تعرف على تكية «محمد أغا كتخدا» فى حى السنانية ببولاق الدكرور

صورة موضوعية
صورة موضوعية

تزخر مدينة القاهرة بمئات المساجد الأثرية والأسبلة والتكايا التى تسجل تاريخ فترة من الفترات وهى الشهيرة بمدينة الألف مئذنة ومن أبرز هذه الآثار تكية محمد أغا كتخدا.


ولفظ تكية يتردد على ألسنة الناس، وغالباً ما يتندر به اللطفاء فيما بينهم قائلين: «ما هي تكية»، للدلالة على أن المكان أو الشيء المقصود سداح مداح بدون صاحب.

فكلمة تكية وجمعها تكايا ومعناها اللغوي يأتي من الاتكاء والاستناد على الشيء طلبا للراحة، أما في الاصطلاح فتعني مكان الدراويش "المتصوفة"، وقيل إن أصلها فارسي وتعني "جلد" وربما تكون قد اتخذت هذا الاسم؛ لأن شيوخ الزوايا الصوفية كانوا يجعلون جلد الخروف أو غيره من الحيوانات شعارا لهم.

وتكية محمد أغا كتخدا، كما يقول الباحث الأثرى د. حسين دقيل هى مبنى أثري يعود للعصر العثماني، يحمل رقم 442 بسجلات الآثار الإسلامية، وتقع في شارع سوق السنانية، لمنطقة بولاق أبو العلا، بالقاهرة، وقد أنشأها أمير عثماني يُدعى "محمد أغا كتخدا" عام (1188هـ/ 1774م). وكلمة (أغا) كلمة تركية تعني (سيد) أو ريس، وهو لقب مدني وعسكري كان مستعملا في عهد الدولة العثمانية. أما كلمة (كتخدا) فقد أُطلق على كل معاون أو مساعد للموظف الكبير في الدولة العثمانية.

وتعرف (تكية محمد أغا كتخدا) بالرفاعية، وهي عبارة عن صحن مكشوف على شكل مربع، تحيط به من الجوانب الأربعة أربع ظلات، كل ظلة مكونة من رواق واحد، وخلف كل رواق توجد حجرات الصوفية السكنية. وليس بالتكية مئذنة أو منبر، فهي ليست جامعا أو مدرسة، غير أننا نجد بجهة القبلة حجرة صغيرة بها محراب لإقامة الصلوات، وأيضا ليجتمع فيها (الدراويش) في حلقات لذكر الله. والمحراب مجوف من حنية نصف دائرية خالية من الزخارف يكتنفها عمودان رخاميان، عليها كتابات نسخية من سطرين نصهما: "بسم الله الرحمن الرحيم، كلما دخل عليها زكريا المحراب".

وبهذه التكية مدفون السيد (مصطفى البولاقي)، وقد ولد رحمه الله بـ (بولاق) أواخر القرن الثاني عشر الهجري، وحفظ القرآن الكريم على أيدي العارف بالله الشيخ صالح السباعي، وتلقى عنه طريقة السادة الخلوتية ومبادئ مذهب الأمام مالك وصار ما لكى المذهب من حينها، ثم جلس بعدها لطلب العلم على أيدى أكابر علماء زمانه وشيوخ عصره وأوانه حتى حصل التحصيل التام وشهد بفضله الأنام.

 وفى عام 1223هـ نال الإجازة من كافة مشايخه، ليجلس على أريكة العلم أستاذا ومعلما ونهل من فيض علمه الجم الغفير من سائر أهل المذاهب، وصار واحد الزمان وأشارت إليه الأكف بالبنان وصار شيخنا مدرسة خرج من بابها كبار ائمة الفقه المالكي. 

يذكر على مبارك في الخطط التوفيقية: "كان رحمه الله تعالى ديدنه التدريس والإفادة لكبار الكتب وصغارها لذا لم يشتهر عنه التأليف غير الشيء القليل وما نقله عنه تلامذته من دروسه وأحاديثه". 

 كان للشيخ مصطفى البولاقي بالإضافة للعلم الشرعي، هوى وحب كبير لعلوم الهندسة والحساب والفلك وكان يحب الاجتماع بأهل هذه الفنون كثيرا؛ فصاحب محمود باشا حمدي الفلكي أنبغ من انجبتهم مصر الحديثة في الفلك والرياضيات وغيره من جهابذة مدرسة المهندسخانة التي كانت ببولاق حتى تمكن من تلك الفنون، وألف رسائل كثيرة في الجبر وحساب المثلثات. 
وقد عُين الشيخ مصطفى البولاقي خطيبا بمسجد السلطان أبو العلا، وكان له به درس دائم بين المغرب والعشاء، مترددا كل يوم بين سكنه ببولاق والجامع الأزهر. 

 وعاش رحمه الله تعالى ولسانه رطبا بذكر الله وتلاوة القرآن، صواما قواما، ولم يزل على حاله في الاجتهاد والطاعة حتى وفاته (1263هـ/1846م)، ودُفن بهذه التكية إلى جوار الشيخ (محمد بن عبد العزيز المغربي) المعروف بـ (ابن عزيزة) أحد أكابر علماء المالكية بالأزهر الشريف أوائل القرن (11هـ/17م)، وها قد جمع بينهما المذهب والمدفن، رحمة الله عليهما.

اقرأ أيضا مدرسة ومسجد السلطان حسن الأثري .. فخر العمارة الإسلامية التي تزين حي الخليفة