صباح الخميس

أحمد عباس يكتب: «دللي جسدك»

أحمد عباس
أحمد عباس

عزيزي الذي يقرأ الآن هذا ليس إعلان تشويقي ولا غرضه الإثارة، هذا عنوان جاد جدا غرضه البيع والشراء لا اللعب والتسلي، اذا كنت جادا فقط اضغط "أضف إلى عربة التسوق" وإذا كنت تلهو فهذا محل أكل عيش.

اسمع يا عزيزي.. هذا الاعلان وصلني عبر الشبكة اللعينة يقول " دللي جسدك" مصحوبا بصورة لامرأة تحمل ثمرة موز، وفورا فتحت الاعلان تعرف يا صديقي ماذا كان.. إعلانات عن بيع أجهزة - كلنا يعرفها- للنساء.

تعرف!

لم أتعجب لحظة ولم أتفاجأ فالإنترنت حركات قرعة واعلانات مضللة كثيرة، وصفحات شخصية تمارس البيع والشراء في الخباثة، لكن المبهر مثلا أن تجد نفسك على صفحة موقع كبير يمارس البيع والشراء عبر التجارة الالكترونية وله رخصة رسمية بمزاولة النشاط منذ سنين وله اسم كبير ويحظى بالثقة.. أهلا بك على موقع "چوميا"!

مبدئيًا هذه السلعة والسلع المتشابهة تندرج تحت بند أجهزة المساج والتدليك، وتباع بزعم تدليل الجسد وترفع اعلاناتها عبارة "تدليك الوجه".. نعم الوجه، وللوجه وجوه كثيرة. أما الأصناف والخامات فبلا عدد تبدأ من البلاستيكي الرديء ومثيلها الكهربائي الهزاز والزجاجي الفاخر والمعدني الممتاز.. الآن لا عليكِ سوى أن تضغط "أضف لعربة التسوق" لتضمني تدليكا مريحا للوجه والكفين ان اردتِ.

وطبعا جميع الأشكال والألوان والخامات والأحجام مطبوع عليها " صنع في الصين"، هل توزع الصين هذه الأجهزة هدايا مثلا لزوم الدعاية بالطبع لا، هذه قطع تأتي من الخارج بدولار من الداخل لتباع للزبونة بالمصري، ثم وليحترق العالم ولندفع جميعًا فاتورة تدليل جسد الهانم.. عفوًا هذا عبث بالكلية.

ولست من حراس الأخلاق أنا ولا معني بقيم الأسرة المصرية، ولا أميل لعرض أمور كهذه تؤخذ يومًا على قلمي أو اسمي، ولا أناقش أهمية أو فوائد أو عمل أو جدوى هذه الأدوات ولا أطالب أيضًا بمنعها فهي حرية شخصية جدا وأنا أصدق في الحريات كلها، ولست من النائمين على أذنهم ولا أحب فهذه الأجهزة كانت تدخل من قبل اما بشكل فردي عبر حقائب المسافرين للاستعمال الشخصي فقط لا بغرض البيع والشراء والاتجار، وفي أضيق الحالات كانت تباع على صفحات وجروبات منغلقة على مواقع التواصل مع مستلزمات أخرى ولكن على استحياء، أما أن يتم تقنينها وعرضها بشكل منظم فهذا ما لا أفهمه خلال لحظة اقتصادية حساسة جدا كما "الوجه" بالضبط، تستأهل حُسن توجيه العملات الأجنبية للسلع المهمة، لا أن نفتح اعتمادات دولارية لاستيراد هذه الأدوات.
الوضع حساس جدا ولا يحتمل الهزل ولا التهريج فاذا كان ولابد من التدليك والتدليل والهّز فقطعًا له بدائل محلية.. بلاش بالدولار.

[email protected]