فيلم «العنكبوت» .. بطل خارق ومحتوى فارغ

فيلم العنكبوت
فيلم العنكبوت

محمد كمال 

يحسب لأحمد السقا أمرين، الأول تمييزه على مستوى أفلام الحركة خلال أكثر من عشرين عاما حتى مع ظهور نجوم آخرين ومزاحمتهم له، إلا أن السقا حافظ على وجوده وقدرته على تصدر المنافسة معهم، أما الأمر الثاني أن السقا هو نجم الشباك الأوحد الذي يحرص في أفلامه على تواجد عديد من الأبطال من نجوم الصف لمشاركته في البطولة، وهذين الأمرين استمرا معه في أحدث أفلامه “العنكبوت” حيث شارك معه في البطولة منى زكي وظافر العابدين ومحمد ممدوح وريم مصطفى ومحمد لطفي ويسرا اللوزي وأحمد فؤاد سليم والراحل زكي فطين عبد الوهاب، أسماء من العيار الثقيل كل واحد منهم لديه القدرة على حمل مسئولية فيلم بمفرده.

ورغم أن رهاني الأكشن وتخمة النجوم لم يحقق النجاح للسقا في أخر فيلمين “من 30 سنة” و”هروب إضطراري” برغم أن الثاني حقق إيرادات كبيرة لكنه سقط نقديا مع ذلك السقا لديه إصرار على استكمال ما اعتاد عليه، والذي جاء هذه المرة مع المؤلف محمد ناير والمخرج أحمد جلال الذي يتعاون معهما للمرة الأولى سينمائيا، والثنائي ناير وجلال يحاولا استرجاع بريقهما السينمائي بعد التراجع في أعمالهما الأخيرة وخصوصا جلال الذي لم تحظ أفلامه مؤخرا نفس جودة أفلامه حتى عام 2009.

 

يعتبر “العنكبوت” فيلم أكشن وحركة بشكل كامل وهو النوع المفضل للسقا والذي كان بوابة عبور الصعود إلى النجومية لكن في هذا الفيلم الأكشن الصارخ جعل منه بطل خارق على غرار أفلام الحركة في السينما الأمريكية للأرنولد شوارزينجر الذي كان يواجه جيشا كاملا بمفرده لكن هل السقا في هذه المرحلة العمرية مناسب لهذه النوعية ؟، على مستوى اللياقة والحضور نعم خاصة وأن الفيلم جاهز للعرض منذ عامين وتأخر في العرض التجاري وتم تأجيله خلال فترة انتشار فيروس كورونا، لكن على مستوى إقناع المتفرجين فالأمر لم يعد مثل السابق، من المحتمل إذا قدم السقا هذا الفيلم منذ 10 أعوام كانت القناعة بالتأكيد ستختلف.

 

تأرجح مستوى تنفيذ مشاهد الأكشن على مدار أحداث الفيلم لكن في المجمل تنفيذها كان متقنا ومتمكنا لكن لم يسعف هذا التفوق في انقاذ الفيلم الذي يفتقد لسيناريو محكم مقنع الذي من المفترض أن يحظى به فيلم من هذه النوعية لكن ما ظهر أن المحتوى كان فارغا تماما وكان المنفذ الوحيد للمخرج أحمد جلال في تلافي الأزمة الواضحة في السيناريو أن تأخذ مشاهد الأكشن النصيب الأكبر خلال الأحداث.

 

تدور الأحداث حول عائلة “جبران” وهم من كبار رجال الأعمال الذين يسيطرون على مجموعة شركات ونشاطهم غير المعلن في تجارة وصناعة المخدرات (الخام) بعد وفاة كبير العائلة ودخولهم في صراع مع شخص وهمي يدعى العنكبوت الذي يسعى بكل الطرق لإفشال كل العمليات الخاصة بهذه العائلة ويعود آدم (ظافر العابدين) ابن جبران من لندن مع زوجته داليا (يسرا اللوزي) ليتولى مسئولية قيادة أعمال الأسرة التي تتكون من مروان (محمد ممدوح)، د.عثمان سالم (زكي فطين عبدالوهاب) وزوجته ناهد (ريم مصطفى)، فتحي (محمد لطفي) والعم صلاح (أحمد فؤاد سليم)، والعائلة في انتظار شحنة مخدرات يحصلون عليها من شخص مبهم أيضا يدعى غسان الصيرفي.

 

أزمة السيناريو الأولى كانت في التأسيس ورسم الشخصيات فلم يظهر أي خلفيات لأي منهم أولا حول صلة القرابة بينهم وثانيا طبيعة العلاقة وأسباب عدم قوتها رغم أن ما يجمعهم مجموعة شركات كبيرة، ثالثا من هو آدم ولماذا يعيش في لندن وكيف كانت علاقته بوالده، وما دور كل فرد من العائلة في إدارة العمل؟

 

كلها أسئلة كان يجب أن يفصح عنها السيناريو، فمن المقبول تأجيل كشف سر شخصية العنبكوت ودوافعه إلى منتصف الفيلم لكن لا يمكن خلق دراما جيدة دون إظهار تفاصيل بديهية تحدد ماضي الشخصيات التي ظهرت بصورة هشة ركيكة خاصة وأن المخرج اختار أسماء ممثلين لهم ثقل لتقديم هذه الأداور بالتالي هم ليسوا أدوار هامشية، أدخلنا الفيلم في صراعات ومؤامرات وعمليات لفرض مزيد من مشاهد الحركة والقتل والتعذيب والحرق خاصة مع وجود العنكبوت الخارق دون وجود أي خطوط درامية كل هذا زاد الفجوة أكثر مع ظهور المشاهد الخاصة بعائلة جبران فلم تكن أسباب صراعهما واضحة.

 

كانت نقطة النور الدرامية الوحيدة الظهور “المقحم” لشخصية ليلى “منى زكي”  التي تعمل مرشدة سياحية مع وفد صيني تدخل دائرة الصراع بالصدفة، والتي جاء مشهدها الأول مشابها تماما لمشهد الفيلم الأمريكي “knight and day”  الذي أنتج عام 2010 عندما قام توم كروز بتوريط كاميرون دياز في الأحداث، وكانت شخصية ليلى هي الوحيدة التي لها خطوط درامية واضحة ومنفذة بشكل جيد بداية من مشهد تعرفها بالعنكبوت في القطار مع وجود شيماء سيف كضيفة شرف في أداء كوميدي مميز من الثلاثي (السقا – منى – شيماء) ويعد أفضل مشهد في الفيلم رغم تخمة مشاهد الأكشن.

 

الخط الثاني الذي ظهر جيدا برغم أنه احتوى على ثلاثة مشاهد فقط كانت التي جمعت بين ليلى أيضا وخطيبها سامح الذي ظهر خلاله (شيكو) كضيف شرف، صحيح أن شخصية ليلى من الناحية الدرامية تعتبر مقمحة على الفيلم إلا أنها كانت الأفضل على مستوى الأداء والحضور وشكلت خط كوميدي يحمل جزء من الدراما التي افتقدها السيناريو من البداية للنهاية وتشبه حالة منى زكي في هذا الفيلم ما كانت عليه في فيلم “من 30 سنة” فقد كانت هي الأفضل بين تخمة الأبطال.

 

 لدي قناعة بأحمد السقا كممثل موهوب وليس فقط كنجم أكشن فقط، لكن عليه أن يعي أن مهما بلغت قدرته لا يستطيع منافسة الزمن والتقدم العمري صحيح أن هذا لم يظهر في هذا الفيلم لأن تنفيذه كان منذ ثلاثة أعوام لكنه كان كوضوح الشمس في مسلسل “الاختيار” وهنا يجب أن يتدخل ذكاء النجم في اختيار الأدوار القادمة التي تكون مناسبة للمرحلة العمرية والشكلية والجسدية التي وصل لها فنجوم الأكشن في هوليوود منهم من عاند الزمن واستمر في تقديم هذه الأفلام مما جعله يفقد نجوميته والأهم الصورة الذهنية السابقة لدى الجماهير وهناك من استطاع تقديم أفلام الأكشن أيضا لكن مع مراعاة فارق الزمن.