إنها مصر

السيجارة القاتلة !

كرم جبر
كرم جبر

منذ ثلاث سنوات قررت أن أتوقف فوراً عن التدخين، بعد أن شاهدت زميلاً، دمّر المرض صدره، ورغم ذلك لا يستطيع التوقف عن ملء رئتيه بدخان السجائر، التى تجعله يخرج صوتاً مثل أزيز الباب القديم الصدئ.


سلبت السجائر إرادته، وحولته إلى عبد لها، وتمارس ضده كل أنواع الإهانة، فتخنق أنفاسه ليلاً، وتجعل سعاله حالة مزمنة، لا تستجيب لأدوية أو عقاقير.


الحمد لله الذى منحنا صدوراً نتنفس بها الهواء، وليس لندمرها بالدخان.. فلماذا الجبروت والإصرار على استنشاق الموت، أو على الأقل المرض والعذاب؟


■ ■ ■


الخطوة الأولى للتوقف عن التدخين، هى اتخاذ القرار فوراً دون تفكير، ارم السجائر فى صفيحة الزبالة، «قررت أن أتوقف عن التدخين الآن، ولن أعود إليه».


الخطوة الثانية هى عدم التفكير، مثل من ينتهز شهر رمضان للتوقف عن التدخين تدريجياً، فتكون النتيجة هى التعويض بعد الإفطار، والشراسة فى التدخين عوضاً عن ساعات النهار.


الخطوة الثالثة، هى كسر العادات المرتبطة بالتدخين، فأحياناً يتصور الإنسان أنه لن يستطيع قيادة سيارته، أو تناول وجبة دسمة، أو الجلوس للعمل والكتابة، إلا إذا اشتعلت السيجارة، ولكن إذا استمر يومين أو ثلاثة صامداً، فسوف يتخلص من الارتباط بين السيجارة والعادة.


■ ■ ■


الأيام الأولى للتوقف عن التدخين هى الأصعب، ومن يرفض عزومة زميل مدخن يغريه بسيجارة، يكون قادراً على الاستمرار، بعزيمة وإصرار واضعاً نصب عينيه التحسن التدريجى فى صحته، وعودة بشرته إلى لونها الطبيعي، وتوقف السعال والكحة والبلغم.


أنا شخصياً كنت أتصور أننى أكتب بدخان السيجارة، وإذا توقف الدخان، انقطع حبر القلم، ولكن بمرور الوقت وجدته ارتباطاً تعسفياً للاستمرار فى التدمير، ولا علاقة بين هذا وذاك.


تعودت على الأماكن التى ارتبطت فى ذهنى بالسيجارة دون سيجارة، وتحول الدخان إلى ذكريات كئيبة، فلا هو ملهم ولا ضرورى ولا علاقة له بالأشياء الجميلة التى نعيشها، إنه اللص الذى تحمله أصابعنا إلى أجسادنا ليضعفها، ويلحق بها أشد الأذى.


■ ■ ■


هل أستمر مقاطعاً التدخين ولا تصيبنى انتكاسة؟


أدعو الله أن يديم عليَّ نعمته، فإذا منحنا العلى القدير بعض الصحة، لنعيش الحياة، فنحن نفترى على عطاء المولى القدير، إذا فرطنا فى هديته، وسعينا إلى تدمير أنفسنا بأنفسنا.


أدعو الله لكل مدخن أن يخلصه الله من ألد عدو يتربص به، ويقوده إلى المرض وتدهور صحته، ولا يجب أن يستمر حتى يقع البلاء، فيكون مضطراً إلى التوقف رغم أنفه، بسبب المرض لا قدر الله.