أشهر مخطوفة في أمريكا.. خدعت العالم

أشهر مخطوفة في أمريكا
أشهر مخطوفة في أمريكا

تقدمها: دينا جلال

لا تخلو ولاية أمريكية من واقعة اختفاء غامضة بين الحين والآخر، تحمل تفاصيلها أحداثًا مثيرة تبدأ بالبحث المكثف عن ضحية الاختفاء عبر انتشار فرق البحث وتوزيع النشرات وإعلانات الطرق، وبمرور الوقت يزداد الامر حرجًا لتكثف السلطات الأمريكية عملياتها عبر رصد مكافآت لمن يدلي بمعلومات حول الضحية او خاطفيها، مرت واقعة خطف “شيري بابني” بتلك المراحل لينتهي الامر بمفاجأة صدمت الجميع نحو روايتها.
بدأت قصة الاختفاء المثيرة في ولاية كاليفورنيا ببلاغ يشير إلى اختفاء “شيري بابني” وهى زوجة وام لطفلين في أواخر الثلاثينات من عمرها، تحولت سريعًا إلى المرأة الاكثر شهرة فى امريكا بأكملها بعد نشر صورها لتدفع الجميع إلى البحث عن سيدة شقراء تتسم بالذكاء والجمال طبقًا لأوصاف زوجها واحتلت المختطفة الامريكية عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم بسبب المسيرات والاحتجاجات التي نادت بالإسراع بالعثور عليها والقبض على خاطفيها.

 

قضية فيدرالية

لم يعثر أحد على شيري بالرغم من تكثيف حملة البحث عنها ليتداول اهالى مدينتها الكثير من الشائعات ما بين قتلها ودفنها في مكان نائي أو خطفها والإتجار بها وهنا تولى مكتب التحقيقات الفيدرالي البحث فى تلك القضية الهامة دون الوصول إلى نتيجة حاسمة.

 

مر 22 يومًا لتفاجئ شيري الجميع بظهور صادم لتكتمل صورة الضحية أمام كل من يراها، آثار الكدمات والركلات والضرب العنيف تنتشر فى كافة أنحاء جسدها، توارت ملامح وجهها الجميلة وراء آثار التعنيف والتعذيب، رشاقتها تحولت إلى نحافة ملحوظة تكشف عن تجويعها أو انقطاعها عن الطعام، بدأت التحقيقات سريعًا لتوقف سيل التساؤلات والشائعات حولها إلا أن خبايا روايتها لم تنكشف بعد، التقت شيري بالمحققين الفيدراليين لتؤكد انها ضحية واقعة خطف مريرة لأكثر من ثلاثة اسابيع وصفتهم بالاكثر سوءًا وسوادًا على مدار حياتها، ازدادت روايتها حبكة ودراما حين تحدثت عن خاطفيها لتؤكد انهما امرأتين من اصل لاتيني بسبب لهجتهما المختلفة والاغاني الاسبانية التي تستمعان إليها، شنت الشرطة عملية بحث قادتها شيري بروايتها المزعومة لتنشر الشرطة مواصفات الخاطفتين المزيفتين في نشرات ورسوم موزعة في اغلب الطرق وعبر مواقع الانترنت المتنوعة.

 

المرأة الخارقة

ظل الحادث غامضًا لفترة طويلة، الشرطة لم تعثر على الخاطفتين وشيري مازالت ضحية تؤكد دائمًا انها بحاجة إلى رعاية صحية ونفسية لتخطي آثار الحادث، انهالت التبرعات من امريكا والمتعاطفين مع الحادث من كافة انحاء العالم على عائلة شيري لإعانتهم على تخطي المأساة، واشتهرت بلقب المرأة الخارقة لمنحها المزيد من الدعم عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التي تخصصت في سرد مأساة شيري وجمع التبرعات وتحويلها سريعا إلى الحسابات البنكية الخاصة بها لتعويضها عن الحادث المؤلم.

 

تحولت عمليات البحث إلى شكوك وشبهات نحو المختطفة نفسها التي تحمل لغز قصتها داخلها، واجهت الشرطة الأمريكية شيري بتهمة الكذب والتضليل رسميًا بعد خمس سنوات كاملة من حصد مشاعر التعاطف والتبرعات المالية وسط شكوك الشرطة ومحاولات الايقاع بها بعد أن تسببت فى حرج كبير للشرطة الفيدرالية التي فشلت طوال تلك الفترة فى العثور على الخاطفتين أو معرفة السبب وراء تلك العملية، نجحت شيري في تضليل الجميع بروايتها المزيفة طوال تلك الفترة إلى أن أكد محققو الشرطة الفيدرالية بأنفسهم أن أدلة الحمض النووي بحوزتهم تشير إلى رواية مخالفة تمامًا لرواية الخطف حيث تشير آثارها إلى أن شيري كانت تختبئ في منزل صديقها جيمس رييس في مدينة كوستا ميسا بولاية كاليفورنيا طوال فترة اختطافها، واكدت الشرطة أنه نفس الشخص الذي تواصلت معه هاتفيًا وتبادلا الرسائل صباح يوم اختفائها.

 

كذب وخيانة

انطوت قصة اختفاء شيري على صدمات متتالية منها خيانة زوجها وهربها في منزل صديقها والكذب والتلفيق بالاضافة إلى تضليل العدالة وبمجرد مواجهتها بالأدلة الجديدة اعترفت شيري بالحقيقة وبررت اختفاءها عند صديقها جيمس بسبب معاملة زوجها السيئة لها ورغبتها في الابتعاد عنه، واعترف جيمس بخطة شيري التي تعمدت تشويه جسدها ووجهها لإظهار العنف الذي تعرضت اليه بالإضافة إلى امتناعها عن الطعام لإنقاص وزنها وطلبت منه أن يحرقها بأداة ساخنة على جسدها لتأكيد حجم المأساة التي تعرضت إليها، وبعد ثلاثة اسابيع من اختفائها طلبت منه العودة إلى منزلها في عيد الشكر واختبأت في المقعد الخلفي لسيارته ثم تركها على جانب الطريق لتجري مسافة كبيرة نحو منزلها وكأنها ناجية من حادث اختطاف مريع.

 

كشفت الشرطة الفيدرالية تفاصيل إدانة شيري التي تنظرها المحاكم الأمريكية خلال الفترة الحالية ومن المنتظر أن تصل مدة عقوبتها إلى السجن لأكثر من 25 عاما لإدانتها بتهمتى الإدلاء ببيانات كاذبة إلى مسئولين فيدراليين لإنفاذ القانون، وكذلك الاحتيال عبر البريد لجمع التبرعات دون حق حيث جمعت ما يصل إلى 50 ألف دولار من المتعاطفين مع قصتها بالإضافة لحصولها على 30 ألف دولار سنويا من مؤسسة تعويض الضحايا في كاليفورنيا في الفترة بين 2017 و2022 إلى أن انكشف أمرها.

 

كفالة ومحاكمة

 أكدت السلطات الامريكية؛ أن قصة شيري الملفقة تكلفت أكثر من 230 ألف دولار من تبرعات وخسائر للشرطة الفيدرالية التي تكبدت وقتا ومجهودا كان يمكن توظيفه لحل الجرائم الحقيقية، والغريب فى الامر تأكيد المقربين من شيري في شهادتهم انها متخصصة فى اختلاق القصص والاكاذيب التي تجمع بها تعاطف من حولها حول قسوة زوجها وسوء معاملته لها وهو ما علقت عليه شيري في رسالة اعتذار لها اشارت فيه إلى شعورها بالخجل تجاه نفسها وتصرفاتها التي سببت اذى وألما لعائلتها وأصدقائها وكل من أسهم في مساعدتها.

 

لم تغب شيري عن الاضواء كثيرًا لتعود منذ ايام قليلة بعد توقيعها اتفاق مع السلطات الامريكية بغرض تخفيف العقوبة حيث وافقت على الاعتراف بالتهم الموجهة إليها اثناء جلسة الاستماع تمهيدًا لمحاكمتها بعد اسابيع قليلة حيث تم الإفراج عنها بكفالة قدرها 120 ألف دولار بعد احتجازها فى السجن الرئيسي في مقاطعة ساكرامنتو على ان تظل حبيسة فى منزلها.