الرئيـس: الشـيخ خليفة كان محبـًا لمصر بحق وصديقًا مخلصـًا فى كل الظروف والأحوال

مصر والإمارات.. علاقات تاريخية راسخة وأفـق أوسع للتعاون فى المستقبل

جانب من زيارة الرئيس إلى الإمارات
جانب من زيارة الرئيس إلى الإمارات

كتب: أحمد جمال

جاءت كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى نعيه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، والذى وافته المنية عن عمر يناهز ٧٣ عاماً، معبرة عن عمق وقوة العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، وتأكيداً على المصير المشترك الذى يربط الشعبين عبر التاريخ.. وقد نعــى الرئيس عبدالفتاح السيسى، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان فى تغريدة على صفحته الرسمية بتويتر قائلاً: «أنعى بخالص الحزن والأسى رجلًا من أغلى الرجال، وقائدًا من أعظم القادة، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، الذى وافته المنية بعد رحلة طويلة من العطاء، قدم فيها الكثير لبلاده وأمته، حتى صارت الإمارات نموذجًا للتطور والحداثة فى منطقتنا والعالم».

الرئيس السيسى يقدم واجب العزاء فى وفاة الشيخ خليفة بن زايد

العلاقات الاستراتيجية تقوم على أسس الشراكة والمصير الواحد

التحالف الرباعى حائط صد لمواجهة إغراق المنطقة العربية بالفوضى

وتابع قائلا: «ولقد كان الشيخ خليفة محبًا لمصر بحق، وصديقًا مخلصًا فى كل الظروف والأحوال، فباسمى واسم شعب مصر أتقدم بالتعازى لدولة الإمارات العربية المتحدة قيادة ودولة وشعباً فى هذا المصاب الجلل، وأدعو الله عز وجل أن يتغمد الفقيد الغالى بواسع رحمته، وللإمارات الشقيقة بدوام التقدم والعزة».

وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى على رأس مقدمى العزاء فى الفقيد السبت الماضي، كما هنأ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على ثقة شعب الإمارات فى توليه مقاليد الحكم رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة، معرباً عن أطيب التمنيات بالتوفيق لأخيه الشيخ محمد بن زايد فى مواصلة مسيرة التطور والازدهار للشقيقة الإمارات، واستكمال السياسات الرشيدة التى حققها المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، امتداداً لمسيرة الازدهار التى أرساها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

ويحمل تاريخ العلاقة الاستراتيجية بين مصر والإمارات العديد من النقاط المضيئة وكانت مصر من أوائل الدول التى دعمت قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971، وسارعت إلى الاعتراف بها فور إعلانها، ودعمتها دوليًا وإقليمًيا باعتبارها ركيزة للأمن والاستقرار وإضافة جديدة لقوة العرب واستندت العلاقات بين البلدين إلى أسس الشراكة الاستراتيجية منذ ذلك التاريخ.

وربطت مشاعر القومية العربية بين الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والشيخ زايد آل نهيان؛ إذ أيَّد «ناصر» حلم «زايد» فى اتحاد السبع إمارات معًا لتصبح الإمارات العربية المتحدة، وقدَّم له بعثات من المدرسين والمهندسين والأطباء، فيما كان الشيخ زايد وفيًا لمصر ودورها؛ حيث تحدى بريطانيا وإسرائيل وقدم الدعم لمصر بعد حرب 1967، وبدء إعادة بناء القوات المسلحة المصرية لخوض معركة التحرير.

وبعد انتهاء العدوان، ساهم الشيخ زايد نيابةً عن شعب الإمارات فى إعادة إعمار مدن قناة السويس (السويس - الإسماعيلية - بورسعيد) التى دُمرت فى العدوان الإسرائيلى عليها، وفى حرب أكتوبر، لم يكن الدعم فى شكله المادى فقط، بل قام الشيخ زايد آل نهيان، إلى جانب الدعم الاقتصادى والبترولي، بإرسال سرية مشاة ميكانيكا فى الجيش الثالث الميدانى بقيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وكان حينها وليًا لعهد أبوظبي.

واستمرت العلاقة الاستثنائية بين البلدين إلى أن ازدادت عمقًا ورسوخاً فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث كانت دولة الإمارات على رأس الدول الداعمة لمصر بعد ثورة 30 يونيو 2013، ودعمت موقف مصر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما صرح وزير الخارجية الإماراتى قائلًا: «على الدول تقديم الدعم للحكومة المصرية واقتصادها بما يعزز مسيرة القاهرة نحو التقدم والازدهار».

استقرت العلاقات الاستراتيجية بين مصر والإمارات منذ العام 2014 على أسس الشراكة والمصير المشترك وهو ما وضح من خلال توالى اللقاءات والزيارات المتبادلة بين قيادة الدولتين، وبدا واضحًا أن هناك تناغما مشتركا بين الرئيس عبدالفتاح السيسى والسلطة الحاكمة فى دولة الإمارات، الأمر الذى ترجمه الدعم الإماراتى لمصر فى مواجهة الصعوبات الاقتصادية المترتبة على حالة الفوضى التى عمت خلال فترة حكم تنظيم الإخوان الإرهابي، وفى الوقت ذاته قدمت القاهرة كافة أشكال الدعم فى مواجهة العمليات الإرهابية التى طالت دولة الإمارات جراء الاستهداف الحوثي.

إقرأ أيضاً | محافظ القاهرة يقدم العزاء لسفيرة الإمارات في وفاة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان 

وشكل تحالف الرباعى العربى بين «مصر والسعودية والإمارات والبحرين» حائط صد قوياً فى وجه العديد من المؤامرات التى كانت تحاك ضد المنطقة العربية وتمكن التحالف من إرغام قوى إقليمية معادية كانت تستهدف توسيع نفوذها على حساب الأمن القومى العربى فى التراجع عن كثير من مخططاتها، بل إنها أضحت ساعية لطلب الصفح والسلام، وهو أمر تدركه قوى إقليمية عديدة ترى فى محور الاعتدال العربى رمانة ميزان مهمة فى المنطقة.

وتوافق مسار الإصلاح الذى تبنته مصر مع خطط التطور الإماراتية الطموحة وهو ما جعل هناك تلاقيا مشتركا فى مسيرة الإصلاح التى واجهت مخططات الفوضى التى حدثت مع بداية ما يُعرف باسم «الربيع العربي» والتى شهدت محاولات عديدة لقفز التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم الإخوان إلى السلطة فى عدة بلدان عربية مختلفة وخلق مناخ عام يسود فيه التفكك والضعف لتحقيق أهدافها.

بيومي: البلدان يحظيان بتنسيق رفيع المستوى

ومن جانبه قال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن تاريخ التعاون المشترك بين البلدين وإدراك دولة الإمارات بالأهمية الاستراتيجية للدولة المصرية باعتبارها أقدم دولة فى التاريخ ولديها سياسة واضحة فى تحديد أولويات الأمن القومى المصرى الذى يبدأ من المحيط العربى جعل هناك مستويات عديدة للشراكة المستمرة والراسخة بين البلدين.

وأوضح أن البلدين يحظيان بتنسيق أمنى وعسكرى ودبلوماسى واقتصادى رفيع المستوى وهو ما وصل بالعلاقات إلى مرحلة تكاملية بحيث تقدم كل طرف خبراته وقدراته فى شتى المجالات إلى الطرف الآخر، وأن الدفعة القوية فى العلاقات والتى جاءت أخيراً كانت مدفوعة بقوة الاستثمارات الخليجية فى القاهرة، وأضحى هناك مصالح مشتركة وعلاقات أكثر رسوخاً.
ويعد صندوق أبوظبى للتنمية من أهم شركاء التنمية فى مصر، فضلاً عن تأسيس منصة استثمارية مشتركة بقيمة 20 مليار دولار عبر شركة أبوظبى التنموية القابضة وصندوق مصر السيادي.

وأشار بيومى إلى أن حالة التناغم بين الرئيس عبدالفتاح السيسى والشيخ محمد بن زايد يجعل علاقة البلدين ذات خصوصية كبيرة، إذ من المتوقع أن تشهد ما يمكن أن نطلق عليه «حقبة  بن زايد» مزيداً من التطور والزخم فى العلاقات تحديداً، وأن هناك رؤى مشتركة عديدة تجاه التعامل مع أزمات المنطقة وفى القلب منها حل القضية الفلسطينية ومواجهة التدخلات الإيرانية.

زهران: سياسات توافقية بين السيسى وبن زايد تحمل معالم مستقبل العلاقات

ومن جانبها قالت الدكتورة إيمان زهران خبيرة العلاقات الدولية والأمن الإقليمي، إن ثمة ارتياحا لمستقبل العلاقات المصرية الإماراتية، وذلك فى إطار البناء على ما سبق من سياسات توافقية ورؤى ممتدة وعلاقات وثيقة جمعت السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى والشيخ محمد بن زايد حول مختلف القضايا الإقليمية وانعكست بشكل مباشر على حجم التنسيق المتبادل حول التطورات الأخيرة وما تفرضه تحديات المرحلة الراهنة من تضافر الجهود من أجل حماية الأمن القومى العربى والتصدى لمحاولات قوى الشر لزعزعة استقرار وأمن الدول العربية.

وأوضحت أن العلاقات المصرية الإماراتية بُنيت على أسس ثابتة وداعمة بشكل مشترك للمواقف الوطنية تجاه مختلف القضايا السياسية والأمنية والنوعية بالإقليم، لاسيما التصدى لكافة المحاولات الإرهابية وتقويض انتشار الفكر المتطرف بالمنطقة، فضلا عن التوافق وتطبيق الرؤى بمختلف المواقف السياسية تجاه الأزمات الإقليمية فى سوريا والعراق وليبيا واليمن، ومواجهة التدخل الخارجى فى شؤون بعض الدول العربية لفرض أجنداتها الخارجية وخدمة وكلائها بالمنطقة.

وتابعت: «فمن المُرجح وبقوة فتح المزيد من آفاق التعاون بين البلدين بمختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والتنموية وذلك فى إطار ما يحظى به الزعيمان من تقارب على المستوى الشخصى وتوافق على المستوى المنهجى وهو ما سينعكس بشكل مباشر على حجم التحركات المُقبلة وسيتم اختباره عبر ترجمة التوافقات الثنائية لصياغات تعاونية وبروتوكولات اقتصادية وسياسية، ومشروعات تنموية واستثمارية مشتركة، كانت قد بدأت من قبل وسيتم تعزيزها نوعياً خلال المرحلة المُقبلة.

وكان المجلس الأعلى للاتحاد وهو أعلى سلطة دستورية فى دولة الإمارات قد انتخب السبت الماضى بالإجماع، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيسًا لدولة الإمارات العربية المتحدة، وعقد المجلس اجتماعًا فى قصر المشرف بأبوظبى برئاسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.

وأكد الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، حرصهم البالغ على الوفاء لما أرساه الراحل من قيم أصيلة ومبادئ استمدها من المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والتى رسخت مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة على المستويين الإقليمى والعالمى وتعززت إنجازاتها الوطنية المختلفة.

وأعرب المجلس عن ثقته التامة بأن شعب دولة الإمارات سيبقى كما أراده زايد والمؤسسون دوما حارسًا أمينًا للاتحاد ومكتسباته على جميع المستويات، داعين الله عز وجل أن يوفق الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ويسدد خطاه فى خدمة وطنه وشعب الإمارات الكريم.

من جهته، أعرب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن تقديره للثقة الغالية التى أولاه إياها الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، راجياً المولى عز وجل أن يوفقه ويعينه على حمل مسئولية هذه الأمانة العظيمة وأداء حقها فى خدمة وطنه وشعب الإمارات الوفي.