أخر الأخبار

حوار| مندوب فلسطين المناوب بالجامعة العربية: نشعر بخيبة أمل من إدارة بايدن لعدم فتح القنصلية

السفير مهند العكلوك مع محرر بوابة أخبار اليوم
السفير مهند العكلوك مع محرر بوابة أخبار اليوم

-السفير مهند العكلوك: لا نريد رعاية منفردة وحصرية لأمريكا لعملية السلام

-نرغب في إضافة مصر والسعودية والأردن لآلية دولية متعددة الأطراف لرعاية عملية السلام

-ما ينقص إنهاء الانقسام ألا يكون هناك تأثير لأجندات خارجية على مسار الحوار الفلسطيني

-يجب الضغط على الاحتلال الإسرائيلي بكل الوسائل لإجباره على إجراء الانتخابات في القدس

 

تظل القضية الفلسطينية في وجدان كل عربي حر يمني النفس بأن تُحرر الأرضي الفلسطيني من براثن الاحتلال المغتصب للأرض، وأن ينعم الفلسطينيون بالحرية والسلام في أراضيهم.

وحلّت في الأيام الماضية، الذكرى الرابعة والسبعين لنكبة الشعب الفلسطيني، التي كانت في منتصف مايو عام 1948، حينما هُجر أكثر من 750 ألف فلسطيني من ديارهم وأرضهم عنوةً من أجل قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي، وفقًا لوعد بلفور المشؤوم، الذي أعطى من لا يستحق ما كان لا يملكه وهو لا دولته من الأساس.

وحول المستجدات الراهنة على الصعيد الفلسطيني، وفي ظل حلول ذكرى النكبة، أجرينا حوارًا مطولًا مع السفير مهند العكلوك، المندوب المناوب لفلسطين لدى جامعة الدول العربية، في مقر المندوبية بالقاهرة.

وننشر اليوم الجزء الثاني من الحوار، الذي أجريناه مع السفير مهند العكلوك، والذي يتمحور حول ملف مباحثات السلام المتوقفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وملف المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام الدائر حتى الآن وكيفية المضي قدمًا في إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية المجمدة.

هل ترى أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن جادة فعليًا في إيجاد حلٍ للقضية الفلسطينية أم مجرد دعاية إعلامية؟

أتى بايدن بعد 4 سنوات عجاف من حكم الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة دونالد ترامب، التي اتخذ 11 قرارًا ضد القضية الفلسطينية، بدأها من الاعتراف بالقدس عاصمةً لدولة الاحتلال، ونقل السفارة (الأمريكية لدى إسرائيل) والقول إن الاستيطان الإسرائيلي لا يخالف القانون الدولي، ووقف تمويل وكالة الأونروا، واتخذ قرارات عديدة مجحفة ضد القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وإنكار حقوقه، وتفاءلنا برحيل ترامب وقدوم بايدن.

ومنذ حملة بايدن الانتخابية ومع تشكيل إدارته حصلنا من الإدارة الأمريكية على عدة رسائل تقول إنه سيُعاد فتح القنصلية الأمريكية في القدس، التي أغلقتها إدارة ترامب، وكان هذا أمرًا جيدًا، فعندما تفتح قنصلية عامة في القدس الشرقية تتناول الشأن الفلسطيني، هذا ننظر إليه بشكل أو بآخر عودة عن قرار ترامب الاعتراف بأن القدس موحدة عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وأن القدس الشرقية هي عاصمة دولة فلسطين، وسمعنا إلى تطمينات بأن هذا سيحدث على مدى الشهور الماضية من إدارة بايدن.

لكن مع الأسف حتى الآن لم يُنفذ هذا الأمر، وأنهم (إدارة بايدن) لما طرحوه ولاقى الأمر معارضة شديدة من الحكومة الإسرائيلية، وعندما لا تُنفذ إدارة بايدن حتى الآن فتح القنصلية، فإننا نشعر بخيبة أمل كبيرة من إدارة بايدن.

إدارة بايدن عادت لانتقاد الاستيطان، ووصفه بـ"غير الشرعي"، زأعادت تمويل الأونروا وهذه مؤشرات إيجابية، رغم أن عودة تمويل الأونروا جاء بعد توقيع مذكرة مع الوكالة يقيد تفويض الأونروا الممنوح لها من الأمم المتحدة.

هذه مؤشرات تُظهر أن إدارة بايدن تختلف عن إدارة ترامب، لكن لم يحصل حتى الآن خطوات حقيقية وخطوات فعالة ومجدية للعودة عن القرارات التي اتخذها ترامب.

هل لا يزال هناك إيمان برعاية الولايات المتحدة لعملية السلام؟

نحن نفضل ونرغب في أن يكون هناك آلية دولية متعددة الأطراف لرعاية عملية السلام، هل تكون الدول الأعضاء في مجلس الأمن؟ هل تكون الدول الأعضاء دائمة العضوية بمجلس الأمن؟ هل تكون الرباعية الدولية الممثلة في الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة؟

يضاف إلى ذلك الدول العربية، نحن نرغب في أن تضاف مصر والأردن والسعودية لهذه الآلية، لأن هذه الدول لها وزن في المجتمع الدولي ولها ثقل وتؤيد الحق الفلسطيني.

نحن لا نفضل أن يعود الأمر لرعاية منفردة وحصرية وحيدة  للإدارة الأمريكية، وبالنسبة لعملية السلام، نحن مستعدون للبدء في مفاوضات في أي مكان، وكانت هناك دعوة من روسيا قبل الأزمة الروسية الأوكرانية، ووافقنا عليها.

والآن نحن نوافق حتى لو كان في أوروبا أن تبدأ المفاوضات، لكن هذه المفاوضات يجب أن يكون لها مرجعية.

برأيك.. ما المرجعيات التي يجب أن يُستند عليها في مباحثات السلام مع الإسرائيليين؟

هناك مرجعيات واضحة لعملية السلام.. هناك مبادرة السلام العربية، التي تطالب بالانسحاب الإسرائيلي وقيام دولة فلسطين، وإقامة علاقات دبلوماسية بعدها مع إسرائيل وليس قبل ذلك، فهذه المرجعية يجب أن تحكم عملية المفاوضات.

كما يجب أن يكون هناك إطار زمني محدد لعملية السلام، هكذا تنظر القيادة الفلسطينية لعملية السلام، وهكذا كانت مبادرة الرئيس (الفلسطيني) محمود عباس، التي طرحها في الأمم المتحدة لأكثر من مرة، أمام مجلس الأمن وأمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

في آخر خطاب للرئيس الفلسطيني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أمهل إسرائيل مهلة عام واحد للانسحاب من الأراضي الفلسطينية، وبعدها ألمح إلى أن جميع الخيارات المطروحة، بما في ذلك عودة المقاومة المسلحة، كيف ترى هذه الرسالة من محمود عباس؟ وهل بالفعل يمكن أن تتحقق؟

مبادرة الرئيس محمود عباس كانت دعوة الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو جوتيريس) إلى مؤتمر دولي، تحضره الأطراف الدولية، لرعاية عملية السلام، هذه طرحها أكثر من مرة.

إلى الآن إسرائيل لم تستجب لهذه المبادرة، والعالم لم يستجب لهذه المبادرة، في خطاب الرئيس الأخير أمهل الاحتلال الإسرائيلي لمدة عام.

نحن نؤمن بالمقاومة المشروعة المناسبة الصحيحة للاحتلال الإسرائيلي، وتوجد وجهات نظر بألا يجب أن نذهب إلى الميدان، الذي لدى الاحتلال الإسرائيلي القدرة أكثر على إيذاء الشعب الفلسطيني، لكن الميدان الآن هو المقاومة السلمية والمجتمع الدولي والأمم المتحدة والضغط على إسرائيل والمحاكم الدولية.

واستجابة لخطاب الرئيس عباس اجتمع المجلس المركزي الفلسطيني قبل حوالي شهر، وقرر تفعيل قرارات المجلس الوطني الفلسطيني، الذي قرر، في وقت سابق، وقف التنسيق العسكري مع الاحتلال الإسرائيلي، وقرر أيضًا تجميد الاعتراف بإسرائيل كدولة، إلى أن تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني

هذا هو المعنى الذي قصده الرئيس بأننا لن نبقى وحدنا ملتزمين باتفاقيات السلام وبالاعتراف بإسرائيل، وإسرائيل لا تعترف بفلسطين، لن نبقى على عناصر عملية السلام، ومن بينها التنسيق الأمني، سنوقف كل هذا، وسنعود إلى الوراء في حال إسرائيل لم تُنفذ التزاماتها.

وواضح أن إسرائيل لن تنفذ التزاماتها، وأنا أقول إن القيادة الفلسطينية في حالة اجتماع شبه دائم، وتدرس الاحتلال وجرائمه ومنهجه، والشكل المناسب للرد على هذه الجرائم.

فيما يتعلق بالشأن الداخلي في فلسطين.. ماذا ينقص لإنجاز ملف المصالحة الفلسطينية الضرورية في هذا التوقيت؟

هذا مؤسف جدًا.. نحن نعيش إحباط الشعب الفلسطيني من الانقسام الفلسطيني، ونعيش خيبة أمل الأمة العربية من هذا الانقسام، وندرك أبعاده الخطيرة على القضية، لذلك نحن في دولة فلسطين والرئيس محمود عباس نعطي المجال الكامل لجمهورية مصر العربية من أجل السعي نحو إنهاء هذا الجرح الفلسطيني، من خلال الحوار والمصالحة.

مصر مشكورة فقد أمضت ساعات طويلة وأيام وشهور طويلة في محاولة إخماد هذه النار الفلسطينية بسبب الانقسام.

وإنهاء الانقسام لم يحصل حتى الآن، وكان هناك طريق للمصالحة وهو الانتخابات التشريعية والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، والتي تم تأجيلها بعد ذلك، بسبب منع الاحتلال الإسرائيلي إجراء الانتخابات في القدس، وكان لا يمكن إجراء الانتخابات من دون القدس.

هذا كان طريق أقصر وأكثر فاعلية للوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، نحن لا زلنا وجامعة الدول العربي تُفوّض مصر للاستمرار في هذه الجهود (إنهاء الانقسام)

وما ينقص إنهاء الانقسام هو ألا يكون هناك تأثير لأجندات خارجية على مسار الحوار الفلسطيني.. يجب أن يكون قرار الوحدة الوطنية الفلسطينية نابعًا من المصلحة الفلسطينية وليس المصلحة المتأثرة بتوجهات من أجندات خارجية. ينقصه أيضًا الاستجابة للشعب الفلسطيني لوقف هذا الجرح النازف المسمى الانقسام.

مع ذلك، أقول إن الشعب الفلسطيني موحد.. توحده جرائم الاحتلال.. يوحده الظلم التاريخي الواقع عليه، ويوحده الألم والحصار والاستيطان.. يوحده القدس.

لكننا لا زلنا في انتظار أن تتحقق الوحدة الوطنية الفلسطينية، سواءً داخليًا أو من خلال وسطاء محترمين مثل جمهورية مصر العربية.

بالنسبة لملف الانتخابات المجمدة حاليًا.. ما الحلول المطروحة لإجراء هذه الانتخابات التي تعتبر حجر زاوية في مسعى المصالحة الفلسطينية؟

أولًا يجب الضغط على الاحتلال الإسرائيلي بكل الوسائل، ومن خلال المقاومة السلمية، ومن خلال المجتمع الدولي، ومن خلال الإدارة الأمريكية، ومن خلال الاتحاد الأوروبي، وأذكر الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي لأن هاتين الجهتين هما القادران على الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لإتاحة إجراء الانتخابات الفلسطينية التشريعية والرئاسية في مدينة القدس المحتلة.

ثانيًا: إلى أن نصل إلى ذلك الحل الأمثل هو أن تقوم حكومة وحدة وطنية فلسطينية، في شكلين إما حكومة من القيادات الوطنية والإسلامية من "فتح" و"حماس" و"الجهاد الإسلامي" والفصائل الفلسطينية المنضوية تحت منظمة التحرير الفلسطينية أو حكومة كفاءات تدعمها وترشحها هذه الفصائل. وتكون حكومة واحدة برئيس واحد وتعمل في الضفة الغربية وقطاع غزة ، ويكون من مهامها تهيئة الأرضية المناسبة للانتخابات، لأن الانقسام ليس شكليًا، هذا انقسام حقيقي وهناك متضررون من هذا الانقسام، فيجب أن تعمل هذه الحكومة تحت القيادة الفلسطينية.

نحن لا نريد العودة إلى المربع صفر، نحن نريد حكومة قادرة على تلبية احتياجات الشعب الفلسطيني وقادرة على إيجاد الحد الأدنى من القبول الدولي، ونحن ننظر في فلسطين والقيادة الفلسطينية كذلك إلى أن هذا هو الحل الأمثل، الذي ينقلنا إلى مرحلة لاحقة، وهو إنهاء الانقسام وتدريجيًا إلى مرحلة الوحدة الوطنية.

في الختام.. الطرح الفلسطيني للسلام هو القبول بدولة على حدود 4 يونيو 1967، ما يمثل نحو 22% من أرض فلسطين التاريخية.. هل هذا الأمر سيكون مقنعًا للمواطن الفلسطيني في الشارع خاصة أن منهم من يقول "دولتنا من البحر إلى النهر"؟

نحن لا يمكن أن نتنازل عن حقوقنا الثقافية والحضارية في فلسطين التاريخية، نحن نبتنا في هذه الأرض.. أجدادنا وأجداد أجدادنا، ويصعب على أي مواطن فلسطيني، التخلي عن هذه الجذور.

نحن نقول إن جذورنا هناك، كما جذورنا في الضفة الغرببية كما جذورنا في غزة، والشعب الفلسطيني تضاعف منذ النكبة عشر مرات، وأصبح تعداد سكانه 14 مليونًا، 7 ملايين منهم داخل فلسطين، و7 ملايين خارج فلسطين، ومن بين الـ7 ملايين داخل فلسطين، هناك 1.7 مليون فلسطيني داخل أرض فلسطين التاريخية، جميعهم يقولون نحن فلسطينيون ولم يتخلوا عن فلسطينيهم للحظة.

وبالتالي هذه الرؤية موجودة، نحن كشعب فلسطيني واحد، فهذا الأمر يعود إلى تاريخنا.

ولكن نحن لا نعيش وحدنا في هذا العالم، وهناك قرارات دولية عملنا كثيرًا عليها، وقرار التقسيم لم يكن مرغوبًا لا فلسطينيًا ولا عربيًا، وعارضته الدول العربية، ولم تكن رؤيتنا، ولكن نحن واقعيون. نحن نرى أن هناك دولًا عربية تقيم علاقات مع إسرائيل، فنحن أمام مجتمع دولي لا يمكن أن نواجهه ونطلب إنهاء دولة إسرائيل، ولكننا لن نتخلى عن جذورنا التاريخية والثقافية والحضارية في كل فلسطين.

اقرأ أيضًا: حوار| مندوب فلسطين المناوب بالجامعة العربية: صمت الجنائية الدولية على إسرائيل «مريب»