الجنايات تكتب النهايات لعصابات استغلال أطفال الشوارع

استغلال أطفال الشوارع
استغلال أطفال الشوارع

منى ربيع 

انتزعت الرحمة من قلوبهم، فأصبح كل همهم في الحياة هو المال حتى لو كان على حساب آخرين، تحولوا إلى نخاسين، يبيعون ويشترون في البشر وأعضائهم مستغلين حاجتهم وعوزهم، خاصة الأطفال منهم، حيث استغلوا براءتهم في التسول وجني المال من ورائهم، هؤلاء الجناة أو البعض منهم لم يكتفوا باستغلال الاطفال في التسول فقط فالبعض منهم تاجروا بأعضائهم بكل خسة ونذالة، في السطور التالية نستعرض ما جاء في بعض القضايا والتى نظرتها دائرة محكمة جنايات القاهرة والخاصة بنظر قضايا  الإتجار بالبشر برئاسة المستشار محمد الجندى وعضوية كل من المستشارين ايمن عبد الخالد، ومحمد احمد صبري يوسف.

 

تزعمت العصابة في تلك القضية سيدة تدعى عفاف، وكان الذراع الأيمن لها شاب يدعى سيد قررا الاثنان استدراج اطفال الشوارع الذين لا مأوى لهم بعد ايهامهم بتوفير مكان ليعيشون فيه، وبمجرد أن يحكموا قبضتهم عليهم يجبرونهم على السرقة والتسول ومن يرفض من هؤلاء الاطفال يتعرض للضرب والعنف، استطاع الاثنان احتجاز 7 أطفال في احدى الشقق بمساكن المحمودية، كانوا يظنون انهم سيتمادون في جريمتهم لكنهم سقطوا في ايدى رجال المباحث وبرفقتهم 7 أطفال تتراوح اعمارهم مابين 12 و 16 عاما، وبتفتيش الوكر عثر رجال المباحث على العديد من كراتين بكر الخيط وجراكن زيت السيارات وكراتين البيض وبعض الاشياء الاخرى، وبمواجهتهم بها اعترفوا بسرقتها، واعترف الصبية الصغار انهم سرقوا تلك الأشياء من على متن سيارات البضائع.

 

وقد اعترف احد الاطفال انه كان بحاجة كبيرة إلى المال ومكان يعيش فيه وتعرف على المتهمة الاولى عن طريق احد الاشخاص في السوق، فكان يسرق كراتين الخضار والفاكهة ويبيعها لها بخمسين جنيها، واحيانا كان يأتي معه المتهم الثاني، الذي يقوم بقيادة الدراجة البخارية ويتم نقل البضائع عليها، فيما اعترف المجنى عليه الثالث؛ بأنه كان يقفز على السيارات ويسرق حمولتها ويعطيها لـ»ام محشي»، كما اكد ذلك بقية الاطفال وذكروا أن المتهمة الاولى كانت تقف ليلا بسوق العبور لتجميع المسروقات منهم.

 

المتهمون تم القبض عليهم بعد ورود تحريات رجال المباحث بتعدد سرقات البضائع من الاسواق بنفس الاسلوب، ليتم القبض على المتهمين وإحالتهم للنيابة العامة بعد أن وجهت لهم اتهامات الإتجار في البشر لتتم إحالتهم إلى محكمة الجنايات التى اصدرت حكمها بالسجن ست سنوات وتغريمهم مبلغ 100 ألف جنيه.

 

مخدرات واغتصاب 

المتهمان في القضية الثانية في نهاية الثلاثين من عمرهما، قررا استغلال  اطفال الشوارع مستغلين حالة ضعفهم حيث قاما بإجبارهم على التسول واستجداء المارة والسرقة بهدف الحصول على ربح مادى بعد القيام بالتعدى عليهم بالضرب وكذلك هتك عرضهم مستغلين صغر اعمارهم بعد وقوعهم تحت تأثير المواد المخدرة التى كانوا يقدماها لهم وكذلك حالة الخوف التى كانوا يتعرضون لها.

 

وشهد المجنى عليهم والتى تراوحت اعمارهم مابين الـ 12 والـ16 عاما بأن المتهمين اجبرا المجنى عليهم والذين بلغ عددهم 8 اطفال على القيام بالتسول وكانا يتحصلان على الاموال كرها عنهم تحت تهديد السلاح وانهما قاما بهتك عرضهم اكثر من مرة في احدى الحدائق العامة بعد اقتيادهم لها وتكبيلهم حتى ينتهيان من الاعتداء عليهم، وجاء تقرير الطب الشرعي ليؤكد رواية الاطفال المجنى عليهم، وبتقديم المتهمين للمحاكمة اصدرت حكمها بسجنهما سبع سنوات وتغريمهما مبلغ 100 ألف جنيه.

 

بيع كلية

 ومن استغلال الاطفال في السرقة والتسول إلى الإتجار في اعضائهم حيث تلقت نجدة الطفل بلاغا من احد الاطفال ويدعى محمد يبلغ من العمر 17 عاما والذى اكد انه تم استدراجه من قبل احد الاطفال والذى استغل احتياجه للمال كونه ليس له مأوى، واقنعه ببيع كليته مقابل 15 ألف جنيه وقام بتسليمه للمتهمة الرابعة في القضية وشهرتها «ام جنا» وزوجها واحتجزوه بشقة سكنية بمنطقة عين شمس وأجروا الفحوصات الطبية له ثم سلموه للمتهم الاول ويدعى «التليانى» ونظرًا لصغر سن المجنى عليه استخرجوا بطاقة مزورة له ليحرر بها محضرا للتبرع وبعدها اصطحبوه بعد أن قاموا بتعصيب عينيه، ومكث في المستشفى ثلاثة ايام وهناك تم استئصال الكلية اليمنى، وبعد العملية وتعافيه بشكل جزئي قاموا بتعصيب عينيه ونقله في سيارة إلى محطة قطار رمسيس واعطوه المبلغ المتفق عليه إلا أنه شعر بالإعياء والتعب مما جعله يتقدم بالبلاغ، ليتم القبض على المتهمين جميعًا وتقديمهم للمحاكمة والتى اصدرت حكمها بالسجن المشدد7 سنوات للمتهمين وتغريم كل منهم 100 ألف جنيه.

 

تزوير في أوراق رسمية

بداية وقوع عصابة  الإتجار في الاعضاء البشرية في الجيزة كانت ببلاغ من مكتب توثيق الجيزة بحضور المجنى عليه «س.ع» لعمل إقرار بالتبرع باحدى كليتيه لـ «ا.ع»  في احدى المستشفيات الخاصة وللتصديق على الإقرار قدم بطاقة شخصية بنزع غلافها تبين احتمالية تزويرها، وعلى الفور انتقل مقدم من مباحث الأموال العامة إلى مكتب توثيق الجيزة وتقابل مع المجنى عليه «س.ج» واطلع على بطاقة الرقم القومى المشكوك فى صحتها وبسؤاله قرر بأنه تقابل مع شخص وهو المتهم الاول في القضية ويدعى «س.ع» وهو الذى منحه تلك البطاقة بعد أن تقابل معه فى موقف سيارات اوسيم وطلب منه التبرع بكليته مقابل 20 ألف جنيه، وطلب منه بطاقة الرقم القومى الخاصة به ثم اعطاه البطاقة المتحفظ عليها بعد تغيير تاريخ الميلاد حتى يصبح عمره  21 بدلا من 17 عاما لكون شرط من شروط التبرع أن يكون سن المتبرع واحد وعشرون عامًا، وذلك لاستخدامها فى مكتب التوثيق واضاف؛ أن المتهم الثانى «ن.س» هو مندوب من قبل المتهم الاول ومكلف بإنهاء الإجراءات الخاصة بالتبرع وعمل الفحوصات الطبية للمجنى عليه وبقيام ضابط الواقعة بتفتيشة عثر معه على مبلغ ألف وستون جنيها وبمواجهته بالمبلغ المضبوط قرر انها مصاريف التنقلات تحصل عليها من المتهم الاول لتوصيل الضحية للمستشفي.

لتصدر المحكمة حكمها  على سماسرة الاعضاء بالسجن عشر سنوات وتغريم كل منهم 100 الف جنيه.

 

حقوق الطفل

وعن الإتجار بالأطفال واستغلالهم جنسيًا اكد مصدر قضائي قائلا؛ ان القانون وضع عقوبات لجرائم استغلال الأطفال، سواء كان بالإتجار أو الاستغلال الجنسى، حيث نصت المادة (291) على انه يحظر المساس بحق الطفل وحمايته من الاتجار به أو الاستغلال الجنسى أو التجارى أو الاقتصادى، أو استخدامه فى الأبحاث والتجارب العلمية ويكون للطفل الحق فى توعيته وتمكينه من مجابهة هذه المخاطر.

 

ويعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتى ألف جنيه كل من باع طفلًا أو اشتراه أو عرضه للبيع، وكذلك من سلمه أو تسلمه أو نقله باعتباره رقيقًا، أو استغله جنسيًا أو تجاريًا، أو استخدمه فى العمل القسرى، أو فى غير ذلك من الأغراض غير المشروعة، ولو وقعت الجريمة فى الخارج.

 

ويعاقب أيضًا  بذات العقوبة من سهل فعلًا من الأفعال المذكورة فى الفقرة السابقة أو حرض عليه ولو لم تقع الجريمة بناءً على ذلك ومع عدم الإخلال بأحكام المادة (116 مكررًا) من قانون الطفل، تضاعف العقوبة إذا ارتكبت من قبل جماعة إجرامية منظمة عبر الحدود الوطنية

فيما أكد أيضا أن قضايا الإتجار في الاعضاء البشرية يتوافر فيها الظروف المشددة نظرًا لارتكابها من اكثر من شخص وهو ما يفسره القانون بالجريمة المنظمة، كذلك لانه ينتج عن الجريمة عاهة مستديمة وهو نقل الكلى من المجنى عليه وهنا قد تصل العقوبة إلى السجن المؤبد، مضيفًا أن بعض المتهمين في تلك القضايا بعد خروجهم من السجن يعودون إلى ممارسة نشاطهم الإجرامي مرة اخرى، وانه تلاحظ أن بعض الكشافين «السماسرة» باعوا كليتهم في البداية ومن بعدها سلكوا هذا المسلك الاجرامي في استقطاب آخرين.