كنوز| «أبو ماضى» يتهم عبد الوهاب بسرقة «لست أدري»!

إيليا أبو ماضى
إيليا أبو ماضى

133 عاما مرت فى منتصف الشهر الجارى على ميلاد الشاعر الكبير إيليا أبو ماضى الذى يعد من أشهر شعراء المهجر، وهو من مواليد 15 مايو 1889 بمنطقة المحيدثة بجبل لبنان، جاء إلى الإسكندرية وهو فى الحادية عشرة برفقة عمه الذى كان يتاجر فى بيع الدخان، وصدر له أول ديوان بعنوان «تذكار الماضى» عام 1911، كان ينشر قصائده السياسية والوطنية فى المجلات اللبنانية التى تصدر فى مصر، مما جعل السلطات تضيق به فهاجر إلى مدينة  «سينسيناتى» بالولايات المتحدة وعمل فى التجارة مع أخيه.

وأخذ يتنقل حتى استقر فى نيويورك التى عمل بها نائباً لتحرير جريدة «مرآة الغرب»، وتمكن عام 1920 من المشاركة كعضو مؤسس للرابطة القلمية التى تضم أبرز أدباء المهجر، التى ترأسها الشاعر جبران خليل جبران، وفى عام 1948 زار لبنان بدعوة من الحكومة لحضور مهرجان «الأونسكو» ليمثل صحافة المهجر، فكان موضع تكريم ومنحته الحكومة اللبنانية وسامى الأرز والاستحقاق، وأقيم له حفل تكريم فى دمشق تسلم فيه من الرئيس السورى هاشم الأتاسى وسام الاستحقاق الممتاز فى 1949، وعرف شعره بالتأمل الفلسفى والتغزل فى الجمال فى أغلب قصائده التى ضمنها دواوين: «الخمائل - تبر وتراب - الجداول - ديوان إيليا أبو ماضى» ومجموعاته تضم بعض الكتابات النثرية.

فى حوار أجراه معه محمد رفعت مندوب مجلة «الجيل» التى كانت تصدر عن دار «أخبار اليوم» عام 1957 هاجم بشدة محمد عبد الوهاب مؤكدا أنه اغتصب منه قصيدة «لست أدرى» التى لحنها وغناها، وكان مندوب المجلة قد حمل إليه اسطوانة القصيدة بصوت عبد الوهاب فألقى بها الشاعر الكبير على الأرض وسحقها وأخذ فى تكسيرها قطعاً صغيرة، وفسر تصرفه هذا بأن عبد الوهاب سرق شعره وهو مازال حيا يرزق، مثلما سرق موسيقى الغرب، والأعلام الذين رحلوا، وقال منفعلا: «أنا لا أبيع شعرى لكن لا أرضى أن يغتصب منى، إن الأمر لم يكن يكلفه سوى بضعة قروش يرسل بها خطاباً يستأذننى فى شعرى، ولكن يبدو أن بخله المشهور عنه وصل إلى طابع البريد، علمت أنه ينشد قصيدة «لست أدرى»، وكتب اسمى فى الإعلانات وكأننى نجم سينمائى، وأنا لم أقبض شيئا من هذا كله، كان من الممكن أن أغفر له لو طلب موافقتى، لكنه لم يفعل، وكأن حقوق التأليف مباحة فى مصر إلى هذا الحد»!.

وقال الشاعر الكبير إنه عاش فى مصر 11 عاما ولايزال بعض أقاربه فى مصر ومنهم النجمة السينمائية زوزو ماضى وكريمتها إيفون ماضى، وقال إنه لم يعرف حافظ إبراهيم ولا شوقى لأنه كان شابا خجولا ولم يسع إليهما حين كان فى مصر، وأكد أنه تأثر بالمتنبى وشعر أبى العلاء المعرى حتى أنه أخذ عنه تشاؤمه، ثم خلع عن نفسه هذا التشاؤم وسار خلف موكب الحياة المشرق، وقد أصبح إيليا أبو ماضى مقلا فى كتابة الشعر بسبب خمول ما يثير العاطفة، مؤكدا أن الأديب العربى فى أمريكا يعطى ولا يأخذ لأن البيئة التى يحيا فيها لا تنفعل به! 

وأخيرا ودعته، وبدا لى أنه رجل أصبح مزيجا من روحانية الشرق ومادية الغرب ولكنه بدا لى أيضا وسط حى بروكلين كأنه شجرة بكت وشاخت فى أرض غير أرضها!.

مجلة «الجيل» - نوفمبر 1955

إقرأ أيضاً|كنوز | ذكرى ميلاد ورحيل «قيثارة» السماء