سبيل الأمير آقوش يزين شارع المعز لدين الله الفاطمى بالجمالية

 سبيل الأمير آقوش
سبيل الأمير آقوش

تزخر القاهرة الفاطمية بالعديد من الآثار الإسلامية والمساجد والقصور والأسبلة ومن بينها ما يقع بشارع المعز لدين الله الفاطمى بالجمالية.. ومن بين هذه الأسبلة سبيل الأمير آقوش وهو سبيل أثري يحمل رقم 561 بسجلات الآثار. ويقع في شارع المعز لدين الله الفاطمي، بالجمالية، في محافظة القاهرة. وقد قام بإنشائه كما يقول الباحث الأثرى د. حسين دقيل الأمير (جمال الدين آقوش بن عبد الله الأشرفي) منذ أكثر من سبعة قرون وبالتحديد عام 726هـ/1325م.  

كان آقوش، واحد من مماليك (السلطان المنصور قلاوون) ثم انتقل إلى ابنه (السلطان الأشرف خليل بن قلاوون)، فولاه أيضا (نيابة الكَرَك بالأردن) لمدة 20 عاما خلال الفترة ما بين (690-709هـ)، وخلالها عرف بـ (آقوش نائب الكرك). بل واستمر يُطلق عليه فيما بعد (أمير الكرك) بسبب طول فترة ولايته لها. 

وفي عام 711 من الهجرة ولاه (السلطان الناصر محمد) نيابة دمشق، فأقام بها أقل من عام، إذ تم عزله عنها في ربيع الآخر 712هـ؛ وعند عودته الى مصر، قام السلطان الناصر محمد باعتقاله حتى عام 715 هـ حين أُفرج عنه. 

وبالرغم من ذلك؛ كان الأمير جمال الدين آقوش دائم المعارضة للسلطان الناصر محمد بن قلاوون في أغراضه، فأراد السلطان الناصر محمد أن يستريح منه ويبعده عن مجلسه؛ فولاه نيابة السلطنة بطرابلس بالشام في عام 734هـ. غير أنه عُزل مرة أخرى بعد عام واحد، واعتقل ومات بسجنه في الإسكندرية.

اقرأ أيضا:- متحف مطار القاهرة.. تعرف على أصل العيدية في مصر منذ العهد الفاطمي

 يقول المقريزي في ذلك: "وفي نصف جمادى الآخرة عام 735هـ قُبض على الأمير جمال الدين آقوش الأشرفي المعروف بنائب الكرك وهو يومئذ نائب طرابلس وسجن بقلعة صرخد ثم نقل في مستهل شوال إلى الإسكندرية فسجن بها إلى أن توفي سنة 736هـ). وسبب موته، كما يروي (الصفدي) في كتابه (أعيان العصر وأعوان النصر) أنه كان برأسه سلعة (أي زيادة تحدث في البدن) فقطعها فمات منها بعد قليل. 

قام الأمير جمال الدين آقوش بالكثير من الأعمال الخيرية، ويصف (ابن تغرى بردي) في (المنهل الصافي) الأمير جمال الدين آقوش، يقوله: "كان أميرا عارفا عاقلا ذا رأي وتدبير وعظمة، وكان مع هذا قاسي القلب يعاقب على الذنب الصغير بالعقاب الكبير حتى كان يضرب الألف عصا وأكثر حتى مات من ضربه جماعة".!!

ويشير د. حسين دقيل إلى أن المقريزي ذكر أن الأمير آقوش اهتم بالبيمارستان المنصوري أيضا (أي المستشفى المنصوري)، فيقول: "... فباشره بمهابة عظيمة وكان يدخل بعض الأوقات الى المجانين ويدخلهم الحمام ويكسوهم قماشا جديدا، وأحضر لهم جماعة من الجواليقية – جمع جوقة وهي الفرقة الموسيقية – فغنوا لهم ورقص المجانين، وكان يبر المباشرين الذين به بالذهب من عنده ..."

وكان هناك سوق شهير يعرف بسوق القفيصات – جمع قفص- معد لجلوس أناس تجاه شبابيك القبة المنصورية، يبيعون أساور النسوان وخلاخيلهن على أقفاص، فقام آقوش بعمل خيمة فوق مقاعد الأقفاص لتستر الباعة من حر الشمس وعمل لها حبالا تمد بها عند الحر وتجمع إذا امتد الظل وجعلها مرتفعة في الجو حتى ينحرف الهواء.

أما هذا السبيل؛ فلم يكن سبيلا منذ البداية؛ وإنما كان حوضا لسقاية الدواب، ويؤكد المقريزي في الخطط على نسبة هذا السبيل الى الأمير آقوش بالنص التالي: "ونَقل أيضا - أي آقوش - حوض ماء كان برسم شرب البهائم من جانب البيمارستان وأبطله لتأذى الناس بنتن رائحة ما تجمع قدامه من الأوساخ وأنشأ سبيل ماء يشرب منه الناس عوضا عن الحوض المذكور".

وسبيل آقوش، يُعرف أثريا باسم: (سبيل الناصر محمد بن قلاوون)، ويعد من أقدم الأسبلة الباقية في مدينة القاهرة، والسبيل عبارة عن فراغ مستطيل بعرض 2.6 متر وطول 5.2 متر، في ركن جامع قلاوون، وينخفض عن مستوى أرضية الشارع بحوالي 110 سم. والسقف الخشبي محمول على أعمدة من الرخام تحمل ظلة مائلة (رفرف)، في وسط السقف شخشيخة من الآجر المكسو بالقشاني الفيروزي، وهي تضم صفين من الزخارف المذهبة تتخللها أربعة شبابيك، حيث تم العثور على الزخارف ولم يبق من الشباك الشمالي سوى أجزاء قليلة، وكان سقفه يعاني انحناءات وميلا في الاتجاه الشمالي الشرقي. إلى أن تم ترميمه عام 1998م.