كنوز | صاحبة الجلالة تضىء 126 شمعة لأمير الصحافة المصرية الحديثة

على ومصطفى أمين مع الأستاذ التابعى فى «آخر ساعة»
على ومصطفى أمين مع الأستاذ التابعى فى «آخر ساعة»

 محظوظ كل من اقترب وتعامل وتعلم على يد أستاذ الأساتذة، وعملاق العمالقة فى بلاط صاحبة الجلالة الصحافة، أميرها المتوج الأستاذ محمد التابعى المولود فى 18 مايو 1896، ولهذا نضىء فى ذكرى ميلاده 126 شمعة ونحن نقول لروحه «تلاميذ تلاميذك يقولون لك.. لقد أسست مدرسة صحفية جديدة خلصت المهنة من الركاكة فى الكتابة، وصغت بقلمك وشخصيتك المكانة التى تحفظ للصحفى كرامته، كنت تكتب بموضوعية منتقدا ما تؤمن أنه الحق، فكانت تسقط الوزارة فى المساء، جعلت للصحافة هيبة، وللصحفى سلطة رقابية يخشاها المنحرف والفاسد»، تلاميذك الذين تعلموا منك، وتأثروا بك وساروا على دربك هم من قالوا ذلك فى كتاباتهم، شهدوا لك بما لم نره ولكننا لمسناه فيما تركته من كتابات ومعارك، فكنت أول صحفى يدفع ثمن حرية رأيه بالحبس وراء القضبان. 

أليس أنت من قلت «أنا لا أسكت على الحال المايل، ورأيى أن الصحافة تستطيع أن توجه الرأى العام وليس أن تتملقه أو تكتب ما يسره أو يرضيه»، وقلت: «رسالتى الصحفية أن أحارب الظلم أيا كان، وأقول ما أعتقد أنه الحق ولو خالفت فى ذلك الرأى العام»، وأكدت عندما قلت: «قليلون منا نحن الصحفيين هم الذين أوتوا الشجاعة لإبداء رأيهم ولا يبالون فى أن يتهموا فى نزاهتهم وأنهم مأجورون ينالون ثمن مقالتهم من دولة ما أو جهة ما»، واعطيتنا أول درس فى المهنية والموضوعية والمصداقية عندما قلت: «إن يفوتك 100 سبق صحفى أفضل من أن تنشر خبرا كاذبا»، علمت تلاميذك الدقة والتدقيق فكتب على أمين مقالا بعنوان «التابعى علمنى الصحافة فنسيت الهندسة» وأوضح كيف كنت تغضب وتثور وأنت خارج البلاد عندما يصلك عدد «آخر ساعة» فتستخرج منه الأخطاء التى تعاتب عليها وتلوم وتعاقب!

يا صاحب القلم الشريف والذمة النقية والنفس العزيزة الأبية، أنت لم تلقب بأمير الصحافة من فراغ، فالكاتب الكبير صبرى أبو المجد يقول فى كتابه «محمد التابعى» إن دماء الأمراء الزرقاء لم تكن تجرى فى عروقك، وأنك لم ترث ما كنت تنفق منه بسخاء، بل كنت تنفق من ثمرة كدك، وكأنك كنت تود أن تقول للجميع «إذا كان هناك ملوك بالوراثة فهناك ملوك بالعمل والجد»، عشت كما أردت، أميرا، ليس فى بلاط صاحبة الجلالة فحسب، بل فى كل حياتك، تنزل بأجنحة الملوك والأمراء فى أفخم الفنادق، ويقول الكاتب الكبير مصطفى أمين إنك فى رحلاتك الخارجية كنت تحرص أن تعيش كما يعيش الملوك، تتصرف كما يتصرفون، تنفق الألوف بغير حساب، الأستاذ التابعى مضياف من الطراز الأول، يهتم اهتماماً كبيراً بثيابه وأناقته، ويعتبر من أحسن عشرة رجال فى مصر يحسنون اختيار ملابسهم، يحب السينما ويشترى أحيانا لوج سينما ليجلس فيه وحده، يحب قراءة الروايات البوليسية، يجيد الانكليزية والفرنسية، ويعرف التركية والألمانية قليلا. 

ويقول الكاتب الكبير مصطفى أمين إنك فى رحلاتك الخارجية كنت تحرص أن تعيش كما يعيش الملوك، تتصرف كما يتصرفون، تنفق الألوف بغير حساب، مضياف من الطراز الأول، تهتم اهتماماً كبيراً بثيابك وأناقتك، وتعتبر من أحسن عشرة رجال فى مصر يحسنون اختيار ملابسهم، تشترى أحيانا «لوج» فى السينما لتجلس فيه وحدك، تحب الروايات البوليسية، وتجيد الانجليزية والفرنسية، وتعرف قليلا من التركية والألمانية.
ظلموك عندما اختزلك البعض فى شخصية «الدونجوان» الذى تقع فى هواه أشهر النجمات، تحدثوا عن ارتباطك باسمهان أكثر مما تحدثوا عن مقالاتك التى أسقطت حكومات، أكثروا من حكايات الفراغ عندما ادعوا زواجك من زوزو حمدى الحكيم، وغرامياتك مع فلانة وترتانة وعلانة، لم يهتموا بتدريس المهنة التى خلصتها من الركاكة لطلاب الصحافة والإعلام، لم يكلفوا هؤلاء الطلاب بجمع مقالاتك المتناثرة فى «الأهرام، والمصرى، وروزاليوسف، وآخر ساعة، والأخبار، وأخبار اليوم - ومطبوعات أخرى» ضمن مشاريع البحث والاستقصاء، وللأسف لم نسمع عن افتتاح قاعة باسمك فى مؤسسة صحفية، أو كلية من الكليات، أو فى نقابة الصحفيين التى كان لك دور كبير فى تأسيسها مع نجوم عصرك الذين افنوا حياتهم فى سبيل رفعة صاحبة الجلالة الصحافة. 

إقرأ أيضاً|كنوز | الذكرى 46 لرحيل عملاق الصحافة «علي أمين»