حكم الصلاة بالوشم القديم

اتفق الفقهاء على نجاسة الوشم وحكموا بحرمته
اتفق الفقهاء على نجاسة الوشم وحكموا بحرمته

هل تصح الصلاة بالتاتو الثابت (الوشم)؟ وهل يجوز لمن قام به قبل ذلك ثم تاب عنه ألَّا يزيله إذا كان فى إزالته ضرر؟.
يجيب عنه د. شوقى إبراهيم علام مفتى الجمهورية
بقوله: التاتو أو الوشم نوعان: منه الثابت ومنه المؤقَّت؛ أما الثابت فهو الوشم بالمعنى القديم الذى يتم عن طريق إحداثِ ثُقْب فى الجلد باستخدام إبرة معينة، فيخرج الدم ليصنع فجوة، ثم تُملَأ هذه الفجوة بمادة صِبغية، فتُحدِث أشكالًا ورسوماتٍ على الجلد..

وقد اتفق الفقهاء على نجاسة هذا النوع من الوشم ومن ثَم حكموا بحرمته؛ لما رواه الشيخانِ فى «صحيحيهما» عَنْ علقمةَ عن عبد اللهِ بن مسعود رضى الله عنه قَال: «لَعَنَ اللهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، ففى هذا الحديث دليل على حرمة الوشم بالصورة السابقة؛ لأن اللعن الوارد فى الحديث لا يكون إلا على فعل يستوجب فاعلُه الذَّمَّ شرعًا.. وقد بيَّن الفقهاء علَّة تحريم هذا النوع من الوشم وهى ترجع إلى أمور، منها:
- ما يترتَّب على بقاء الوشم من التدليس والتغييرِ لخلق الله سبحانه وتعالى، ومنها أيضًا: أن الوشم فيه مشابهة لما يفعله الفُسَّاق والجُهَّال، وقد اتفق الفقهاء على أنه لا يجب إزالة هذا النوع من الوشم إذا كان فى إزالته ضرر على صاحبه، كخوف فوات عضو أو منفعته، وتصحُّ صلاته وإمامته حينئذٍ؛ وعلى أنه إن أمكن إزالته بالعلاج ولم يكن فيه ضرر على صاحبه وجبت إزالته ويأثم بتأخيره ولا إثم عليه بعد التوبة منه.

إقرأ أيضاً | ما هي الأوقات التي تُكرَه فيها الصلاة؟ الإفتاء تُجيب 

جاء فى «رد المحتار» فى بيان حكم الوشم والتطهُّر منه: «فإذا غُسِل طَهُر؛ لأنه أثر يشق زواله؛ لأنه لا يزول إلا بسلخ الجلد أو جرحه، فإذا كان لا يكلف بإزالة الأثر الذى يزول بماء حار أو صابون فعدم التكليف هنا أولى، وقد صرَّح به فى «القنية»، فقال: ولو اتخذ فى يده وشمًا لا يلزمه السلخ. اهـ. لكن فى «الذخيرة»: لو أعاد سِنَّهُ ثانيًا ونبت وَقَوِيَ، فإن أمكن قلعه بلا ضرر قلعه وإلا فلا وتنجس فمه، ولا يؤم أحدًا من الناس. اهـ. أي: بناءً على نجاسة السِنِّ، وهو خلاف ظاهر المذهب، وقال العلامة البيري: ومنه يُعلَم حكم الوشمة، ولا ريب فى عدم جواز كونه إمامًا بجامع النجاسة، ثم نقل عن «شرح المشارق» للعلامة الأكمل أنه قيل: يصير ذلك الموضع نجسًا، فإن لم يمكن إزالته إلا بالجرح فإن خيف منه الهلاك أو فوات عضو لم تجب وإلا وجبت، وبتأخيره يأثم، والرجل والمرأة فيه سواء.. وفى «الفتاوى الخيرية» من كتاب الصلاة: سئل فى رجل على يده وشم، هل تصح صلاته وإمامته معه أم لا؟ أجاب: نعم، تصح صلاته وإمامته بلا شبهة» اهـ.

أما النوع الثانى منه وهو الوشْم المؤقَّت، والذى تستخدمه بعضُ النساء للزينة: كتحديد العين بدل الكحل أو رسم الحواجب، أو عمل بعض الرسومات الظاهرية على الجلد باستخدام الصبغات التى تزول بعد فترة قصيرة من الوقت ولا يأخذ الشكل الدائم، فإنه داخلٌ تحت الزينة المأذون فيها لا تحت الوشم المنهى عنه.

وبناءً على ذلك: فالوشم الثابت الذى فيه حبس الدم تحت الجلد حرام شرعًا باتفاق الفقهاء، وتلزم التوبة منه، وتجب إزالته إذا لم يكن فى ذلك ضرر على صاحبه، أما إذا قرر المختصون بأن فى إزالته ضررًا فإنه يجوز تركه وتكون الصلاة به صحيحةً على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، ولا إثم على صاحبه بعد التوبة.