احم احم !

رحلتى من ليفربول لريال مدريد !

هشام مبارك
هشام مبارك

كنت محظوظا جدا أن تكون أول مباراة كرة قدم أقرر مشاهدتها كاملة بعد طول انقطاع عن متابعة مباريات كرة القدم هى مباراة ريال مدريد  الإسبانى ومانشستر سيتى الإنجليزى فى دورى أبطال أوروبا.

ولعلك تعرف عزيزى القاريء أننى كنت قد أقلعت عن مشاهدة مباريات كرة القدم منذ أن أقلعت عن تشجيع الزمالك الذى كنت متعصبا منذ طفولتى فى تشجيعه واتجهت فى لحظة غضب طال انتظارها من مقالب فريق الزمالك لتشجيع الكرة الحلوة بدون تعصب محاولا الاستفادة من أخطاء الماضي. معترفا بأننى لم أتعلم من دروس الماضى فى حياتى إلا النذر اليسير.

من هذه الأشياء التى تفوقت فيها على نفسى هى مقاطعة كرة القدم معتبرا أن ما يحدث فيها فى مصر ليس له علاقة بالرياضة من قريب أو من بعيد.لذا اكتفيت منها محليا بمتابعة على خفيف متجها عالميا وبكل جوارحى صوب تشجيع ليفربول على «تقيل»، لا يعود ذلك لأنى سليل الأسرة المالكة فى إنجلترا ولا لأن مايجرى فى عروقى هو دم لورد إنجليزى مثلا لا سمح الله ولكن لأن ما يجرى فى عروق ليفربول من دم يعود فى جزء كبير منه لنجمنا محمد صلاح.


لكن حدث أن ساقتنى الأقدار الأسبوع الماضى لمشاهدة تلك المباراة العجيبة بين ريال مدريد ومانشستر سيتى الذى كان قد فاز فى لقاء الذهاب بنتيجة 4-3 وقبيل نهاية مباراة الإياب بحوالى ربع ساعة أحرز نجمنا الجزائرى الكبير رياض محرز هدفا لمانشستر ، ظن الجميع معه أن نتيجة اللقاءين قد تم حسمها حيث أصبحت النتيجة الإجمالية ٥-٣ وتأهب الجميع لتهنئة مانشستر ببلوغ النهائي.هنا يأتى أول الدروس التى خرجت بها من المباراة وهى ألا تفقد الأمل فى هدفك مهما بدا مستحيلا،بشرط أن تبذل فى طريق تحقيقه كل نقطة عرق حتى النهاية.

هذا هو اليقين الذى تحلى به لاعبو ريال مدريد، العائدون من الهزيمة للنصر بقيادة نجمه جزائرى الأصل كريم بنزيما وفى حوالى أربع وثمانين ثانية يتعادل ريال مدريد ثم يتقدم بهدف ويعادل نتيجة المباراتين ٥-٥ ثم بضربة جزاء فى الوقت الإضافى يتقدم بنزيما بفرقته ليصل الملكى للمباراة النهائية.


هذه المباراة تخطت بالنسبة لى كونها مجرد مباراة، بل ستظل دروسها فى العزيمة والإصرار نبراسا لى ما بقى لى من العمر حتى وإن لم يبق منه إلا القليل. مباراة جعلتنى  نادما على كل وقت شعرت فيه باليأس أو الإحباط أو فقدت فيه لحظة إيمانى بالقدرة على النهوض من جديد، فقد تعلمت من ريال مدريد أنك من الممكن أن تنهض من كبوتك لو أردت، وأنك لن تهزم أبدا إلا لو استسلمت،وأن كائنا من كان لن يستطيع أن يقهرك إلا لو أفقدك ثقتك فى نفسك.ولعل الدرس الأهم هو ما تعلمته من مدرب فريق مانشستر من روح رياضية عندما كان أول المهنئين لمدرب ريال مدريد بينما سيناريو المباراة كان كفيلا بأن يسبب له إحباطا يجعله ينهى علاقته بكرة القدم فإذا به يقول إنه اجتهد وربما أخطأ وأصابه الغرور عندما ظن أنه فاز فسحب أفضل لاعبيه من المباراة،وهنا درس جديد: لا تغتر معتقدا أنك قد انتصرت قبل نهاية المعركة وابقى متيقظا حتى النهاية.


بقى أن أقول أن هذه المباراة ستجعلنى من الآن فصاعدا على رأس ألتراس الملكى وربما لو كنت أجيد الإسبانية لقمت بتأليف بعض الأناشيد التى تصلح ليرددها جمهور «التالتة» شمال من محبى الملكي.سأشجع الملكى طمعا فى مزيد من الدروس.هكذا يفعل الإنسان العاقل غير أنى سأستأذن من ذلك العقل ليسمح لى بتشجيع ليفربول فى مواجهته مع ريال مدريد فى نهائى البطولة يوم ٢٨ مايو فى باريس.فريال مدريد وإن كان قد نجح فى أن يحتل عقلى بالفعل لكن عندما يتصارع عقلى مع قلبى فلن أستطيع مقاومة قلبى الكروى الذى يتربع فيه فخر العرب محمد صلاح فالقلب له أحكام!