التطوير هدية الدولة لـ«حديقة الأسـماك».. في عيد ميلادها

حديقـــة الأســــماك
حديقـــة الأســــماك

كتبت: إيثار حمدى

على ضفاف نيل القاهرة، وفى حــــى الزمــــالك الســـاحــــر تقع حديقـــة الأســــماك بجمـــالها النادر فى شارع الجبلاية لتحقق انتصارها الخــــاص عــبر الزمـــن وهى الاحتفاظ بتراثها المعمارى الفـــــريـــد وكنـــوزها الطبيعـية كواحدة من أجمل الأماكن التى يمكن زيارتها فى العاصمة.

 

فى سنة 1867 أمر الخديو إسماعيل بإنشاء حديقة الأسماك، والتى تولت إدارة حديقة الحيوان بالجيزة مسئوليتها منذ عام 1902 لتقوم بإصلاح نحو 24 حوضاً تحتوى على أنواع من الأسماك النيلية قبل أن يتم افتتاحها للجمهور فى العام نفسه، أما فى 1965 فقد أغلقت الحديقة التراثية لفترة طويلة لإصلاحها وتجديدها، فيما أشرف على عملية التطوير جهات علمية وهندسية تابعة لوزارة الزراعة، ليتم افتتاحها مرة أخرى عام 1983.

وتصدرت حديقة الأسماك اهتمام الجميع فى الأيام الماضية بعد تداول أخبار حول شطبها من قائمة الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، إضافة إلى اقتطاع مساحة منها بهدف إقامة جراج للسيارات.

"آخرساعة" ذهبت إلى حديقة الأسماك والتقت الدكتور محمد رجائى رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان والأسماك، والمهندس محمد عبدالحميد مدير حديقة الأسماك، واستمعت إلى المتحدث الرسمى لوزارة الزراعة لتقف على حقيقة الوضع فى الوقت الذى تستعرض ما صدر عن وزارة السياحة والآثار وآراء الخبراء فى هذا الشأن.

لا يكترث الدكتور رجائى بما يشاع حول هدم الحديقة أو غيره، ويعتمد فقط على التصريحات المأخوذة عن وزارة الزراعة والموقف الرسمى لها بوصفها الجهة المالكة لحديقة الأسماك، لافتاً إلى أن الوزارة جادة فى التطوير، وقامت لجنة من مركز البحوث والبناء التابع لوزارة الإسكان من أجل تحديد مشكلات (الجبلاية) ليقوموا فى أقرب وقت بعمل التطوير والتجديد والترميم اللازم لها.

يصمت رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان والأسماك قبل أن يقول: إن حديقة الأسماك تعانى مشكلات قديمة، نتيجة لتشييدها منذ 130 عاماً، مؤكداً أن صرف المياه بدأ يتسرب لجسم الجبلاية نفسه مما أدى لحدوث شروخ، وهناك تقييم كامل تم عن طريق معهد البحوث والبناء وسيتم طرح الخطة على شركات وننتظر أن يتم تحديد الجهة المنفذة وتوقيت التنفيذ. وبالمناسبة لم يحدث أى هدم فى مبنى الحديقة الأثرية، ووزارة الآثار هى التى أثارت قصة الهدم قبل أن تنفى المعلومات الخاطئة، ويؤكد: "المكان هنا تابع لوزارة الزراعة، والوزير زار الحديقة ليقف بنفسه على ما يحدث، وقال: "نحن مستمرون فى تطوير الحديقة".

وحول استقطاع جزء من الحديقة وتحويله إلى جراج، قال: إن المعلومات حول كيفية التطوير وبنوده خاصة برؤية الشركات التى تقوم بالتطوير، والمؤكد أننا لن نستقطع جزءاً من مكان تاريخى وتحويله إلى جراج، ولكن يمكن استغلال المساحات الشاسعة المتواجدة فى الحديقة والتى تزيد على 9 أفدنة.

يواصل: نحاول تنشيط الحديقة بإقامة فعاليات ومعارض لبيع منتجات كثيرة، ما يجذب أعداداً هائلة من الجمهور، إضافة لفتح المكان لتصوير العرائس، ونتمنى التعاون مع المطاعم الشهيرة لإقامة فروعها فى المكان لجذب مزيد من الرواد، وأضاف: بناء على توجيهات وزير الزراعة تشاركنا فى أعمال التطوير هيئة تنمية الثروة السمكية التى تبدأ فى مد الحديقة بالأسماك وتشغيل المفرخ على مستوى عال، ويبدون رأيهم فى تطوير الأعمال فيما يخص الأحواض، حيث ستعمل كل هيئات وزارة الزراعة على تطوير الحديقة وبالفعل أعطيت التوجيهات لكل هذه الهيئات سواء تشجير أو مركز البحوث الزراعية الذى بدوره سيعمل على زيادة المساحات الخضراء فى المكان أو هيئة تنمية الثروة السمكية، علاوة على أننا تعاقدنا بالفعل  وخرج أمر إسناد لمركز بحوث البناء والإسكان بشأن الجبلاية.

وعن الاحتفال بمرور 119 عاماً على افتتاح الحديقة يقول الدكتور رجائى: إن أهم فعالية يمكننا القيام بها الآن وإهداؤها للحديقة فى عيد ميلادها هى التطوير الذى سيحدث لها الفترة المقبلة، وبالمناسبة لم تطرح فكرة زيادة سعر التذكرة حتى الآن، ومن المحتمل أن يحدث هذا، خاصة أن سعر التذكرة 5 جنيهات فقط.

المالك الوحيد 

المهندس محمد عبدالحميد، مدير حديقة الأسماك، يقول: إن التطوير الذى سيحدث سيكون من خلال وزارة الزراعة فقط، ولا يوجد أى جهة أخرى مسئولة عنها، فالمشكلة حدثت عندما تدخلت وزارة الآثار فى الأمر وهى ليست الجهة المالكة للمكان ولكن مهمتها الإشراف على الأثر الموجود فى المكان، نافياً وجود نزاع بين الوزارتين: "لكل وزارة مهامها، الآثار تتابع عمليات التطوير للتأكد من عدم حدوث أى ضرر بالأثر الموجود فى المكان، وسيتم عمل دراسة جدوى لما تحتاجه الحديقة وسيعرض الأمر على وزارة الزراعة وستقوم شركات عديدة بتقديم عروضها وسيقع الاختيار على أفضل عرض."

تطوير متكامل 

أما الدكتور محمد القرش، المتحدث الرسمى لوزارة الزراعة، فيقول: إن عملية تطوير الحديقة ستكون متكاملة، ولن تشمل حدوث هدم للمنشآت. وأضاف: سبق وقمنا بعملية تطوير لحدائق الحيوان وغيرها، وكل ما سننفذه فى حديقة الأسماك أننا سنتيح أماكن جيدة للجلوس وتطوير دورات المياه وإدخال أنواع نادرة من الأسماك، وتشغيل الأحواض بحيث تصبح على مستوى راق ومتنفساً طبيعياً لمنطقة الزمالك.

وبشأن شطب حديقة الأسماك من عداد الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، فقد أكد المجلس الأعلى للآثار أنه لم ولن يقوم بشطب أى أثر من عداد الآثار المصرية القديمة أو الإسلامية أو القبطية أو اليهودية.

فكرة مرعبة 

على الجانب الآخر، تقف الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة بجامعة القاهرة، عضو مجلس إدارة الجهاز القومى للتنسيق الحضارى، حيث تعتقد أن فكرة التطوير كانت تسير فى اتجاه بعيد عن تقدير القيمة التراثية لحديقة الأسماك عندما تم طرح الفكرة من قبل وزارة الآثار، وتضيف: ليس منطقياً أن يخرج تصريح من وزارة الآثار بأنهم أخطأوا فى الماضى وسيقومون بتصحيح الخطأ ويشطبون الحديقة، ولكن العكس هو المفترض أن يحدث وهذا أول شيء أفقد الثقة فى القرارات التى يتم اتخاذها.

 

وتطرح د. سهير روشتة تنصح القائمين على تطوير حديقة الأسماك باتباعها قائلة: عليهم توثيق النباتات والمنشآت الموجودة فى الحديقة، وطباعة كتيب جديد عن كل ما يخصها، ومراعاة استرجاع بعض الخامات مرة أخرى حتى لا يتغير الشكل العام للمكان، وتحديدا المسطحات أو الأماكن التى سيسمح بإقامة مطاعم عليها، وهل ستكون هذه المطاعم منشآت مبنية أم خفيفة، إضافة لتحديد مكان لدخول المواد لهذه المطاعم وتحديد المقاعد الخاصة بهذه المطاعم والكافتيريات، وهل ستكون خارجية أم قاعات مغلقة؟ فالغرض من التطوير بعد الحفاظ على المكان التراثى هو جلب الأرباح.

 

تواصل: بالطبع يجب النظر لدورات المياه والمياه النظيفة وتطويرها، ومن الممكن استحداث مكان للعب الأطفال، ولكن علينا أن ندرس طبيعة المكان الذى سيتم وضع لعب الأطفال عليه ومعرفة هل هذه الألعاب مجرد "مراجيح" بسيطة أم أنها مثل الساقية التى ستصبح أعلى من المبانى المحيطة بها، وإذا تم رصد المقاعد وفوانيس الإضاءة ومعرفة حالتها فمن أجل الحفاظ على شكلها التراثى القديم وتجديده فى نفس الوقت، ويمكن تطوير الكابلات واللمبات وتنظيفها وإعادة تركيبها، موضحة أن منظمة اليونسكو وضعت معايير للحفاظ على الحدائق التراثية، وهناك مواثيق دولية خاصة بحماية الحدائق التراثية.