًا

الجنرال الأمريكي كريستوفر كافولي
الجنرال الأمريكي كريستوفر كافولي

حذر الجنرال الأمريكي كريستوفر كافولي، قائد قوات الجيش الأمريكي في أوروبا وإفريقيا، من أن الحصار الذي تفرضه روسيا ضد صادرات الحبوب الأوكرانية قد يُحفز شبكات إرهابية في أجزاء أخرى من العالم وقد يتطلب تدخلًا عسكريًا أمريكيًا لضمان عدم زعزعة استقرار الأسواق العالمية.

وقال كافولي، الذي رُشح مؤخرًا لتولي منصب القائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي "الناتو" في أوروبا، في كلمة له أمام أعضاء لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي، إن الجماعات الإرهابية، بما في ذلك داعش والشباب وبوكو حرام، ستستفيد من نقص الغذاء الناجم عن استمرار الأزمة في أوكرانيا، لا سيما وهي تستغل بالفعل أمورا مثل ضعف الحوكمة وانعدام الأمن الغذائي والفساد والفقر.

وتعليقًا على ذلك، قالت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية في عدد اليوم الجمعة، إن أوكرانيا تعد أكبر مصدر لزيت عباد الشمس في العالم، ورابع أكبر مصدر للذرة، وخامس أكبر مصدر للقمح، لذا اتهم مسئولون غربيون موسكو باستخدام الطعام كشكل من أشكال الابتزاز السياسي، حيث تسيطر البحرية الروسية بشكل فعال على جميع حركة المرور في الثلث الشمالي من البحر الأسود، وذلك وفقًا لتقديرات نشرتها المخابرات الأمريكية.

اقرأ أيضًا: روسيا: يجب رفع العقوبات لتجنب أزمة غذاء عالمية

وأوضحت أن ثمة إشارات متضاربة صدرت أمس الخميس بشأن استعداد روسيا للإفراج عن مخزونات القمح المعرض الآن لخطر التعفن داخل السفن التجارية المحجوزة في الموانئ الأوكرانية.. ومع ذلك قال المتحدث باسم الكرملين، ديميري بيسكوف، إنه لن يُسمح لسفن تحمل حبوبًا أوكرانية بالمغادرة حتى ترفع الحكومات الغربية عقوباتها على روسيا.

وبعد ساعات، قال رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي للصحفيين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وافق في مكالمة هاتفية من حيث المبدأ على تحرير عدة ملايين من أطنان الحبوب والقمح.

وأضاف دراجي، خلال مؤتمر صحفي عقده ليلة أمس، أنه قرر الاتصال ببوتين لأن "ملايين وملايين الأرواح معرضة للخطر".. وتابع أن الرئيس الروسي يلوم أوكرانيا على إغلاق موانئها البحرية بزرع ألغام عائمة لدرء أي هجوم محتمل.

ونوه إلى أن الاقتراح يتضمن تعاونًا بين روسيا وأوكرانيا "من ناحية إزالة الألغام، ومن ناحية أخرى بشأن ضمان عدم شن أي هجمات أثناء تنفيذ العملية.

 وعلى الأرض، تتواصل العملية العسكرية الروسية في الأراضي الأوكرانية ، منذ بدايتها في 24 فبراير المنصرم.

واكتسب الصراع الروسي الأوكراني منعطفًا جديدًا فارقًا، في 21 فبراير، بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف بجمهوريتي "دونيتسك" و"لوجانسك" جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا، في خطوةٍ تصعيديةٍ لقت غضبًا كبيرًا من كييف وحلفائها الغربيين.

وفي أعقاب ذلك، بدأت القوات الروسية، فجر يوم الخميس 24 فبراير، في شن عملية عسكرية على شرق أوكرانيا، ما فتح الباب أمام احتمالية اندلاع حرب عالمية "ثالثة"، ستكون الأولى في القرن الحادي والعشرين.

وقال الاتحاد الأوروبي إن العالم يعيش "أجواءً أكثر سوادًا" منذ الحرب العالمية الثانية، فيما فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حزمة عقوبات ضد روسيا، وصفتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأنها "الأقسى على الإطلاق".

ومع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو" يصران حتى الآن على عدم الانخراط في أي عملية عسكرية في أوكرانيا، كما ترفض دول الاتحاد فرض منطقة حظر طيران جوي في أوكرانيا، عكس رغبة كييف، التي طالبت دول أوروبية بالإقدام على تلك الخطوة، التي قالت عنها الإدارة الأمريكية إنها ستتسبب في اندلاع "حرب عالمية ثالثة".

وفي غضون ذلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في وقتٍ سابقٍ، إن اندلاع حرب عالمية ثالثة ستكون "نووية ومدمرة"، حسب وصفه.

وعلى مسرح الأحداث، قالت وزارة الدفاع الروسية، في بداية العملية العسكرية، إنه تم تدمير منظومة الدفاع الجوي الأوكرانية وقواعدها وباتت البنية التحتية لسلاح الطيران خارج الخدمة.

ولاحقًا، أعلنت الدفاع الروسية، يوم السبت 26 فبراير، أنها أصدرت أوامر إلى القوات الروسية بشن عمليات عسكرية على جميع المحاور في أوكرانيا، في أعقاب رفض كييف الدخول في مفاوضات مع موسكو، فيما عزت أوكرانيا ذلك الرفض إلى وضع روسيا شروطًا على الطاولة قبل التفاوض "مرفوضة بالنسبة لأوكرانيا".

إلا أن الطرفين جلسا للتفاوض لأول مرة، يوم الاثنين 28 فبراير، في مدينة جوميل عند الحدود البيلاروسية، كما تم عقد جولة ثانية من المباحثات يوم الخميس 3 مارس، فيما عقد الجانبان جولة محادثات ثالثة في بيلاروسيا، يوم الاثنين 7 مارس. وانتهت جولات المفاوضات الثلاث دون أن يحدث تغيرًا ملحوظًا على الأرض.

وقال رئيس الوفد الروسي إن توقعات بلاده من الجولة الثالثة من المفاوضات "لم تتحقق"، لكنه أشار إلى أن الاجتماعات مع الأوكران ستستمر، فيما تحدث الوفد الأوكراني عن حدوث تقدم طفيف في المفاوضات مع الروس بشأن "الممرات الآمنة".

وقبل ذلك، وقع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، في 28 فبراير، مرسومًا على طلب انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي، في خطوةٍ لم تجد معارضة روسية، مثلما تحظى مسألة انضمام كييف لحلف شمال الأطلسي "الناتو".

وقال المتحدث باسم الكرملين الروسي ديمتري بيسكوف إن الاتحاد الأوروبي ليس كتلة عسكرية سياسية، مشيرًا إلى أن موضوع انضمام كييف للاتحاد لا يندرج في إطار المسائل الأمنية الإستراتيجية، بل يندرج في إطار مختلف.

وعلى الصعيد الدولي، صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الأربعاء 2 مارس، على إدانة الحرب الروسية على أوكرانيا، بموافقة 141 دولة على مشروع القرار، مقابل رفض 5 دول فقط مسألة إدانة روسيا، فيما امتنعت 35 دولة حول العالم عن التصويت.

وأعلنت الأمم المتحدة فرار أكثر من 3 ملايين شخص من أوكرانيا منذ بدء الحرب هناك، فيما كشفت المنظمة الأممية، يوم السبت 19 مارس، عن مقتل ما يقرب من 850 مدنيًا في الحرب حتى الآن. 

وفي الأثناء، تفرض السلطات الأوكرانية الأحكام العرفية في عموم البلاد منذ بدء الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية.

وأعلن الرئيس الأوكراني، يوم الأحد 20 مارس، تمديد فرض الأحكام العرفية في البلاد لمدة 30 يومًا، بدايةً من يوم الأربعاء 23 مارس.

وكانت روسيا، قبل أن تبدأ في شن عملية عسكرية ضد أوكرانيا، ترفض بشكلٍ دائمٍ، اتهامات الغرب بالتحضير لـ"غزو" أوكرانيا، وقالت إنها ليست طرفًا في الصراع الأوكراني الداخلي.

إلا أن ذلك لم يكن مقنعًا لدى دوائر الغرب، التي كانت تبني اتهاماتها لموسكو بالتحضير لغزو أوكرانيا، على قيام روسيا بنشر حوالي 100 ألف عسكري روسي منذ أسابيع على حدودها مع أوكرانيا هذا البلد المقرب من الغرب، متحدثين عن أن "هذا الغزو يمكن أن يحصل في أي وقت".

لكن روسيا عللت ذلك وقتها بأنها تريد فقط ضمان أمنها، في وقت قامت فيه واشنطن بإرسال تعزيزات عسكرية إلى أوروبا الشرقية وأوكرانيا أيضًا.

ومن جهتها، اتهمت موسكو حينها الغرب بتوظيف تلك الاتهامات كذريعة لزيادة التواجد العسكري لحلف "الناتو" بالقرب من حدودها، في وقتٍ كانت روسيا ولا تزال تصر على رفض مسألة توسيع حلف الناتو، أو انضمام أوكرانيا للحلف، في حين تتوق كييف للانضواء تحت لواء حلف شمال الأطلسي.