كنوز | مشكلة رغيف الخبز

محمد التابعى
محمد التابعى

بقلم: محمد التابعى

الدولة تبحث مشكلة رغيف الخبز، وزارة التموين تقول إنه يجب خلط دقيق الخبز بالردة الناعمة لأن ذلك يوفر للدولة أكثر من مليونين من الجنيهات دون أن يحدث تغيير يذكر فى لون الخبز أو طعمه، بل يحدث تغيير فى قيمة الخبز الغذائية إذ يصبح الخبز بعد خلطه بالردة الناعمة غنيا بالبروتينات، ووزارة الصحة تبحث مسألة الألياف العسرة الهضم الموجودة فى الردة الناعمة وتأثيرها فى معدة الشعب، ومقدار الكمية التى ستوضع فى كل رغيف. 

ومجلس الإنتاج يدرس المشروع من حيث إنه ضغط فى مصروفات الدولة، وزيادة فى الدخل القومى يمكن أن تستخدم فى مشروعات صناعية تعود على مصر بالفائدة الكبيرة، وبين مئات التجارب التى تجرى على خلط الدقيق، وتحليل الردة الناعمة، ودراسة الكميات الموجودة منها فى الخبز والتى ستوجد فيه بعد الخلط، يقف قسم الحبوب والمطاحن بوزارة التموين صاحب فكرة خلط الدقيق بالردة الناعمة ليشرح فكرته للجمهور، وقد بدأت الفكرة عندما تبين لمراقبة الحبوب والمطاحن أن الطريقة المتبعة لتحليل عينات الدقيق لا يمكن أن تثبت تماما خلوه من الردة الناعمة.

وأن جزءا كبيرا منها يدخل فى تكوين الرغيف الذى يوزع حاليا دون أن تستطيع الدولة ضبط ذلك، لأن ضبط هذه العملية يحتاج إلى طرق كيميائية معقدة فى التحليل لا يمكن إجراؤها على العدد الضخم من عينات الدقيق التى تقدم يوميا للتحليل، وبدأت مراقبة الحبوب والمطاحن تبحث عن حل لمشكلة الردة الناعمة التى تدخل فى الخبز برغم أنف الحكومة. 
 والحل كان بجعل هذه الكميات تدخل فى الدقيق برضاء الحكومة بدلا من رغم أنفها، وبذلك تستطيع الحكومة أن تضع فى جيبها مبلغ مليونين من الجنيهات سنويا من خسارتها فى القمح التى تبلغ عشرة ملايين فى السنة.

وأعدت وزارة التموين مذكرة لمجلس الإنتاج القومى قالت فيها إن تحديد سعر بيع الرغيف الشعبى بخمسة مليمات يكلف الدولة سنويا حوالى عشرة ملايين من الجنيهات على أساس مقدار القمح المستورد من الخارج لتموين المدن والبالغ خمسة ملايين إردب تشترى بسعر الإردب خمسة جنيهات وسبعة عشر قرشا ويباع بسعر ثلاثة جنيهات وخمسة عشر قرشا.

ولذلك رأت الوزارة خفض هذه الخسارة بإضافة سبع أقات من الردة الناعمة لكل إردب من القمح خصوصا وأن الخبز المصنوع من دقيق الحبوب المخلوط أعلى فى القيمة الغذائية من الخبز المصنوع من الدقيق الأبيض نظرا لاحتواء الردة الناعمة و«السن» على بعض الفيتامينات، وحتى لا يتأثر لون الخبز ستستورد الوزارة قمح «Soft White» الذى ينتج دقيقا أبيض يمكن بإضافته إلى الدقيق المخلوط الاحتفاظ بلون الرغيف. 

وانتهت المذكرة إلى أن ذلك سيقلل من استيراد القمح فيحفظ لمصر عملاتها الأجنبية، ويوفر للدولة مليونين من الجنيهات، مصر تستورد من الخارج قمحا يبلغ ثمنه 14 مليونا و400 ألف جنيه، ومصر تدفع ثمن الإردب من القمح خارج الحصة بخمسة جنيهات ونصف جنيه فى المتوسط، وتبيعه بمبلغ ثلاثة جنيهات وخمسة عشر قرشا، وأثبتت التجربة أن العيش «السن» أصح من الخبز الأبيض بشهادة الأطباء، وما سيصيب الرغيف من الردة هو جرام ونصف فقط، وليس لهذه الكمية تأثير يذكر من حيث احتوائها على ألياف عسرة الهضم، وعلى الشعب أن يضحى ويتحمل، تضحية طفيفة تعود على مصر بمبالغ طائلة. 


« آخر ساعة » - 4 فبراير 1953

إقرأ أيضاً|التموين تنتهي من صرف حصص دقيق أيام العيد للمخابز