قضايا الميراث تشتعل في محاكم بريطانيا

مليون جنيه استرليني تعويض للابن بعد تشويه سمعته وحرمانه من الميراث

تقرير فاينانشيال تايمز لقضايا الميراث
تقرير فاينانشيال تايمز لقضايا الميراث

‭ ‬دينا‭ ‬جلال

قضية مثيرة للجدل شهدت المحاكم البريطانية أحداثها ضمن عدد من قضايا الميراث التي تعكس اشتعال الصراعات العائلية بسبب وصايا ورغبات كبار العائلات ممن يمنعون تمرير ثرواتهم لأبنائهم بالتساوي طبقا للقوانين الانجليزية ويخرجون عن السياق لتزدحم مكاتب المحاماة وقاعات المحاكم بقضايا الميراث وإبطال الوصايا العائلية.

 

في تلك القضية لم يرضخ الابن لوصية والده واعتبرها نوعًا من القهر والظلم بعد أن قرر الاب الثري نزع ابنه من كافة املاكه وطالب فى وصيته بضمان عدم تمتعه بأى من اموال عائلته، لم يستسلم الابن «ديفيد ويتل» وخاصة أنه يعلم أن شقيقته الوحيدة «سونيا ويتل» وراء تلك الوصية شديدة القسوة، وتأكد الابن أن أى طريق للنقاش أو الجدال مع شقيقته سيؤدي به إلى طرق مسدودة، فقرر اللجوء إلى القضاء.

 

نظرت محكمة بريستول العليا فى بريطانيا واحدة من قضايا الوصايا والميراث التي أدرجتها تحت مسمى «قضايا تشويه السمعة والاحتيال العائلي» وهو نوع من جرائم الاحتيال في الوصايا العائلية يتعرض افراد بعينهم للتشويه والظلم بغرض استبعادهم من الميراث، وظلت قضية ديفيد معلقة بين أروقة المحاكم لأكثر من خمس سنوات إلى أن ألقت المحكمة حكمها الذي وصفه الاعلام البريطاني بالحكم التاريخي حين أنهى القضية لصالح الابن واتهم الابنة بتشويه سمعة شقيقها والافتراء عليه وأمرت المحكمة بمنح الابن المدعي تعويضًا مبدئيا يصل إلى مليون جنيه استرليني من نصيب شقيقته فى ممتلكات والدهما الراحل كما امرت المحكمة بإعادة تقسيم الميراث ومنح الابن ميراثه واعتبار وصية الأب باطلة.

 

كشفت وثيقة المحكمة بداية الأزمة العائلية بصراع الشقيقين ديفيد وسونيا داخل اسرة صغيرة يترأسها الاب جيرالد ويتل وهو رجل اعمال ثري، توفى وعمره 92 سنة، وتحكمت ابنته فى مسار حياته فى أشهر حياته الاخيرة، قررت الاستحواذ على ثروته كاملة عبر خطة احاطت فيها والدها بسلسلة من الاكاذيب ونجحت في إقناعه بأن ابنه الوحيد تحول إلى شخص مختل عقليا ومجرم مثير للأزمات ليسيئ إلى اسم وسمعة العائلة.

 

نجحت خطة الابنة بالفعل وتوفى الاب عن عمر يناهز 92 عاما في ديسمبر 2016 وأخفت سونيا ميراث والدها الحقيقي عن شقيقها وكذلك ثروته من التحف والثروات إلى أن خرجت وصيته إلى النور ليوصي بحرمان ديفيد الكامل من كافة املاكه، وكشفت المحكمة عبر التحقيقات تفاصيل إعداد وصية رجل الاعمال جيرالد ويتل الذي استعان بمستشاره القانوني قبل وفاته ودعاه الى منزله لكتابة وصيته، وسارعت سونيا بلقاء الضيف المهم ليتمحور حديثها حول شقيقها واقنعته أن ديفيد وزوجته جولي محتالين ومختلين نفسيًا وادعت سرقة ديفيد لأموال والدتهما، وبحثه الدائم عن بيانات البنك الخاصة بوالده اثناء وجوده في المستشفى بعد معاناته مع مرض سرطان الدم، وادعت أن شقيقها وزوجته حاولا اقتحام منزل الاب لسرقته، انتهت ادعاءات سونيا ليقرر الاب بمساعدة محاميه حرمان ابنه من الميراث بشكل نهائي.

 

امام محكمة بريستول العليا اكد ديفيد أن علاقته كانت طيبة بوالده وكان يحرص على زيارته الاسبوعية إلى أن مرض لتحيطه شقيقته بأفكارها من اجل السيطرة على الوصية، وهنا ألقى القاضي حكمه ليقرر اعتبار وصية الاب باطلة لأنها مبنية على أكاذيب روجت لها الابنة التي تحولت إلى متهمة فى قضية افتراء أو تشويه سمعة شقيقها بغرض الاحتيال ليشير اليها بارتكاب فعل مشين حين اغتالت شقيقها نفسيًا دون تقديم أى ادلة على صحة حديثها.

 

188 قضية

كشفت فاينانشيال تايمز؛ أن الخلافات حول الميراث والتركات تتضاعف في بريطانيا خاصة مع اتخاذ الكثير من الأشخاص في انجلترا وويلز، إجراءات قانونية للمطالبة بحصة أكبر من التركات وبلغ عدد الوصايا المتنازع عليها في المحكمة العليا أعلى مستوى له على الإطلاق منذ عامين بحوالي 188 قضية بزيادة قدرها 47 في المائة عن العام السابق وفقًا لإحصائيات عن وزارة العدل، ويُرجع الخبراء والمحامين الاسباب فى زيادة تلك القضايا إلى الحياة الاجتماعية المعقدة بسبب العلاقات خارج إطار الزواج والخيانات الزوجية التي تدفع الطرف الثاني أو السري في المطالبة بالميراث بعد وفاة شركائهم، وكذلك تسبب التباعد بين افراد الاسرة فى تفضيل الاثرياء لأفراد من خارج الأسرة مثل الأصدقاء أو مقدمي الرعاية الصحية والنفسية أو المؤسسات الخيرية ضمن وصاياهم دون الورثة الحقيقيين، وكذلك تسبب ارتفاع أسعار العقارات فى تكالب الكثيرين على رفع القضايا لتعديل الوصايا والاستفادة من ميراثهم.