«قصر الأبلق» تحفة معمارية إسلامية نادرة بقلعة صلاح الدين

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تزخر القاهرة بالعديد من الآثار الإسلامية والمصرية والقصور الأثرية ومن بين هذه القصور قصر الأبلق وهو بقايا قصر وليس قصرا، غير أنه كان يوما ما قصرا. وهو مبنى أثري يحمل رقم 459 بسجلات الآثار الإسلامية بالمجلس الأعلى للآثار. ويقع داخل قلعة صلاح الدين. بالقاهرة.

يقول الباحث الأثري د. حسين دقيل أن قصر الأبلق تم إنشاؤه في عصر الملك (الناصر محمد بن قلاوون)، عام (713/714هـ - 1314م) أي منذ أكثر من 7 قرون.

كان (قصر الأبلق) تحفة معمارية إسلامية نادرة، بل واعتُبر حينها من أعظم أبنية عصره، حيث جمع له (السلطان الناصر محمد بن قلاوون) مهرة الصناع في البناء والزخرفة من مصر والشام، وبدأ العمل به عام 713 من الهجرة وتم اكتماله عام 714. 

وكان القصر قبل اندثاره يقع في الجهة الغربية من القلعة، حيث المكان الواقع على يمين الداخل من البوابة الوسطى للقلعة على الساحة التي بها جامع محمد علي. ولم تتبق منه الآن؛ غير بعض العقود الضخام.

أما عن سبب تسميته بالأبلق؛ فهو أن واجهاته بُنيت بمداميك من الحجر باللونين الأبيض والأسود بالتبادل. حيث إن من معاني كلمة أبلق في اللغة؛ هو ما في لونه سواد وبياض.

ويشير د. دقيل إلى أن القصر ورد في كتابات العديد من المؤرخين، فقد ذكر (ابن خلدون) في تاريخه أن الناصر محمد بن قلاوون بنى عمائر كثيرة منها القصر الأبلق بالقاهرة، فقال: "ثم أمر سنة أربع عشرة (714هـ) ببناء القصر الأبلق من قصور الملك، فجاء من أفخر المصانع الملوكيَّة".

أما (ابن تغري بردي) فقد ذكر في كتابه (النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة) أن الناصر محمد بن قلاوون ابتدأ في بناء القصر الأبلق سنة (713هـ/1313م)، وانتهى منه في رجب من العام نفسه. وأضاف أن (الناصر محمد بن قلاوون) أراد من بناء القصر الأبلق في القاهرة "أن يُحاكي به قصر الملك الظاهر بيبرس البندقداري الذي بظاهر دمشق، واستدعى له صناع دمشق وصنَّاع مصر، حتى كمل وأنشأ بجانبه جنينة، وقد ذهبت تلك الجنينة كما ذهب غيرها من المحاسن".!!

وقد أورد تقى الدين المقريزي في كتابه (المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار)، قصر الأبلق، فقال: "القصر الأبلق: هذا القصر يُشرف على الإصطبل، أنشأه الملك الناصر محمد بن قلاون في شعبان سنة ثلاث عشرة وسبعمائة (713هـ)، وانتهت عمارته في سنة أربع عشرة (714هـ)، وأنشأ بجواره جنينة، ولمـَّا كمل عمل فيه سماطًا حضره الأمراء وأهل الدولة، ثُمَّ أفيضت عليهم الخلع، وحمل إلى كلِّ أميرٍ من أمراء المئين ومقدِّمي الألوف ألف دينار، ولكلٍّ من مقدِّمي الحلقة خمسمائة درهم، ولكلٍّ من أمراء الطبلخاناه عشرة آلاف درهم فضَّة، عنها خمسمائة دينار، فبلغت النفقة على هذا المهم خمسمائة ألف ألف درهم وخمسمائة ألف درهم. 

وقد قيل في هذا القصر الكثير من الشعر، منه ما قاله (الشيخ صدر الدين محمد بن عمر بن مكي بن عبد الصمد) يمتدح (السلطان الناصر محمد قلاوون) بقصيدة عندما فرغ من عمارة القصر، ومنه: 
لَوْلَاكَ يَا خَيْرَ مَنْ يَمْشِي عَلَى قَدَمٍ *** خَابَ الرَّجَاءُ وَمَاتَتْ سُنَّةُ الْكَرَمِ
ومنه:
بَنَيْتَ دَارًا قَضَى بِالسَّعْدِ طَالِعُهَا *** قَامَتْ لِهَيْبَتِهَا الدُّنْيَا عَلَى قَدَمِ

وتقع بقايا هذا القصر الآن في المكان المحصور بين مسجد محمد علي وقصر الجوهرة علي الجانب الغربي لمنحدر جبل القلعة، ويتكون من ويتكون ما من جزء علوي مكشوف، يقع في الجهة الغربية، ويتم الوصول إليه عن طريق سلم، وينقسم إلى جزءين مختلفين في المنسوب، بينهما سور، ويوجد انهيار في جزءٍ من الأرضية، كما توجد بعض الحوائط المبنية حديثا‏. أمّا الجزء الأوسط للقصر فيتم الوصول إليه أيضا عبر سلّم حلزوني. أما الجزء الثالث فيوجد بجوار قصر الجوهرة، ويقع معظمه أسفل مسجد محمد علي، ويتكون الجزء السفلي من جزءين يحتاج أحدهما إلى عملية استكشاف‏.‏

وقد قام المجلس الأعلى للآثار بالعمل على ترميمه عام 2003م، في إطار خطة لإنقاذ وتنمية منطقة القلعة‏.

 

اقرأ أيضا: قبة الأميرة رقية حليم.. إبداع فني بصحراء قرافة المماليك