الإخوان.. تجار القضية| مكاسب من المتاجرة بفلسطين.. و«الاختيار» فضح علاقتهم بإسرائيل

استغلوا المكانة الدينية للقدس لتصوير قيادتهم كحراس للإسلام
استغلوا المكانة الدينية للقدس لتصوير قيادتهم كحراس للإسلام

استغلوا المكانة الدينية للقدس لتصوير قيادتهم كحراس للإسلام
أعلنوا أنهم «على القدس رايحين»  ثم حاربوا  العرب ودمروا الأوطـان

ما بين تجارة الدين ورفع الشعارات، سرقة التاريخ وجمع الأموال، هكذا اعتادت جماعة الإخوان الإرهابية على ممارسة أعمالها فى شتى البقاع التى ترتكز فيها أو حاولت السيطرة على مقاليد حكمها، ادعاءات كاذبة وواهمة بتبنيها قضايا العروبة والوطنية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية التى حاولت جاهدة ارتداء قناع الدفاع عنها بألوية الجهاد الممزقة، والدعوة للتظاهرات المنددة لاحتلالها، ليعود تاريخ المتاجرة الإخوانية بالقضية الفلسطينية، المُتوارية خلف الشعارات الدينية، إلى أدبيات الجماعة الفكرية ، التى صنعها حسن البنا مؤسس تنظيم الإخوان وسيد قطب لشرعنة تأسيس جماعات الإرهاب، فى حين لم يقدموا أى شىء على أرض الواقع، بل بذلوا قصارى جهدهم لاستغلال القضية وجنى الثمار، وجاء تسريب أخير لخيرت الشاطر، القيادى بالجماعة، يوثق رفضه تعريض مصلحة إسرائيل للخطر..

وهذا ما تناقشه «الأخبار» فى السطور التالية:
 

«على القدس رايحين شهداء بالملايين» شعار رفعته جماعة الإخوان منذ سنوات عديدة من أجل جمع التبرعات المالية والتى زعموا أنها من أجل دعم القضية الفلسطينية بل وتشويه ما تفعله الدولة المصرية من أجل تقديم المساعدة والدعم على كافة أشكالها، إلا أنه مع الوقت ظهرت اعترافات من قلب جماعة الإخوان الإرهابية تؤكد متاجرتهم بالقضية، لتحقيق أهداف خاصة بهم، هذه الاعترافات لقيادات تاريخية بالتنظيم ومنهم من عاصر حسن البنا مؤسس الجماعة .


فى كتاب «الإخوان المسلمون: أحداث صنعت التاريخ» يقول محمود عبد الحليم، عضو الهيئة التأسيسية للتنظيم وأول مؤرخ لتاريخ الجماعة: «النقود التى كنا نجمعها لفلسطين من المساجد والمقاهى والبارات لم يكن القصد من جمعها إعانة إخواننا المجاهدين الفلسطينيين بها، فهم كانوا من هذه الناحية فى غير حاجة إليها، لأن أغنياء أهل فلسطين من التجار كانوا من وراء هؤلاء المجاهدين»، وفى اعتراف ثان يقول على عشماوى، أحد قادة التنظيم، فى كتابه «التاريخ السرى للإخوان المسلمين» المنشور عام 2006: «إن الإخوان كلما تسنح لهم فرصة المتاجرة بقضية الأقصى، يطالبون بفتح باب التطوع لإنقاذ الأقصى، ومعناه فتح باب التبرع لجمع المال من جديد، ثم شراء السلاح وتخزينه لحسابهم، وتتكدس خزانتهم بالأموال من تبرعات المسلمين من كل الدول الإسلامية، ليتكرر ما حدث فى 1948»..

وأوضح أيضًا فى كتابه أن الإخوان لم يدخلوا سوى معارك قليلة ثم صدرت أوامر من الشيخ محمد فرغلى بعدم الدخول فى المعارك، بحجة أن هناك مؤامرة لتصفية المجاهدين، مؤكدًا أن تبرعات فلسطين طوال فترة حسن البنا لم يعرف أى شخص مصيرها.


المشروع الجهادى


يعلق عمرو فاروق، الباحث فى شئون الإسلام السياسي، بأن جماعة الإخوان على مدار تاريخها تاجرت وحققت مكاسب خيالية من وراء القضية الفلسطينية، وسعت الجماعة الإرهابية تحت شعارات تحرير القدس، إلى إحراج الأنظمة العربية الحاكمة سياسياً وشعبياً، وترويج فكرة الفئة الممتنعة المتخاذلة عن حماية المقدسات الإسلامية، والدعوة إلى ضرورة تكوين جيش مسلح، يتولى مهمة الدفاع عن الهوية الإسلامية، مدعية أن ذلك فى سبيل نصرة القضية الفلسطينية.


ويضيف الباحث فى شئون الإسلام السياسي، أنه بعد وصول الجماعة إلى الحكم فى عدد من الدول العربية لم يتفوهوا بكلمة إساءة واحدة تجاه إسرائيل، لا على المستوى الشعبى ولا السياسى، بل كانت الرسائل الرسمية للخطابات المتبادلة بينهما «عزيزى وصديقى شيمون بيريز»، كذا دعوات القيادى الإخوانى عصام العريان بعودة اليهود إلى مصر وأحقيتهم فى الحصول على ممتلكاتهم المصادرة.


ويتابع أن الإخوان استغلوا محاولات تهويد القدس للوصول إلى مساحة تفاهم تجمعهم بمختلف القوى السياسية اليسارية والقومية والليبرالية، بما يمكنها من الظهور فى المناسبات الرسمية والشعبية، وتغليب مقاصدهم الخاصة تحت غطاء التنديد بالاحتلال الصهيونى لفلسطين، كما استغلوا المكانة الدينية الكبيرة للقدس لتصدير قيادتهم كحراس للدين الإسلامى ووضع بصمتها الفكرية فى تحريك الشارع، واستقطاب قطاعات مجتمعية متنوعة سلوكياً ونفسياً تجاه كيانها التنظيمى استكمالاً للمشروع الجهادى تحت مظلة سيد قطب والبنا.


ويشير إلى أن الجماعة تنتهج مبدأ «المهاجمة فى العلن والتطبيع فى الخفاء» بتعاملاتها مع الكيان الصهيونى، فقد كانوا يعقدون اللقاءات السرية مع السفير الإسرائيلى فى القاهرة خلال فترة نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وقد وصل الأمر إلى مطالبة شلومو بن عامى، وزير الخارجية الإسرائيلى الأسبق، فى 2017، الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب بعدم وضع جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب، مؤكداً فى مقال نشره بمجلة «بروجيكت ساينديكيت»، أن وصول تيارات الإسلام السياسى إلى السلطة فى المنطقة العربية مفيد لاستقرار إسرائيل.


ويستشهد فاروق بتصريحات الرئيس الفلسطينى محمود عباس عام 2013، عندما قال إن محمد مرسى كان ينوى توطين الفلسطينيين فى سيناء، بما يكشف عملية المتاجرة الإخوانية بهموم الشعب الفلسطينى، بمحاولة تمرير سيناريو الجنرال جيورا إيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومى الإسرائيلى، المطروح عام 2009، بضم 720 كيلومترا من سيناء الى قطاع غزة، لبناء دولة فلسطينية متكاملة، وهو ما يؤكد سير الإخوان وفقاً لمخططاتها مع إسرائيل.


ويقول إن من أهم النقاط التى تمثل متاجرة الإخوان بالقضية الفلسطينية، جمع الأموال بهدف تحقيق أهدافها الخاصة، من خلال السيطرة على حصيلة الزكاة والتبرعات والصدقات داخل المجتمعات العربية والأوروبية، فتوسعت فى تأسيس المنظمات المدنية والإغاثية التى رفعت شعار الدفاع عن القضية الفلسطينية ، وروجت لحملات جمع الأموال، إلى جانب فتح خطوط الاتصال مع دوائر صنع القرار السياسى تحت مزاعم التنديد بالاحتلال الصهيوني، لكنها فى الحقيقة كانت بهدف التحرك من دون مضايقات أو ملاحقات أمنية أو مالية.


استقطاب الشباب


الغاية تبرر الوسيلة والضرورات تبيح المحظورات، هذه هى مبادئ وعقيدة الجماعات الإرهابية التى يسيرون عليها، ويحاولون بشتى الطرق تحقيق مكاسب شخصية وأرباح للجماعة حتى ولو كان على حساب مصلحة الوطن وسلامة شعبه وأراضيه، بل يزعمون أنهم يسيرون لتحقيق حلم الخلافة الإسلامية ويقنعون الشباب بتلك الشعارات من أجل استقطاب المزيد منهم.


تقول د. نهى بكر، أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن الجماعة الإرهابية حتى تستطيع إقناع الشباب بأفكارها الواهية وبيع الوهم لهم بخصوص القضية الفلسطينية وحلم التحرير والجهاد وحور العين وتفجير أنفسهم، يبدأون باستقطابهم بداية بأفكار تلهب مشاعرهم وتثير مشاعر الغضب لديهم تجاه قضايا بعينها والبدء بأفكار فى ظاهرها جيدة ثم التدرج معهم حتى قيامهم بأعمال إرهابية متطرفة باسم الدين، وفى هذه المرحلة يكون أفراد الجماعة أقرب إليهم من أسرتهم وأصدقائهم وكل من هو لا ينتمى لها.


وأضافت أستاذة العلوم السياسية، أنهم رفعوا شعار تحرير فلسطين والاستشهاد من أجل الدفاع عن قضيتها لكن اتضح بعدما تقلدوا السلطة فى بعض الدول العربية مثل تونس ومصر سابقًا أنهم سعوا إلى الهيمنة والسيطرة على الحكم وإقصاء كل من لا ينتمى إليهم ولم يدافعوا عن أى قضايا تحرير وغيره بل وتجاهلوا فكرة لم الشمل وحاولوا التفريق بين المصريين وإشعال الفتن التى ينتج عنها تمزيق الوطن، لذا فهى شعارات يرفعونها لجذب الشباب.


مصالح مشتركة


أما د. سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية، فيقول إنه فى 2012 بتونس كان هناك اقتراح بتجريم التطبيع وكان الطرف المعترض على هذا المقترح هو حزب النهضة الإخواني، لأنه يدعم مصالح إسرائيل ويدافع عنها كما يعمل بعض أعضائها كعملاء وجواسيس لصالح جهات خارجية، يتقاضون المال ويحصلون على الإقامة بالخارج لذلك امتنعت بعض الدول عن تصنيفها كجماعة إرهابية بسبب وجود مصالح مشتركة ومتبادلة.


وأضاف أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن هناك تنظيمات إرهابية ترى أن هناك عدوًا قريبًا يبدأ الجهاد منه كنقطة انطلاق للعدو البعيد وهناك تنظيمات أخرى تتبنى العكس وتبدأ من العدو البعيد، ولكن كل هذه المناهج ما هى إلا طرق مختلفة لاستغلال الشباب وعمل غسيل مخ لتفجير أنفسهم باعتبار أن هذا هو الطريق للجنة - على حد زعمهم - ولكن فى الحقيقة ما هم سوى كباش فداء.


وأوضح صادق، أنه على حسب المصالح تتغير اللهجة وتقال الخطابات الصادرة عن الجماعة، ويعتمدون أيضًا على الخطب النارية التى تستحث مشاعر الغضب وتثير الرغبة فى التدمير والترهيب باعتبار أن هذا هو الجهاد ويشترى هذا الوهم أصحاب الثقافة والفكر المحدود، لذلك تجد خطاباتهم باللغة العربية تختلف كل الاختلاف عن البيانات الموجهة للخارج باللغة الإنجليزية لأنهم يعلمون جيدًا كيف يتفوهون بالكلمات التى ترعى مصالحهم.


شعارات مزيفة


يقول منير أديب، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية والإرهاب الدولى، إن جماعة الإخوان الإرهابية تتاجر بالقضية الفلسطينية لتحقيق مصالح وامتيازات، ويرفعون دائماً شعارات مزيفة ليس لها علاقة بالدين الإسلامى ونصرة الشعب الفلسطينى، وإنما هى محاولة للحصول على التعاطف والشعبية الزائفة.


ويضيف أديب فى تصريحاته لـ«الأخبار»، أن الجماعة تدعى أن فلسطين قضية الأمة الإسلامية، ولكن عند البحث عن أفعالهم الحقيقية يتضح أكاذيبهم، حيث تربطهم علاقات ومصالح مع إسرائيل حتى وصل الأمر لمشاركتهم فى الحكومة الإسرائيلية من خلال «عرب ٤٨»، كما تقيم الجماعة علاقات سرية مع الكيان الصهيونى سواء عن طريق قيادتهم فى مصر أو تابعيهم فى فلسطين.


ويتابع أن الإخوانى الراحل محمد مرسى كان يتحدث دائماً قبل الوصول إلى الحكم عن أهمية القضية الفلسطينية وضرورة دعمها، ولكن عندما أصبحت الجماعة فى الحكم، فضحه أحد خطاباته عندما وصف الرئيس الإسرائيلى آنذاك شيمون بيريز بـ»صديقى العزيز»، وهو الوصف الذى كشف ألاعيب الإخوان وادعاءاتهم الكاذبة عن نصرة القضية الفلسطينية، فضلاً عن الشعارات التى كان يطلقها القيادى الإخوانى صفوت حجازى عن دعم فلسطين، وفى النهاية اتضح كذبهم من خلال التقارير والتسريبات الأخيرة التى تؤكد وجود مصالح وتحالف بين الإخوان وإسرائيل.


ويختتم بأن الجماعة الإرهابية أثبتت متاجرتها بقضية فلسطين، وأنها كانت تسعى فقط إلى دغدغة مشاعر العرب والمسلمين وكسب المزيد من الشعبية، نظراً لأهمية القضية الفلسطينية، حتى انكشفت الأكاذيب والمخططات الدنيئة للإخوان.

اقرأ أيضاً | ملخص أحداث وتفاصيل الحلقات الأخيرة من مسلسلات رمضان| فيديو

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي

 
 

 
 
 

ترشيحاتنا